قصفت إسرائيل غزة خلال الليل قبل هجوم بري محتمل على حماس، فيما ندد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالهجوم المباغت للجماعة الفلسطينية المسلحة ووصفه بأنه “شر مطلق” وأصدر تحذيرا يستهدف على ما يبدو داعميها الإيرانيين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عدد القتلى في إسرائيل وصل إلى 1200 قتيل وأكثر من 2700 مصاب جراء الهجوم الذي نفذه مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مدى ساعات بعد اختراق السياج المحيط بغزة يوم السبت.
وذكر مسؤولون فلسطينيون أن الضربات التي شنتها إسرائيل ردا على الهجوم أدت إلى استشهاد 1055 شخصا وإصابة 5184 آخرين في القطاع المحاصر .
وتوعدت إسرائيل بعاقب سريع بعد أكثر هجوم يشنه مسلحون فلسطينيون دموية في تاريخها.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرات من طائراته المقاتلة قصفت أكثر من 200 هدف خلال الليل في حي بمدينة غزة قال إن حماس استخدمته لشن موجة غير مسبوقة من الهجمات.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت متحدثا للجنود قرب السياج الحدودي مع غزة أمس الثلاثاء “حماس تريد تغييرا وستحصل عليه. فما كان في غزة لن يكون موجودا بعد الآن”.
وأضاف “بدأنا الهجوم من الجو، وسنأتي لاحقا من البر أيضا”.
ومع الإرهاق الذي حل بعمال الإنقاذ الفلسطينيين، انضم آخرون في القطاع الساحلي المكتظ بالسكان إلى عملية البحث عن الجثث تحت الأنقاض.
وقال رجل يبكي بينما كان يستخدم هو وآخرون المصابيح الكاشفة على سلالم مبنى ضربته الصواريخ للعثور على أي شخص محاصر “كنت نائما هنا عندما انهار المنزل فوقي”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت ما لا يقل عن 1000 مسلح فلسطيني تسللوا من غزة.
وفي مؤشر أخر على اتساع الأزمة، استهدف القصف الإسرائيلي بلدات في جنوب لبنان بعد هجوم صاروخي شنته جماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران.
وأغلب القتلى الإسرائيليين من المدنيين الذين لقوا حتفهم بالرصاص في المنازل أو الشوارع أو في حفل راقص في الهواء الطلق. وأُسر عشرات الإسرائيليين وآخرون من جنسيات أخرى واقتادهم المسلحون إلى غزة، وظهر بعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء عرضهم في الشوارع. وقال الجانبان إن كثيرا من النساء والأطفال كانوا من بين القتلى والجرحى.
وقالت إسرائيل إنها تكثف توزيع الأسلحة على من يحملون تراخيص حيازتها، متوقعة مواجهات بين الأقلية العربية والأغلبية اليهودية وسط دعوات لمزيد من الاحتجاجات دعما للفلسطينيين في غزة.
مخاطر
وينطوي الهجوم البري على مخاطر بالنسبة لإسرائيل، خاصة على الرهائن المحتجزين في قطاع غزة الضيق المكتظ بالسكان والذي تسيطر عليه حماس. وهددت الحركة بإعدام أسير مقابل كل منزل يتعرض للقصف دون سابق إنذار.
وقالت مصادر فلسطينية إن أحد المنازل التي تعرضت للقصف يعود لوالد محمد الضيف، زعيم الجناح العسكري لحركة حماس والعقل المدبر للهجوم.
وسحبت إسرائيل قواتها من غزة عام 2005 بعد 38 عاما من الاحتلال. ومنذ سيطرة حماس على السلطة في القطاع عام 2007، فرضت إسرائيل حصارا عليه، مما سبب ظروفا لسكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يقول الفلسطينيون إنها غير محتملة.
وقالت واشنطن إنها تجري محادثات مع إسرائيل ومصر بشأن فكرة إنشاء ممر آمن للمدنيين من غزة في ظل نقص الإمدادات الغذائية ونفاد الوقود.
ووقع إطلاق نار عبر الحدود من لبنان لليوم الرابع على التوالي وسقطت المزيد من القذائف التي أطلقت من الأراضي السورية في مناطق مفتوحة في إسرائيل أمس الثلاثاء.
