أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس الإثنين أنّ نسبة الإقبال على التصويت في الدورة الثانية للانتخابات التشريعية التي جرت الأحد بلغت 11.4% وفقاً للأرقام النهائية.
وبذلك يكون حوالى 90% من الناخبين قد عزفوا عن المشاركة في هذا الاستحقاق، في أعلى نسبة امتناع عن التصويت منذ ثورة 2011.
وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي إنّ “895.002 ناخب” أدلوا بأصواتهم من أصل 7.85 ملايين ناخب مسجّل، أي ما نسبته 11.4% (مقابل 11.3% أعلنها بوعسكر مساء الأحد على أساس أرقام غير نهائية).
لكنّ بوعسكر قال إنّ النسبة ترتفع إلى 14.6% إذ ما قيست على أساس “الناخبين المسجّلين طوعاً” في القوائم الانتخابية، أي 5.8 ملايين شخص، في حين أنّ البقية تمّ تسجيلهم تلقائياً بمجرد بلوغهم السنّ القانونية للانتخاب وهي 18 عاماً.
وهذه أضعف نسبة تصويت منذ بداية الانتقال الديموقراطي في 2011 بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وتعتبر نسبة المشاركة الهزيلة هذه مؤشراً سلبياً لمشروع الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 2021.
ونشرت الهيئة الإثنين أسماء الفائزين في كلّ دائرة انتخابية، لكنّ تكوين صورة عن توجّه البرلمان الجديد أمر غاية في الصعوبة ذلك أنّ المرشّحين – غير المعروفين للجمهور في غالبيتهم – مُنعوا من المجاهرة بانتماءاتهم السياسية.
وعزا خبراء ضعف الإقبال إلى عوامل عدّة أبرزها قرار أحزاب المعارضة مقاطعة الانتخابات، وعدم اهتمام المواطنين عموماً بالسياسة في ظلّ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد.
ومثّلت هذه الانتخابات المرحلة الأخيرة من خريطة طريق فرضها الرئيس قيس سعيّد وأبرز ملامحها إرساء نظام رئاسي معزّز على غرار ما كان عليه الوضع قبل ثورة 2011.
وكانت “جبهة الخلاص الوطني”، أكبر الكتل المعارضة في تونس، دعت الأحد مختلف الأحزاب والمنظمات الاجتماعية الى توحيد موقفها من أجل “رحيل” الرئيس قيس سعيّد وتنظيم انتخابات مبكرة.
وتفرّد سعيّد بالسلطة في 25 جويلية 2021 بتجميده أعمال البرلمان ثمّ حلّه، وبإقراره دستوراً جديداً إثر استفتاء نظّم في الصيف الفائت وأنهى النظام السياسي القائم منذ 2014.
وبرّر سعيّد الإجراءات الاستثنائية التي اتّخذها آنذاك بتعطّل عجلة الدولة بسبب صراعات حادّة بين الكتل السياسيّة في البرلمان.
وسيكون للمجلس النيابي الجديد عدد قليل جداً من الصلاحيات، إذ لا يمكنه على سبيل المثال عزل الرئيس ولا مساءلته. ويتمتّع الرئيس بالأولوية في اقتراح مشاريع القوانين.
ولا يشترط الدستور الجديد أن تنال الحكومة التي يُعيّنها الرئيس ثقة البرلمان.
ويترافق الغليان السياسي في تونس مع مأزق اقتصادي فاقمه تعثّر المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو ملياري دولار.
ومن أبرز تجلّيات الأزمة الاقتصادية تباطؤ النموّ إلى أقل من 3%، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15%، وارتفاع معدلات الفقر الذي دفع العام الماضي 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحراً نحو إيطاليا بشكل غير قانوني.