يستعد الصينيون في أنحاء العالم للترحيب بعام النمر. ووفقا للتقويم القمري التقليدي، يبدأ العام الجديد منتصف ليل الاثنين/الثلاثاء بتوقيت بكين (1600 بتوقيت غرينتش) .
ويأتي عام النمر بعد انتهاء عام الثور. ويرمز النمر، وهو الثالث في الترتيب بين 12 حيوانا يمثلون الأبراج الفلكية في الأساطير الصينية، إلى الطاقة والقيادة.
ويخيم الوباء على مهرجان الأسرة التقليدي في الصين هذا العام مرة أخرى. ولن يتمكن الكثيرون من زيارة أقاربهم بسبب تشديد قيود السفر في الآونة الأخيرة بسبب فيروس كورونا.
وتتوقع وزارة النقل في بكين تسجيل ما يصل إلى 18ر1 مليار رحلة خلال موسم احتفالات العام الجديد الذي يستمر خمسة أسابيع – بزيادة بنسبة الثلث تقريبا عن العام الماضي، ولكن أقل بكثير من تسجيل ما يقرب من 3 مليارات رحلة في عام.
العام الجديد في ديارهم
هذا ومنعت الجائحة المدرّسة في شنغهاي تشين هاينان من العودة إلى مسقط رأسها خلال العطلتين الماضيتين للاحتفال بالعام القمري الجديد، لكن هذه المرة، حتى المخاوف من الفيروس وفحوص كوفيد-19 المتكررة، لن تردعها.
تحتاج تشين (30 عاما) إلى الخضوع لفحص كوفيد خمس مرات لتتمكن من القيام برحلة ذهاب وإياب إلى ديارها في مقاطعة تشجيانغ (شرق).
وقالت فيما تستعد للمغادرة من محطة شنغهاي الرئيسية المزدحمة “لم أكن أخطط للعودة إلى الديار هذا العام أيضا. لكن بعدما فكرّت في أنني لم أزرها منذ عامين، قررت هذا العام أن أتغلب على كل الصعوبات”.
من بين كل الاضطرابات التي سببتها الجائحة، يسبب عدم القدرة على العودة إلى الديار للاحتفال بحلول العام الجديد، معاناة لعدد كبير من سكان هذا البلد الذي تمكن من السيطرة على الوباء إلى حد كبير.
في الأوقات العادية، يستقل مئات الملايين من الأشخاص (عمّال مهاجرون وطلاب وموظفون…) الحافلات والقطارات والطائرات بداية كل عام، في أكبر هجرة بشرية سنوية في العالم.
وهذه العطلة المعروفة باللغة الصينية باسم “مهرجان الربيع”، هي الأهم في الصين وغالبا ما تكون الفرصة الوحيدة كل عام أمام العمال لرؤية أزواجهم أو زوجاتهم أو أهاليهم أو أطفالهم.
“رد فعل قوي”
لكن الوباء الذي ظهر في مدينة ووهان أواخر 2019، أفسد عطلة العام 2020 وكان عدد المسافرين خلال عطلة 2021 أقل من نصف العدد المعتاد بسبب الخوف الذي يثيره كوفيد.
هذا العام، تنصح السلطات الصينية مواطنيها بعدم السفر فيما تشهد البلاد ارتفاعا في عدد الإصابات بكوفيد بسبب المتحورة أوميكرون ويتم اتخاذ تدابير صارمة لمكافحته في كل أنحاء الصين بهدف تجنب أن تصبح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين المقررة من 4 فيفري إلى 20 منه، حدثا ناشرا للوباء.
وتطلب بعض الحكومات المحلية من السكان التزام أماكنهم فيما تقدم المناطق الصناعية الساحلية للعمال المهاجرين إغراءات مالية لعدم السفر كما فرضت فحوص متكررة وتدابير تقييدية أخرى، إلا أن ذلك كله لم يشكل رادعا.
مع حلول عام النمر الثلاثاء، تشير تقارير إخبارية إلى أن حجوزات السفر انتعشت هذا العام، وأن آلاف المسافرين يمرون عبر محطة قطار شنغهاي يوميا.
ويشكل ذلك معضلة للحكومة التي دائما ما تخشى اضطرابات اجتماعية محتملة بين سكانها.
في مؤتمر صحافي حول فيروس كورونا عقدته لجنة الصحة الوطنية السبت، انتقد مسؤولون الإجراءات التقييدية الصارمة على المستوى المحلي.
وقال الناطق باسم اللجنة مي فينغ “ما زالت بعض الأماكن لا تسمح للأشخاص من المناطق المنخفضة الخطورة بالعودة إلى الديار، ما يجبرهم على دفع تكاليف الحجر الصحي المركزي. هذا يثير رد فعل قويا من العامة”.
وطلبت اللجنة من السلطات المحلية عدم “منع الناس بشكل تعسفي” من العودة إلى ديارهم “حتى يتسنى للسكان تمضية مهرجان ربيع بصحة وسعادة وبشكل سلمي”.
شوق إلى الديار
لكنّ كثرا من سكان بكين لن يتمكنوا من السفر إلى الديار.
فبسبب دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقررة في المدينة، قد يواجه سكان العاصمة الضغط الأكبر لعدم مغادرتها، بالإضافة إلى عدم يقين بشأن موعد السماح لهم بالعودة إليها.
وقالت جوانا فينغ، وهي مهندسة معمارية أصلها من ووهان “سنبقى في بكين خلال العطلة لأننا نخشى من أن نمنع من دخول المدينة في حال وجود إصابات بالفيروس في ديارنا”. وأضافت “بالطبع يحب الأجداد رؤية أحفادهم في العام الجديد، لكننا سنسافر بعد العطلة”.
وأشار ناطق باسم منصة السفر الصينية الرائدة “سي تريب” الأسبوع الماضي إلى أن بيانات الشركة أظهرت أن “رحلات الإقامة القصيرة الأجل” والرحلات القصيرة، كانت أكثر أنواع الحجز شيوعا هذا العام.
بالنسبة إلى هوانغ جينان وهو عامل مصنع يبلغ 18 عاما في شنغهاي، فالكيل قد طفح. فهو لم يذهب إلى دياره في مقاطعة خنان (وسط) العام الماضي ولا يريد أن تمر عطلة أخرى دون رؤية جدته.
وقال “أريد العودة إلى الديار لأنه لا يوجد مكان آخر أذهب إليه”.