يُعتبر سيلفيو برلوسكوني الذي توفي الاثنين عن 86 عاماً، “أوّل تيفوزو” (مشجّع) لنادي ميلان الذي أداره على مدى ثلاثة عقود وجعل منه أحد أفضل الأندية في العالم، بفضل تعاقداته مع أفضل نجوم كرة القدم بمبالغ خيالية.
فعلى مدى 31 عاماً من حكم “كافالييري” وهو لقب برلوسكوني، بين عامي 1986 و2017، نجح ميلان الشهير بقميصه الأحمر والأسود (روسّونيري) في حصد 29 لقباً بينها خمسة في دوري أبطال أوروبا و8 في الدوري الإيطالي.
بات ميلان قوى عظمى في عالم كرة القدم في تلك الحقبة باشراف مدرب محنّك هو أريغو ساكي الذي يعتمد اسلوب لعب جميلاً، عندما قاد فريقه الى اللقب القاري مرتين عامي 1989 بالفوز على ستيوا بوخارست الروماني برباعية نظيفة، والعام التالي بفوزه على بنفيكا البرتغالي 1-صفر، او فابيو كابيلو الفائز على برشلونة كرويف برباعية نظيفة في نهائي عام 1994.
ضمّ الفريق في تلك الفترة أبرز لاعبي العالم من الإيطاليين فرانكو باريزي، باولو مالديني وأندريا بيرلو، مروراً بالهولنديين ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك ريكارد، وصولاً إلى نجوم آخرين أمثال الفرنسي جان بيار بابان، الليبيري جورج وياه، الاوكراني أندري شيفتشنكو، البرازيلي رونالدينيو او السويدي زلاتان ابراهيموفيتش.
نجح خوليت وفان باستن ووياه وشيفتشنكو والبرازيلي كاكا في احراز الكرة الذهبية لدى دفاعهم عن ألوان ميلان.
– منافسة برنار تابي –
دفع ميلان ثمن هذه النجاحات. ففي وقت كان اللاعبون غير معتادين على تغيير قمصان أنديتهم كل 3 سنوات، كان برلوسكوني رائداً في عالم أعمال كرة القدم حيث قام بتعاقدات جمّة مقابل مبالغ رنانة كما فعل نظيره في مرسيليا برنار تابي.
بلغت المنافسة بين مرسيليا وميلان الذروة مطلع التسعينيات، قبل أن يلتقي الفريقان وجهاً لوجه في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1993 وكانت الغلبة لمرسيليا برأسية بازيل بولي.
وفي مطلع الألفية الجديدة، أحرز ميلان لقبين جديدين في دوري الأبطال وافلت منه ثالث عندما تقدّم على ليفربول بثلاثية نظيفة في نهائي الشوط الاول عام 2005 في اسطنبول، قبل ان يدرك الفريق الانكليزي التعادل ويحسم النتيجة بركلات الترجيح. لكن ثراء برلوسكوني لم يعد كافياً لجلب أفضل النجوم إلى صفوف فريقه مع دخول رجال أعمال كبار لشراء أندية النخبة في أوروبا وتحديداً من الولايات المتحدة وآسيا والخليج.
بدأ مستوى ميلان بالتراجع تدريجاً ولم يفز بأي لقب محلي أو قاري منذ عام 2011، وهو آخر لقب فاز به عندما كان لا يزال رئيسا له (احرز لقب الدوري عام 2021 أيضاً).
انتهت قصة برلوسكوني الجميلة مع ميلان عام 2017 عندما اشترى رجل اعمال صيني النادي مقابل 700 مليون يورو. كان النادي يرزح تحت ديون طائلة، قبل ان تنتقل ملكيته الى صندوق الاستثمار الاميركي “إليوت” في العام التالي، قبل أن يبيعه بدوره الى صندورق اخر هو “ريدبيرد كابيتال” مقابل 1.2 مليار يورو.
– شراء نادي مونزا –
ولدى رحيله عن ميلان اعترف برلوسكوني بان “الكرة الحديثة تتطلب من أجل المنافسة على أعلى المستويات على الصعيد الأوروبي والعالمي استثمارات كبيرة لا تستطيع عائلة واحدة تحملها”، مشيراً الى انه سيبقى المشجّع الأوّل لميلان بقوله “انه الفريق الذي علّمني والدي ان احبه عندما كنت طفلاً”.
لم يترك برلوسكوني عالم كرة القدم، ففي عام 2018 اشترى نادي مونزا المتواضع القابع في الدرجة الثالثة بهدف قيادته الى الدرجة الأولى. وكما فعل مع ميلان، عيّن ذراعه اليمنى أدريانو غالياني لادارة فريق مسقط رأسه.
نجح النادي بفضل الاستثمارات التي قام مجلس الادارة في تحقيق هدفه في مدى 4 سنوات فقط. فقد صعد مونزا للمرة الأولى في تاريخه إلى دوري الدرجة الأولى مطلع الموسم الفائت وأنهاه في المركز الحادي عشر.
-مومسات للتحفيز-
ولم يعد كثيرون يولون أهمية كبيرة لتصريحات “العجوز” برلوسكوني الرنانة وكان آخرها عندما وعد لاعبي مونزا بـ”حافلة مليئة بالمومسات” في حال فوزهم على أحد الأندية الكبرى في الدوري الإيطالي، بما فيها فريقه القديم ميلان وذلك خلال حديثه في عشاء عيد الميلاد أواخر العام الماضي أمام رعاة ووفد من اللاعبين. قال رئيس الوزراء الإيطالي السابق ممازحًا إنه يريد منح لاعبيه “تحفيزًا إضافيًا” قبل النصف الثاني من الدوري الذي يبدأ في الرابع من جانفي.
قال برلوسكوني في خطاب قوبل بالضحك والتصفيق من الحاضرين وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي “أخبرتهم أنه قريبًا لدينا جوفنتوس وميلان وما إلى ذلك، وإذا تمكنوا من التغلب على أحد تلك الفرق الكبيرة، فسأرسل حافلة مليئة بالمومسات إلى غرفة الملابس”.