في ملّتي واعتقادي، أن إصدار الجامعة التونسية لكرة القدم للتقرير الطبي الشامل الخاص بتحاليل اللاعبين وأعضاء الإطار الفني هو لعمري أهم ألف مرة من الإعلان عن المكالمة الهاتفية التي جمعت بين كمال دقيش وزير الرياضة ووديع الجريء. ذلك أن جمهور الرياضة في تونس بل الغالبية العظمى من التونسيين يهمهم الاطمئنان على الحالة الصحية لنسور قرطاج ومدى جاهزيتهم لمباراة ربع نهائي كأس إفريقيا للأمم ضد بوركينا فاسو السبت المقبل، ولا يعنيهم بتاتا “طرح” الشطرنج السياسي، بكل ما يتضمنه من نفاق متبادل،الذي بدأه دقيش والجريء منذ أشهر.
ورغم خضوع لاعبي المنتخب التونسي اليوم لاختبارات كوفيد-19 التي يجريها المخبر المعتمد من الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم قبل 48 ساعة من موعد كل مباراة في هذه البطولة القارية، فإن الجامعة التونسية اكتفت لحد كتابة هذه الأسطر بإعلامنا بأن مسحة تحليل محمد أمين بن حميدة كانت سلبية. في المقابل بادرت جامعة بورركينا فاسو منافسنا السبت المقبل بإعلان نتائج مسحات كل لاعبيها والتي كانت كلها سلبية وكذلك الأمر بالنسبة لجامعة غامبيا التي تواجه الكاميرون في نفس يوم مبارتنا ضد خيول بوركينا.
واكتفاء الجامعة التونسية بإعلان نتيجة مسحة بن حميدة يفتح الباب أمام كل التأويلات في ما يخص محمد علي بن رمضان الذي يقبع في العزل في نفس الفندق في دوالا منذ أيام طويلة، ويفتح أيضا باب التكهنات في ما يخص نتيجة تحاليل علي العابدي وعيسى العيدوني ومنتصر الطالبي، بل يفتح أيضا باب الشائعات في ما يخص نتيجة تحليل غيلان الشعلالي، هذا دون الحديث عن تحاليل الدكتور سهيل الشملي طبيب المنتخب ومنذر الكبير مدرب النسور وبقية أعضاء الطاقمين الفني والطبي المصابين بفيروس كورونا.
ويجب التذكير في هذا الإطار بأن نتائج تحاليل كوفيد-19 ليست معلومة يجب على الصحافي البحث عنها والكشف عنها للمتلقي (القارئ والمستمع والمشاهد) بل هي تقارير طبية تستند على نتائج علمية لا يجب أن تصدر إلا عن هيكل رسمي وهو الجامعة التونسية لكرة القدم أو الكنفدرالية الإفريقية، بمعنى أن امتلاك المعلومة في هذا الصدد لا يتيح للصحافي المحترم لضوابط المهنة كشفها دون إصدار تقرير رسمي من الجهتين يدعمها.
وحتى لا نعطي للمسألة أكثر من حجمها، نكتفي بإسداء النصيحة للجماعة في الجامعة، إن كان فيهم من يقبل النصيحة، بالتعامل بأكثر جدية وشفافية مع نتائج تحاليل الوفد التونسي في هذه البطولة الإفريقية وغيرها من المنافسات المقبلة، أولا لأن رئيس الجامعة هو نفسه رئيس اللجنة الطبية للكاف وفي نفس الوقت عضو اللجنة التنفيذية للهيكل القاري لذا فالشفافية والوضوح محمول على الجامعة التونسية أكثر حتى من نظيراتها، وثانيا لأن الإصابة بفيروس كورونا، هذه الجائحة التي أرّقت مضاجع الناس من الهند إلى السند وفي الشرق والغرب منذ سنتين، ليست فضيحة يجب التستر عليها ولا عيبا يستحسن مداراته.
شفى الله المرضى وحفظ المعافين والمتعافين وهدانا جميعا للصواب في القول والفعل وسائر الأمر.