سأحدثكم اليوم عن إفريقيا «الشهيدة»، أو بالأصح إفريقيا «الفريسة».. الشهيدة بطعنات أبنائها والفريسة التي تنهشها ضباع صيادي الغرب «الكافر» بنعمة القارة السمراء عليه وعلى غيره.. سأحدثكم عن إفريقيا «اليتيمة» في كرة القدم في غياب توماس سانكارا وكوامي نكروما وسيكو توري في قمصان وتبابين..
سأحدثكم عن مؤامرات محامي الشيطان والدمية وتاجر البندقية التي سيدفع ثمنها شمال القارة عاجلا أو آجلا..
أما محامي الشيطان فهو طبعا المحامي السويسري الإيطالي جياني إينفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يتلاعب كيفما يشتهي بالدمية التي وضعتها الأقدار بين يديه، دمية فاخرة اسمها باتريس موتسيبي، تسمع عنها الأسطاير حول إمبراطورية التعدين والمناجم وسلطة المال ومصاهرة رئيس جنوب إفريقيا ولكن لا ترى منها إلا السمع والطاعة والإذعان لمحرّكها المحامي الذي تسلل في يوم مشؤوم فجلس على عرش الفيفا ومن يومها تتوالى المصائئب فرادى وجماعات على دماغ القارة وكرة القارة بمباركة من الدمية وأتباعها.
«النموذج الثوري»
يتلاعب إينفانتينو بدميته موتسيبي كيفما يشتهي ولعبته الحالية هي «السوبر ليغ»، تلك المسابقة التي أراد تمريرها في أوروبا فتلقّى صفعة على قفاه من شدة وقعها وألمها جاء يجري إلى إفريقيا لأنه يعرف أنه سيلقى الصدر الحنون الذي سيمسح دموعه ويخفف آلامه ويبث فيه جرعة أمل جديدة.
جاء إينفانتينو مهرولا إلى إفريقيا مستغلا فرصة كأس إفريقيا للأمم في الكاميرون من أجل تمرير مشروع «السوبر ليغ» الذي فشل في أوروبا ولكن سيجد في إفريقا دمية تمرّره. ولكن للدمية حساباتها وحلفاؤها..
قدم محامي الشيطان مشروعه للدمية فعرضها على تاجر البندقية مويز كاتومبي رئيس نادي مازيمبي الكنغولي فأضاف تعديلاته التي يبدو أن ستذبح منطقة شمال إفريقيا من الوريد إلى الوريد.
يصف المحامي ودميته ومن ورائهم تاجر البندقية مشروع «السوبر ليغ» بأنه «النموذج الثوري» الذي سيضاعف القيمة الاعتبارية وخاصة المادية لمسابقة دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم، ولكن الثلاثي نسي أو تناسى أن المشروع الجديد سيكون «نموذج العار» بامتياز..
«نموذج العار»
يطرح المشروع مقاربة مضحكة فهو يضع أندية شمال إفريقيا (التي سيطرت بالطول والعرض على دوري أبطال إفريقيا طيلة العقود الثلاثة) في وعاء واحد في «السوبر ليغ» من أجل مقعدين فقط لا غير في الدور الثاني. في المقابل ستتمتع أندية غرب وشرف إفريقيا التي لم تفز بلقب واحد في «الشامبيونزليغ» طيلة العقد الماضي بمقعدين كذلك. وهو نفس الأمر لأندية جنوب إفريقيا التي ستنال مقعدين في الدور الثاني فقط من أجل عيون الدمية باتريس موتسيبي. وكل هذا طبعا لا يمكن أن يكون سوى «نموذج العار» لجماعة ديدنها التمييز السلبي ضد شمال إفريقيا والجهل التام بواقع كرة القدم الإفريقية.
هو «نموذج العار» الذي أعدّه محامي الشيطان في غرفة باردة في زوريخ بعيدا عن شمس إفريقيا الدافئة دون أن يضع في اعتباره أن نفس الصدفة التي أتت به إلى الفيفا ستعصف به عاجلا أو آجلا ، وحينها لن تفيده دميته موتسيبي ولا تاجر البندقية مويز ولا حتى «طواحين الريح» من رؤساء اتحادات إفريقيا ال 54 الذين تتحكم فيه ريح الهوى ومنهم وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم.
يظن تاجر البندقية مويز كاتومبي أن تعديلاته ستقضي على حظوظ كبار شمال إفريقيا مثل الترجي الرياضي التونسي والأهلي المصري والوداد المغربي ولكنه نسي هو والدمية موتسيبي ومحرّكها إينفانتينو أن ال 22 مبارة التي سيلعبها من يصل إلى نهائي «السوبر ليغ» عوضا عن ال 13 مباراة التي كان يلعبها من يصل إلى نهائي دوري الأبطال لن تسمح لمحامي الشيطان بتمرير مشروعه الأهم والأعز لجيبه وجيوب الممولين وهو مونديال كل سنتين فالروزنامة لن تتحمل ضغط هذا المشروع المبني على الأوهام والذي رفضته أوروبا فوجد له سماسرة في إفريقيا القارة «الشهيدة» و«الفريسة»..
الدمية تكذب الكذبة وتصدقها
يفاخر الدمية باتريس موتسيبي بتكرار أن إفريقيا والكاف لها حرية الإرادة المستقلة ولكنه ينسى أن الكاتب العام للكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم ليس إلا فيرون موسينغو أومبا صاحب الجنسية المزدوجة (سويسري كونغولي) وهو في الوقت نفسه صديق الدراسة ورفيق الدرب لإينفانتينو رئيس الفيفا.
يكذب موتسيبي الكذبة ويصدقها ويريد إيهام الحمقي والمغفلين من «بني وي وي» أنه يقود اتحادا قاريا وهيكلا رياضيا مستقل الإرادة والقرار ولكن الحقيقة غير هذا تماما.
في الختام ليس هذا المقال دفاعا عن أندية شمال إفريقيا ضد مؤامرات الدمية التي يحركها محامي الشيطان ويبرمجها تاجر البندقية ولكنه دفاع بحت ىوصريح بلا مواربة عن حق إفريقيا في أن تقرر مصيرها بنفسها دون أي تدخل خارجي مباشر أو بواسطة العملاء.