وقال المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس “لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت القوات المسلحة السورية هي التي أطلقت هذه الصواريخ، أو أي من الميليشيات الإيرانية العديدة الموجودة التي يرحب بها النظام السوري أو حزب الله أو أي فصيل آخر”.
ردود الفعل العالمية
وفي البيت الأبيض، وصف بايدن هجمات حماس بأنها “شر مطلق”. وقال إن واشنطن تسارع بتقديم مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل، بما في ذلك الذخيرة والصواريخ الاعتراضية لدعم نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي.
ودعا إسرائيل إلى اتباع “قوانين الحرب” في ردها وقال إن الولايات المتحدة عززت وجودها في المنطقة من خلال تحريك مجموعة حاملة طائرات وطائرات مقاتلة.
وأردف “دعوني أقول مرة أخرى لأي دولة، وأي منظمة، وأي شخص يفكر في الاستفادة من الوضع، لدي كلمة واحدة: لا تفعلوا ذلك”، في إشارة واضحة إلى إيران ووكلائها في المنطقة.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إنه ليس لديهم أدلة على أن إيران دبرت الهجمات، لكنهم يشيرون إلى دعم طهران طويل الأمد لحماس.
ودعا خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إلى خروج مظاهرات في أنحاء العالم العربي يوم الجمعة دعما للفلسطينيين.
ودعا مشعل، الذي يشغل حاليا منصب رئيس مكتب حماس في الخارج، في بيان مسجل اطلعت عليه رويترز، إلى النزول إلى “الميادين والساحات في الشارع العربي والإسلامي… في جمعة طوفان الأقصى”.
ومع وقوف إسرائيل على أهبة الاستعداد للحرب، اقترب الائتلاف اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعماء المعارضة من تشكيل حكومة وحدة طارئة.
وسارعت دول من بينها فيجي وكوريا الجنوبية والدنمرك وجمهورية التشيك وكندا لإجلاء مواطنيها من إسرائيل، الذين تقطعت بهم السبل بعد أن ألغت شركات طيران كبرى رحلاتها.
لا يوجد مكان آمن
أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن غارات جوية إسرائيلية قصفت منازل في مدينة غزة ومدينة خان يونس الجنوبية وفي مخيم البريج للاجئين وسط غزة.
ونشد سكان المساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالوا إن العديد من المباني انهارت، مما أدى في بعض الأحيان إلى محاصرة ما يصل إلى 50 شخصا داخلها، ولم يتمكن عمال الإنقاذ من الوصول إليهم.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 180 ألفا من سكان غزة أصبحوا بلا مأوى، وتجمع الكثير منهم في الشوارع أو في المدارس.
وفي مشرحة مستشفى خان يونس بغزة أمس الثلاثاء، وضعت الجثث على محفات على الأرض فيما كتبت الأسماء على بطونها. ودعا المسعفون الأقارب إلى الإسراع بأخذ الجثث لأنه لم يعد هناك مكان للمزيد.
وأصيب مبنى بلدية أثناء استخدامه ملجأ للطوارئ. وتحدث ناجون هناك عن سقوط العديد من القتلى.
وقال علاء أبو طير (35 عاما)، الذي لجأ إلى المبنى مع عائلته بعد فراره من عبسان الكبيرة بالقرب من الحدود “لا يوجد مكان آمن في غزة، كما ترون فإنهم يضربون كل مكان”.
وذكرت وزارة الخارجية الفلسطينية إن الضربات الإسرائيلية دمرت منذ يوم السبت أكثر من 22600 وحدة سكنية وعشر منشآت صحية وألحقت أضرارا بما يصل إلى 48 مدرسة.
وكتب المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور في رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس الثلاثاء اطلعت عليها رويترز “مثل هذا الإذلال الصارخ ومحاولات إخضاع شعب بالقنابل واستخدام التجويع كوسيلة للحرب والقضاء على وجوده الوطني لا يمكن وصفه سوى بالإبادة الجماعية”.
واندلع العنف أيضا في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية المحتلة، حيث يقول مسؤولون إن 21 فلسطينيا قتلوا وأصيب 130 في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية منذ يوم السبت