في حي المنار بالعاصمة تونس وعلى مقربة من المركب الجامعي فرحات حشاد، يعج أحد المنازل بالشابات والشبان في حركة دائبة لإعداد إفطار شهي للصائمين المحتاجين في أنحاء عديدة من العاصمة تونس.
المنزل تبرعت به إحدى المحسنات التونسيات ليتحول إلى “قاعدة” لإعداد الطعام يؤمه عشرات الشبان، بحسب منسق المبادرة الشاب محمد صالح السوسي لوكالة الأناضول.
عند دخول المنزل، تجد مجموعات شباب متحلقة حول طاولات عديدة هذه مجموعة تعد السلطة وأخرى تقطع التفاح والفراولة وغيرها من الغلال ومجموعة ثالثة تساعد في إعداد أطباق الأرز.
مبادرة فردية
صاحب المبادرة، محمد صالح السويسي، قال إن المجتمعين هنا ليسوا في إطار جمعية أو ما شابه بل هي مبادرة فردية بالتعاون مع أصدقائه وأصدقاء أصدقائه وشبكته وكل شخص يأتي للقيام بدوره وهذا اجبنا”.
وأضاف السويسي الذي كان يتحدث للأناضول في باحة المنزل المطبخ “هذه المبادرة في موسمها الثالث وقد انطلقت في الموجة الثانية للكوفيد عام 2021 “.
وتابع “في العادة كنا نفرق السلال الغذائية على الناس ولكن رأينا أن البعض ليس لهم أين يطبخون، لا أواني ولا ثلاجات لوضع اللحوم والخضروات فجاءت الفكرة أن نطبخ لهم ونسلمهم الأطباق مع الغروب”.
يواصل السويسي ” بدأنا بإعداد 50 وجبة الى أن وصلنا اليوم الى 650 وجبة نسلمها لأصحابها..”.
الشباب أغلبية
وحول ما لاحظه مراسل الأناضول من أن أغلب المتطوعين في إعداد وجبات الصائمين من الشباب قال السويسي “معدل الحضور هنا 120 شخصا أغلبهم من الشباب “.
وأضاف “نحن نقوم بجمع المساعدات، هناك من يعطي أموالا وهناك من يعطي مواد غذائية من الشباب ومن والديهم ومن أصدقائنا ومن مختلف الولايات ولنا الآن دقلة ( نوعية تمور تونسية جيدة) هدية من قبلي وفراولة من نابل”.
” هناك متطوعون من فلاحين ومواطنين عاديين فمثلما يعطي الطالب يعطي 10 دنانير ( نحو ثلاثة دولار) وغيرهم يعطي أكثر وهكذا تتجمع المساعدات ومن ليس له مال يعطي جهده كما ترى هنا”، يؤكد السوسي.
ويتابع السوسي “هناك من يطبخ في منزله بعض الأكلات التي يعرف بها رمضان مثل “البريك” ويأتي بها هنا ونحن نسلمها إلى المحتاجين في أماكنهم.”
دون مأوى .. نزلاء مستشفيات.. مسافرون
ويقول السويسي ” نحن نحاول أن نساعد جميع الأصناف مثل الذين ليس لهم مأوى وأشخاص في منازلهم يدلنا عليهم جيرانهم، عائلات ليس لها مال ولا تقدر على مواجهة مصاريف شهر رمضان كما نذهب للمستشفيات للأشخاص الذين يوجدون في أقسام الطوارئ مثل مستشفيات الرابطة وشارل نيكول وبن عرس .”
وأضاف “كما نستهدف من تتعطب سيارته في الطريق وقت الإفطار والطلبة واللاجئين.”
وأكد السوسي أن ” اللاجئين ضيوف في تونس هربوا من بلدانهم من الحرب وغيرها من المشاكل والضيف نفرح به”.
وقال السويسي “لنا أصدقاء يدرسون في الكليات مثل كلية العلوم بتونس ( قريب من المنزل / المطبخ) يدلوننا على زملائهم الأفارقة الذين يقطنون في أحياء قريبة من المركب الجامعي المنار وحتى أبعد من ذلك وغيرهم ونحن نسلم لهم الفطار في مواقعهم”..
فرحة ودموع
ميسون قربع سنة ثانية ماجستير بكلية العلوم كانت تشارك في إعداد الطعام قالت أنها تشارك للمرة الثانية في “لمة شقان الفطر” (لقاء الإفطار).
وأضاف قربع في تصريحات للأناضول “هذا جهد ممتاز يجعلك تحس بالمحتاجين وتشعر بأنك تقدم خدمة لهم وعند توزيع الأكل ترى كيف يعيش من لا مأوى لهم الذين يسكنون الشارع وكيف يفرحون بالطبق الذي نقدمهم لهم والدموع في أعينهم “.
وبدت قربع متحمسة لهذا العمل الخيري بالقول “لو أعيدت هذا المبادرة لشاركت فيها …”
وتحدثت قربع عن التحاقها بالمبادرة بالقول “أنا تواصلت مع صالح للحضور فرحب بي وقال لي إن المنزل مفتوح للجميع”.
ووجهت قربع دعوة للشباب التونسي “ليس للانضمام لنا فقط بل يقومون بمبادرات مماثلة في أماكن أخرى ليس العاصمة فقط”.
وعندما تم تجهيز الأطباق المحمولة انقسمت مجموعة المتطوعين إلى فرق متعددة تمتطي كل فرقة مجموعة من السيارات المتوجهة إلى أماكن مختلفة من العاصمة تونس..”.