بعد لقاءات ومباحثات متكررة، توصلت تونس والاتحاد الأوروبي إلى التوقيع، في 16 جويلية الجاري، على مذكرة تفاهم حول “الشراكة الاستراتيجية والشّاملة” بين الجانبين في عدة مجالات، بينها تعزيز التجارة ومكافحة الهجرة غير النظامية.
ويركز الاتفاق، بحسب بيان حكومي تونسي، وآخر صادر عن المفوضية الأوروبية، على عدة محاور أهمها الهجرة والاقتصاد ومجال الزراعة والتجارة والطاقة والانتقال الرقمي.
الهجرة
سيعمل الطرفان على دعم مقاربة مشتركة في مجال الهجرة، تأخذ بعين الاعتبار فوائد الهجرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتقارب بين الشعوب ومعالجة الأسباب العميقة للهجرة غير النظامية.
وتم الاتفاق على دعم التنمية المستدامة في المناطق المهمشة، والنهوض بالتدريب المهني وتشجيع المبادرات الخاصة.
وأكد الجانبان في هذا الخصوص، على ضرورة مكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية، كأولوية لوضع حد لفقدان أرواح بشرية ودعم الهجرة بطرق قانونية.
وسيعمل الجانب الأوروبي مع تونس، “من أجل رفع الجهوزية ضد تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين في كل من تونس والاتحاد الأوروبي، مع مزيد من التنسيق بهدف تكثيف عمليات البحث والإنقاذ وإدارة الحدود ومجابهة تهريب المواطنين”.
الاقتصاد الكلي
ووفق نص الاتفاق، فإن الاتحاد الأوروبي سيساعد تونس في جهودها من أجل رفع النمو الاقتصادي، عبر صياغة سياسات ملائمة تضعها تونس، وتشمل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.
وستتم مناقشة دخول الاتفاق حيز التنفيذ خلال الربع الثالث 2023، إذ سيرافق الاتحاد الأوروبي هذه الإصلاحات عبر دعم الميزانية بمبلغ سيمنح كاملا خلال العام الجاري، دون تحديد قيمته.
الاقتصاد والتجارة
وفي بند آخر، تطرق الاتفاق إلى مجال الاقتصاد والتجارة، بالتأكيد على دعم التعاون الاقتصادي والتجاري، بتطوير المبادلات التجارية للسلع والخدمات وبناء مناخ أعمال ملائم ومحفز للاستثمار.
ويشدد الاتفاق، على خلق فرص الاستثمار العمومي والشراكة بين القطاعين العام والخاص، خاصة في إطار الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة، في مجالات التنمية والتنافسية والقطاع الخاص .
مجال الفلاحة
وتم في الاتفاق الثنائي التركيز أيضا على مزيد التعاون في المجال الفلاحي (الزّراعي) وضمان الأمن الغذائي لا سيما الحبوب.
كما ستعمل كل من تونس والاتحاد الأوروبي على دعم شراكتهما في مجال التصرف المستدام في المياه، لضمان الوصول إلى مياه شرب ذات جودة.
كذلك، العمل على توفير آليات سقي مستمرة من خلال استخدام مصادر المياه غير التقليدية، على غرار مياه الأمطار والمياه التي يتم معالجتها (بعد التحليل)، وتطوير البنية التحتية الإستراتيجية للتصرف في نقل المياه.
الاقتصاد الدائري
وفي هذا البند، سيعمل الجانبان على دعم التعاون في مجال الانتقال نحو الاقتصاد الدائري، ذي الانبعاث الكربوني الضعيف، والقائم على الاستخدام الناجع للموارد.
والاقتصاد الدائري، نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد، عبر إعادة التصنيع والرسكلة (تدوير النفايات) والتخفيض من انبعاثات النفايات والكربون والتلوث.
الانتقال الرقمي
تم الاتفاق في هذا البند على مزيد التعاون في المجال الرقمي، من خلال الاستفادة من كل فرص التعاون، على غرار تعزيز القدرات والتعاون التكنولوجي وتمويل المشاريع المشتركة، بما يتيح لتونس عبر مشروع الكابل الرقمي البحري “ماد إيزا” الاستفادة من الربط عالي التدفق.
وأنشئ الكابل البحري بتعاون 16 شركة اتصالات عالمية في 27 مارس 2004، حيث تم تركيز 17 محطة دولية في 14 دولة من ضمنها تونس.
وسيتم دراسة إمكانية مشاركة تونس في برنامج أوروبا الرقمية أو في أي مبادرة أوروبية في مجال التجديد والرقمنة عموما.
النقل الجوي
وفي تطرقها لقطاع النّقل الجوي، أكدت الاتفاقية المشتركة على القيام بعملية تقييم لمستوى النقل الجوي، انطلاقا من تونس أو إليها، مع إعطاء البلاد فرصة التأقلم مع سوق تنافسية أكثر فأكثر.
كما سيتم بحث شروط توقيع اتفاق شامل للنقل الجوي لفائدة السياحة.
مجال الاستثمار
سيتم وفق هذا البند تنظيم ندوة دولية حول الاستثمار في تونس، في قطاعات واعدة، وسيعمل الاتحاد الأوروبي على ضمان مشاركة فاعلة للوسط الأوروبي للأعمال في أشغال الندوة والإعداد مسبقا للأنشطة والقطاعات المستهدفة لاقتراحها على المستثمرين.
كما سيتم إطلاق مباحثات تقنية في أقرب وقت ممكن، من أجل التوصل إلى تحديد مفهوم الاستثمار في إطار شراكة، وتسهيل التبادل المباشر، أو عن بعد، مع المستثمرين الأوروبيين، بما يستجيب لتطلعاتهم في القطاعات التي تحددها تونس.
ويبقى الاتحاد الأوروبي مستعدا لإيجاد سبل دعم الجهود التي بذلتها تونس لمكافحة الفقر والبطالة، وارساء الاقتصاد الاجتماعي، كما تم وضعه من خلال برنامج التمكين الاقتصادي.
الانتقال الطاقي الأخضر
سيتم بحسب ما ورد في هذا البند، توقيع شراكة استراتيجية في مجال الطاقة، تدعم النمو الأخضر وخلق فرص العمل، ستساهم لاحقا في دعم مستوى الإنتاج والتزود بالطاقة، ومد المواطن والشركات بالطاقة ذات الانبعاث الكربوني الضعيف بأسعار تنافسية.
كما تنوي تونس والاتحاد الأوروبي، بحث إمكانية تعزيز التعاون على مستوى حلقة التزود بتكنولوجيا الطاقة النظيفة وإنتاج الكهرباء بشكل مفيد للجانبين.
وتم التطرق لمشروع الخط الكهربائي الرابط بين تونس وايطاليا “ألماد”، والاتفاق على الإجراءات الضرورية، وخاصة المتعلقة باستكمال خارطة التمويل، بما يفضي إلى توقيع اتفاق حول منحة من خلال آلية الربط في أوروبا بقيمة 307 ملايين يورو (335 مليون دولار).
وفي جوان الماضي، وقعت تونس ومجموعة البنك الدولي، اتفاق قرض بقيمة 268 مليونا و400 ألف دولار، لتمويل مشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا المعروف باسم “ألماد”.
ومشروع ألماد سيمكن تونس من أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة من خلال ربط شبكة الطاقة التونسية بالشبكة الأوروبية واسعة النطاق من خلال كابل بحري بقدرة 600 ميغاواط.