خرج الملايين من المشجعين للترحيب بالمنتخب الأرجنتيني، بطل مونديال قطر 2022 بقيادة أسطورته ليونيل ميسي، إلا أنّ معظمهم أصيبوا بخيبة بعد اإيقاف مسار الحافلة المخصصة للمناسبة والتي تنقل اللاعبين بسبب الحشود الهائلة، والاستعاضة عنها بجولة بالمروحية نُظمت على عجل.
وهتفت حشود كبيرة من المشجعين الفرحين بأبطالهم الثلاثاء طوال مسار العرض الذي يبلغ طوله 30 كيلومترًا من إحدى ضواحي بوينس آيرس إلى وسط العاصمة – لكنّ ذلك أدى إلى تقدم بطيء جدا للحافلة.
استمرت الحافلة في الزحف لحوالى 5 ساعات حيث احتفلت الجماهير بالفوز المثير لمنتخبها بركلات الترجيح على فرنسا في نهائي كأس العالم، قبل اتخاذ قرار استبدال الحافلة بهليكوبتر.
وقال مصدر حكومي إن ما يقدر بخمسة إلى ستة ملايين شخص احتشدوا على الطرقات لمواكبة ابطال المنتخب.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة غابرييلا سيروتي على تويتر “كان من المستحيل الاستمرار على الأرض بسبب الزحف الشعبي”.
هذه الخطوة حرمت العديد من المشجعين، ومن بينهم اكبر حشد على الاطلاق الى جانب المسلّة أي النصب التذكاري أوبيليسك في وسط بوينس آيرس الذين انتظروا لساعات طويلة من اجل رؤية الابطال.
وقالت مارتا أكوستا، 35 عامًا، التي سافرت إلى المدينة من إحدى الضواحي الجنوبية في الساعة 5:00 صباحًا “أنا حزينة بعض الشيء لأننا لم نتمكن من رؤيتهم”.
– مسؤولية الأمن –
وألقى كلاوديو تابيا رئيس الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم باللوم على الشرطة لقرار التخلي عن مسيرة النصر.
وقال تابيا على تويتر “إنهم لا يسمحون لنا بالذهاب وتحية كل الناس حول أوبيليسك”.
وأضاف “نفس الأجهزة الأمنية التي رافقتنا لا تسمح لنا بالاستمرار. أوجّه آلاف الاعتذارات باسم جميع اللاعبين الأبطال. إنه لأمر مخز”.
وخيّم العديد من المحتفلين الذين يرتدون قمصان المنتخب الارجنتيني باللونين الأزرق والأبيض ويحملون الأعلام ويغنون ويرقصون ويطلقون الألعاب النارية، طوال الليل لحجز مكانهم على طول مسار العرض.
لكن بعد ثلاث ساعات من الموكب، بالكاد تمكنت الحافلة من التقدم لاكثر من ثلث المسار المخطط.
في النهاية، اتُخذ القرار بوقف مسار الحافلة.
وقالت الشرطة إن ميسي والمدرب ليونيل سكالوني ولاعب الوسط رودريغو دي بول أخذوا معهم كأس العالم في رحلة بطائرة هليكوبتر فوق مواقع العرض الرئيسية، بما فيها المسلّة.
ثم استقل ميسي ولاعب الجناح أنخل دي ماريا طائرة خاصة إلى مسقط رأسهما في روزاريو، إلى جانب المهاجم باولو ديبالا.
وقال مصور لوكالة فرانس برس إن ميسي ودي ماريا استقلا مروحية أخرى لنقلهما إلى حي خاص حيث يقطنان، فيما واصل ديبالا طريقه إلى مسقط رأسه في قرطبة.
بالعودة إلى بوينس آيرس، واصل الكثيرون الاحتفال، لكن بالنسبة لبعض المشجعين، كان تقليص مسار الحافلة أمرًا لا مفر منه.
وأعرب رومان غارسيا (38 عاما) لوكالة فرانس برس “فقط من لا يعرف ما تعنيه كرة القدم للشعب الأرجنتيني هو الذي يعتقد أن هذا غير ممكن”.
وأظهرت لقطات تلفزيونية رجلَين يحاولان القفز من جسر إلى حافلة اللاعبين. نجح أحدهما لكن الآخر أخطأ وسقط أرضًا وسط حشد من الناس.
وشهد مراسلو فرانس برس أنه مع حلول المساء، اندلعت اشتباكات طفيفة بين المشجعين – وبعضهم كان مخمورًا – والشرطة التي تحركت لإخلاء مجموعة صغيرة اقتحمت المنطقة المحيطة بالمنطقة الموازية للمسلّة.
وتخلل الاشتباكات إلقاء الحجارة وإطلاق الرصاص المطاطي.
وقالت شبكة “تي إن” إن 13 شخصا اعتقلوا وأصيب ثمانية ضباط في الاشتباكات.
ولم تؤكد السلطات هذه الأرقام على الفور. لكن مسؤولي المدينة قالوا في وقت سابق إن 16 شخصا نقلوا إلى المستشفى خلال هذا النهار.
– ميسي يُتوّج مسيرته الأسطورية –
وبعد وصولهم إلى بلادهم من قطر في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أمضى اللاعبون وقتًا قصيرًا للراحة في مركز تدريب الاتحاد الأرجنتيني في ضاحية إيسيسا بالعاصمة.
وأُعلن عن يوم الثلاثاء عطلة رسمية للاحتفالات.
وقال ميسي على مواقع التواصل الاجتماعي “هذه الكأس التي فزنا بها هي أيضا لكل من لم يتمكن من الفوز بها في نهائيات كأس العالم السابقة التي لعبناها مثل البرازيل 2014″، في إشارة إلى المنتخب الذي خسر 1-0 أمام ألمانيا في المباراة النهاية قبل ثماني سنوات.
وفازت الأرجنتين بالمباراة النهائية في قطر 4-2 بركلات الترجيح بعد التعادل في الوقتين الاصلي والاضافي 3-3 لتحرز لقبها العالمي الثالث بعد 1978 و1986.
وسمح ذلك لميسي، 35 عامًا، بالتتويج أخيرًا باللقب المرموق واضافته الى مسيرته الاسطورية، حيث لمع في المواجهة النهائية بتسجيله هدفين، الاول من ركلة جزاء وآخر في الوقت الاضافي.
وتمكن ميسي من تكرار ما فعله سلفه دييغو مارادونا، معبود الجماهير الارجنتينية، والذي قاد البلاد الى لقبها العالمي الثاني بسلسلة من العروض الفردية الرائعة في المكسيك في عام 1986.