أثارت دعوة رسمية أرسلتها الهند إلى الوفود المشاركة في قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في 9 و 10 سبتمبر الجاري، ضجة واسعة بشأن اسم البلاد.
وورد في رسالة الدعوة وصف رئيسة البلاد دروبادي مورمو بأنها “رئيسة بهارات” بدلا من “رئيسة الهند”، ما أثار تكهنات بأن الحكومة تخطط لتغيير اسم البلاد.
وفي السياق، نشر متحدث حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي الحاكم دعوة تخص زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى إندونيسيا، والتي تشير إليه على أنه “رئيس وزراء بهارات”.
وبحسب دستور الهند، يوجد اسمان رسميان للدولة وهما “الهند” والكلمة السنسكريتية “بهارات”، لكن الدولة معروفة عالميا بالاسم الأول.
وتحظى هذه الخطوة بدعم قوي من مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا، الذين يؤكدون أن كلمة “الهند” تم طرحها خلال حقبة الاستعمار البريطاني ويعتبرونها “رمزا للعبودية”.
كما أعاد الحزب الحاكم بالفعل تسمية مدن وأماكن مختلفة كانت مرتبطة بالفترتين المغولية والاستعمارية.
وفي 2022، تمت إعادة تسمية الحديقة المغولية الشهيرة في القصر الرئاسي (راشتراباتي بهافان) إلى اسم “أمريت أوديان”، وهو ما اعتبره النقاد محاولة لمحو تاريخ المغول المسلمين الذين حكموا المنطقة لنحو 300 عام من التاريخ الهندي.
مخاوف سياسية
يرى رشيد كيدواي، الباحث الزائر في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، مقرها دلهي، أن “المخاوف السياسية والانتخابية تعد عاملا رئيسيا في قضية تغيير اسم الهند إلى بهارات”.
وفي جويلية الماضي، شكل أكثر من عشرين حزبا معارضا “التحالف الهندي الوطني التنموي الشامل”، المعروف اختصارا باسم “إينديا”، بهدف مواجهة حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات البرلمانية في العام المقبل.
ومنذ ذلك الحين، كشف مسؤولو الحزب الحاكم عن نيتهم تغيير اسم البلاد.
ويعتقد كيدواي أن هذا يثبت أن مودي “يشعر بضغط شديد” من المعارضة، ويعكس “خوف حزب بهاراتيا جاناتا” بشأن الانتخابات المقبلة.
وأضاف كيداوي للأناضول: “كان الحزب يدعي أن مودي لا غنى عنه، ولكنه بدأ يشعر للمرة الأولى أن التهديد من كتلة المعارضة حقيقي، ولهذا السبب يخطط لتغيير اسم البلاد إلى بهارات”.
ومؤخرا، دعت الحكومة الهندية إلى عقد جلسة برلمانية خاصة في الفترة بين 18 و22 سبتمبر الجاري، لكنها لم تعلن عن جدول أعمالها، ما يزيد من التكهنات بأنها ستستخدم الجلسة لإعادة تسمية البلاد.
لكن بعض المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم وزير الإعلام أروناج ثاكور، رفض الفكرة ووصفوها بأنها “شائعات” تنشرها المعارضة.
حكومة لا تحترم القانون
من جهتها، قالت روب ريكا فيرما، أستاذة الفلسفة والنائبة السابقة لرئيس جامعة لكناو، إن “الجدل متأصل في التعصب الذي أظهرته حكومة مودي في جوانب مختلفة”.
وأضافت للأناضول أن الحكومة “لا يهمها الدستور ولا القانون ولا السلام بين الناس”.
وتابعت: “شهدنا تجاهلا مستمرا للدستور والقوانين، فإذا أصدرت المحكمة العليا أمرا لا يعجب الحكومة، يتم تغييره”.
وأردفت: “أعتقد أن التحالف الذي شكلته المعارضة، دفع الحزب الحاكم إلى إزالة اسم الهند”.
اسم عالمي
وبصرف النظر عن توجهات مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا، فإن التغيير المحتمل لاسم الهند إلى “بهارات” وجد تأييدا من الناس من مختلف الأوساط.
وأشاد فيريندر سيهواج، لاعب الكريكيت المتقاعد، بالفكرة على منصة “إكس” قائلا: “الهند اسم أطلقه البريطانيون، وقد طال انتظارنا لاستعادة اسمنا الأصلي بهارات”.
وفي جابالبور (مدينة تقع في ولاية “ماديا براديش” وسط البلاد)، قال محامي المحكمة العليا سيدهارث جوبتا، للأناضول، إن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم “يريد أن يخبر الناس بالاسم الأصلي للبلاد”.
من جانبه، قال شاشي ثارور النائب عن حزب المؤتمر المعارض، إنه “لا يوجد مانع دستوري على تسمية الهند ببهارات، وهو أحد الاسمين الرسميين للبلاد”.
وأضاف عبر حسابه في منصة “إكس”: “آمل ألا تكون الحكومة على مستوى من الحماقة إلى حد الاستغناء تماما عن اسم الهند الذي يتمتع بقيمة تجارية لا تحصى تراكمت على مدى قرون”.
وأوضح أنه “يجب أن نستمر في استخدام الاسمين بدلا من التخلي عن اسم تفوح منه رائحة التاريخ، وهو الاسم المعترف به في جميع أنحاء العالم”.