يعبر العديد من مهاجري إفريقيا سواحل البحر المتوسط بحثا عن حياة أفضل في أوروبا، لكن المطاف ينتهي ببعضهم إلى أجساد تفارقها الروح، وتعيدها الأمواج إلى شواطئ تونس.
وتزايدت ظاهرة الهجرة غير النظامية خلال الأشهر الأخيرة في تونس، ووصفت منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة الأشهر الثلاثة الأولى من 2023 بأنها “الأكثر قتامة خلال السنوات الست الماضية، بالنسبة للمهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط في قوارب المهربين”.
في ولاية صفاقس (جنوب) حيث تلفظ سواحلها أعدادا كبيرة من جثث المهاجرين من جنسيات إفريقية، دقت السلطات المحلية “جرس إنذار” ينبئ بتجاوز طاقة استيعاب قسم الطب الشرعي للجثث التي يتلقاها المستشفى يوميا.
المتحدث باسم محكمة صفاقس فوزي المصمودي أكد في تصريحات إعلامية سابقة أن “عدد الجثث يفوق طاقة الاستيعاب”، موضحا أن العدد تجاوز الأسبوع الماضي “مئتي جثة بينما طاقة استيعاب المستشفى (الحبيب بورقيبة بصفاقس) لا تتجاوز أربعين أو خمسين في أقصى الحالات وهو ما يخلق مشكلا صحيا”.
سلطات صفاقس المدينة الاقتصادية في تونس، بدأت قبل أيام بدراسة مقترح لإنشاء “مقبرة للغرباء” يتم فيها دفن جثث غرقى المهاجرين غير النظاميين.
وفي انتظار تهيئة هذه المقبرة، لم يبق أمام السلطات المحلية في المدينة، سوى إيجاد حل “مؤقت” ودفن تلك الجثث في “مقابر وقتية” في انتظار نقلها إلى “مقبرة غرباء” وفق ما صرحت به المتحدثة باسم منظمة الهلال الأحمر التونسي بثينة قراقبة لمراسلة الأناضول.
حل مؤقت
شددت بثينة قراقبة إنه “لا يمكن إيجاد حل جذري ونهائي في الوقت الحالي لمشكلة دفن جثث غرقى المهاجرين الأفارقة التي يلفظها البحر”.
وذكرت قراقبة للأناضول، أن هذه المشكلة “تهم عدة دول معنية بقضية الهجرة غير النظامية سواء كانت دول عبور أو وصول من أكبر بلدان العالم ولا يهم تونس فقط، لأن أعداد الضحايا الغرقى يتزايد باستمرار”.
وأضافت: “لا يمكن للدولة التونسية أن تجد حلا بمفردها لهذا الإشكال، بل يجب أن تكون هناك حلول شاملة تنموية واقتصادية ومقاربات تشاركية مع عدة دول معنية بموضوع الهجرة على المدى القريب والمتوسط وحتى البعيد”.
ولفتت إلى أن “الإشكال في تونس لا يعد كارثيا مقارنة بدول عبور أخرى ولكن الموضوع يتطلب رؤية واضحة، والمطمئن أن الحكومة تعمل على هذا المشروع”.
وأكدت قراقبة أنه “تمت حلحلة مشكلة دفن جثث المهاجرين غير النظاميين الأفارقة في الأيام الأخيرة، وتم الاتفاق على دفنهم مؤقتا في أماكن تختارها السلطات المحلية بالتعاون مع كافة الفاعلين في صفاقس إلى حين اختيار مكان آخر لاحقا”.
وأردفت: “تونس وقعت على عديد المعاهدات الدولية، ومن أخلاقنا وواجبنا إكرام ضحايا البحر وغرقى مراكب الهجرة غير النظامية”.
مجهود إنساني
متحدثة الهلال الأحمر التونسي قالت للأناضول إن “اعتبار تونس حارسا للحدود الأوروبية مجانب للصواب”، واصفة ما تقوم به بأنه “عمليات إنقاذ إنسانية”.
وأوضحت أن “وحدات الحرس البحري في تونس لا تخرج إلا في حال وجود نداءات أو رصد استغاثة أو جثث تطفو على البحر أثناء عمل يومي وهي ليست منتشرة في عرض البحر لتقوم بدور الحارس للحدود الأوروبية”.
ولفتت قراقبة إلى أن “لفظ الحارس كلمة أكبر من حجمها بل هو مجهود إنساني كبير تقوم به القوات الأمنية، وليس لدينا من الإمكانيات المادية حتى نكون حارسا للحدود الأوروبية”.
وأشارت إلى أن “منظمة الهلال الأحمر تعمل بتنسيق مستمر مع مؤسسات الدولة الصحية والأمنية، فضلا عن منظمات دولية أخرى على غرار منظمة الهجرة ومفوضية اللاجئين لتقديم الإسعافات الأولية والمساعدات للمهاجرين غير النظاميين”.
وجرت في تونس قبل أيام، مباحثات لتعميق الشراكة في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، خلال لقاء جمع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيفا جوهانسون، مع وزراء الخارجية نبيل عمار، والداخلية كمال الفقيه، والشؤون الاجتماعية مالك الزاهي.