أعرب الرئيس التونسي قيس سعيّد اليوم الخميس عن أوضح رفض من جانبه لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قائلا إنه يرفض “الإملاءات”، محذرا من أنه لن يجازف بتهديد السلم الأهلي في البلاد.
وتوصلت تونس، التي تعاني أزمة مالية هي الأسوأ وتقول مؤسسات تصنيف ائتماني إنها تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها، العام الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
ومع ذلك، تعثر التوصل لاتفاق نهائي منذ عدة أشهر وسط دعوات دولية لتونس لبدء إصلاحات فورية تشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض فاتورة الأجور العامة.
وردا على أسئلة صحفيين بشأن البديل عن إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قال سعيّد “التونسيون يجب أن يعتمدوا على أنفسهم”.
وذكر سعيّد أن تونس شهدت احتجاجات دامية عام 1983، عندما رفض التونسيون قطع الدعم بعد أن رفعت الحكومة سعر الخبز آنذاك.
وتراجعت سندات العملة الصعبة الصادرة عن تونس بنحو 4.6 سنت بعد رفض سعيد شروط برنامج متعثر قيمته 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
وأظهرت بيانات تريدويب أن الإصدارات التونسية المقومة باليورو تعرضت لأكبر انخفاض، إذ تراجعت السندات المستحقة في فيفري 2024 إلى ما يزيد قليلا عن 67 سنتا لليورو، وهو أدنى مستوى منذ ستة أشهر.
خيارات صعبة
قال سعيّد للصحفيين في مدينة المنستير في ذكرى وفاة الرئيس الأول للبلاد الحبيب بورقيبة “لا لن أسمع الكلام… السلم الأهلي ليس لعبة”.
وتناقض تصريحات سعيّد موقف أعضاء حكومته الذين قالوا إنه لا بديل عن الاتفاق مع الصندوق. وكان وزير الاقتصاد سمير سعيد كرر أن تونس لا خيار لها سوى الاتفاق مع صندوق النقد وأنه لا خطة “ب” لديها.
ووفقا لميزانية 2023، تعتزم تونس خفض نفقات الدعم بنسبة 26.4 بالمئة إلى 8.8 مليار دينار (2.89 مليار دولار).
لكن حتى الآن، لم ترفع الحكومة أسعار الوقود هذا العام على عكس ما خطط سابقا فيما يبدو انه سعي لتجنب الغضب الشعبي مع وصول التضخم 10.3 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ أربعة عقود.
وسيطر سعيّد على معظم السلطات في عام 2021، وأغلق لاحقا البرلمان، وعين حكومة جديدة وانتقل إلى الحكم بمراسيم، وهي خطوات قال إنها ضرورية لإنهاء سنوات من الفوضى والفساد بين النخبة السياسية. ووصفت المعارضة خطواته بأنها انقلاب.
وألقى سعيّد باللوم في مشاكل تونس الاقتصادية على الفساد خلال السنوات الماضية ورفض ما اعتبره تدخلا أجنبيا.
ومع توقف محادثات الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي منذ شهور، طالبت الولايات المتحدة وفرنسا، من بين دول أخرى، بإصلاحات بعيدة المدى من أجل صرف الأموال. لكن إيطاليا تقول إنه يتعين دعم تونس بسرعة لتجنب حدوث انهيار مالي.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الشهر الماضي إن أوروبا تخاطر برؤية موجة ضخمة من المهاجرين تصل إلى شواطئها من شمال إفريقيا إذا لم يتم ضمان الاستقرار المالي في تونس.