أثارت قرار المغنية ونجمة مواقع التواصل الاجتماعي في تونس نرمين صفر “تجميد بويضاتها” نقاشا في تونس حيث تطالب نساء بفتح المجال واسعا أمام هذه الممارسة الطبية التي يقتصر الحق في اللجوء إليها على حالات صحية معينة.
وقد شجعت صفر (31 عاما) النساء العازبات اللاتي لا يجدن الوقت الكافي بسبب الدراسة أو العمل، على تجميد بويضاتهن بهدف تحقيق “حلم الأمومة” يوما ما.
ويحصر القانون التونسي حق تجميد البويضات بالنساء المتزوجات أو العازبات اللواتي يخضعن لعلاج أو يتحضرن “للخضوع إلى عمل طبّي من شأنه أن يؤثر” على قدرتهن على الإنجاب، خصوصا العلاجات الكيميائية، وهو ما لا ينطبق على صفر.
وتقوم العملية على استئصال البويضات وتجميدها وتخزينها في النيتروجين السائل لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد بطلب مكتوب من صاحبتها لأجل استعمالها في حمل لاحق.
وأثار موقف صفر الجدل عبر الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام بشأن الحاجة إلى توسيع نطاق القانون المرتبط بهذه الممارسة.
فقد اعتبر بعض النشطاء على الإنترنت أن هذه المسألة ثانوية مقارنة بما تشهده البلاد من أزمة سياسية واقتصادية حادة، فيما شدد آخرون على أهمية الموضوع في دولة عربية رائدة في مجال حقوق المرأة.
وكتبت إحدى الناشطات على الانترنت “للأسف في تونس هناك عقول وقوانين مجمّدة”.
وقالت المدافعة عن حقوق المرأة يسرى فراوس لوكالة فرانس برس إن “نرمين أضفت طابعاً ديموقراطيا على هذا الموضوع الذي نادرا ما طُرح في الماضي في تونس خصوصا وأن المجتمع المدني كان منشغلا بمسائل أخرى”.
وتابعت “بفضل شبكات التواصل الاجتماعي هناك اليوم حرية التعبير للمرأة ومواضيع كانت من المحرّمات وأصبحت تناقَش يشكل ديموقراطي”.
– “قانون محبط” –
ترغب مديرة موقع “أرابيسك” الإخباري الصحافية نعيمة الشرميطي (40 عاما) في تجميد بويضاتها منذ عامين.
وتكشف “لا أجد أي أساس منطقي لهذا القانون المحبط الذي يقصي كل امرأة عزباء تتمتع بصحة جيدة لكن لديها مسؤوليات مهنية وضغوط مالية تدفعها لتأخير مشروع الزواج والحمل”.
كما تأسف الشرميطي “لغياب التعبئة من المجتمع المدني لدفع المشرّع لتعديل هذا القانون الصادر قبل 21 عاما والذي لا يتطابق وتطور المرأة ومسؤولياتها”.
ويقول الدكتور فتحي زهيوة وهو رئيس قسم أمراض النساء ووحدة طفل الأنبوب بالمستشفى الحكومي عزيزة عثمانة في تونس العاصمة والمتخصص في تجميد البويضات “هناك طلب متزايد من النساء العازبات بشكل شبه يومي”.
ويوضح أن الطلب “تزايد خلال الخمس سنوات الأخيرة بسبب تطور المجتمع التونسي حيث يبلغ معدل سنّ الزواج لدى النساء 33 عاما”.
ويتابع الطبيب أن “عملية التجميد مطروحة لأسباب مجتمعية، هي مشكلة حقيقية…لأنّ هناك فارقاً بين العمر البيولوجي الذي يتحكم في سنّ الإنجاب وبين العمر المجتمعي الذي يتحكم في تطور الحياة المهنية”.
– “لا مانع دينياً” –
ويكشف الطبيب أن تجميد البويضات يمثل “15% من إجمالي نشاطنا، ولا يمكن تجاهل ذلك. ومنذ العام 2014 حوالى ألف امرأة جمّدن بويضاتهن وزهاء 80% منهن عازبات”.
ويعتبر أن مراجعة القانون الذي يؤطر المسألة “سهلة ويجب فقط أن تكون هناك رغبة سياسية خاصة وأنه لا مانع في ذلك من قبل رجال الدين”.
وفي تقدير هذا الطبيب الذي شارك في إعداد القانون في العام 2001 أن النص وقع “للأسف ضحية صدوره المبكر”، إذ كان آنذاك متقدما بأشواط مقارنة بدول مجاورة.
وتأمل الشرميطي في أن تكون عملية “مراجعة القانون تحدياً ستكسبه التونسيات”.
ولا يوجد في الجزائر قانون يؤطر هذه الممارسة الطبية التي يُسمح بها للمتزوجات ويتم ذلك في مراكز الإجاب عبر توقيع عقود مع النساء اللاتي يرغبن في ذلك.
أمّا في المغرب، فقد صدر قانون عام 2019 يحصر هذا المسار الطبي بالنساء المتزوجات.
ولا يوجد لهذا الاجراء الطبي أثر في ليبيا.