هو أصغر مدرب في مونديال قطر لكرة القدم، ولكن في سن الـ 44 عاماً يأمل الأرجنتيني ليونيل سكالوني في أن يثبت أن قلّة خبرته لن تقف عائقاً عندما يواجه الأستاذ الهولندي لويس فان غال الجمعة في دور ربع النهائي.
اختبر تجربة المونديال للمرة الاولى في روسيا 2018 مساعداً للمدرب خورخي سامباولي، وعقب فشل الخروج من دور ثمن النهائي أمام فرنسا 3-4، لم يكن سكالوني الخيار الأوّل لتسلم زمام الأمور الفنية في “ألبيسيليستي”.
ومن دون أي تجربة سابقة مهمة على الصعيد التدريبي، عيّن الاتحاد الأرجنتيني للعبة سكالوني مدرباً موقتاً خلال عملية البحث عن بديل لسامباولي، لكن في النهاية فرض نفسه وحصل على عقد نهائي، تم تجديده أخيراً حتّى عام 2026.
تجاهل المدرب الشاب أولئك الذين شعروا أنه يفتقر إلى المؤهلات لقيادة بطل العالم مرتين (و1978 و1986)، لكن في المقابل توجب عليه نيل أيضاً ثقة اللاعبين.
وبالفعل، بات سكالوني محط تقدير الجميع بعدما أنهى فترة عجاف لـ “راقصي التانغو” استمرت 28 عاماً بالفوز بكوبا أميركا أمام البلد المضيف والعدو اللدود البرازيل 1-صفر.
نجح، حيث فشل كل من دانيال باساريلا، مارسيلو بييلسا، أليخاندرو سابيلا وخيراردو مارتينو، والأبرز الاسطورة الراحل دييغو أرماندو مارادونا الذي تولى تدريب المنتخب لفترة عامين.
قال لاعب الوسط رودريغو دي بول بعد الفوز بكوبا أميركا “في البداية كان هناك قلة ثقة”، مضيفاً “الآن، بامكان سكالوني أن يقنعنا بالقيام بأي شيء”.
وصلت الأرجنتين إلى مونديال قطر في لباس أبرز المرشحين للفوز بكأس العالم بعد سلسلة من 36 مباراة من دون خسارة.
لكن صفعة الخسارة أمام السعودية 1-2 في مستهل مبارياتها في دور المجموعات، باتت كارثة وطنية وكادت تحطّم أحلام الأعظم في التاريخ حسب عشاق الكرة المستديرة، ليونيل ميسي، في رفع كأس العالم للمرة الاولى في مسيرته في خامس مشاركة في النهائيات.
وبدلاً من أن يخاف أو يرتجف، طالب سكالوني الجميع بالهدوء والروية مبدداً القلق في القلوب، بقوله “سنلتقط أنفُسنا ونفوز بالمباراتين (التاليتين)”.
وبالفعل، بثت الأرجنتين الروح في شرايينها مجدداً بفوزين على المكسيك وبولندا بالنتيجة ذاتها 2-صفر، لتتصدر مجموعتها. قبل أن تفوز على أستراليا 2-1 في ثمن النهائي.
-ذكريات قديمة-
ينتظر سكالوني والأرجنتين في التحدي التالي هولندا بإشراف فان غال، المدرب الذي لطالما اعتبره نظيره الأرجنتيني مثله الأعلى عندما كان لاعباً.
قال سكالوني عن فان خال البالغ 71 عاماً “كنت في ديبورتيفو لاكورونيا عندما كان مدرباً لبرشلونة وكان بالفعل شخصية بارزة. أنا فخور بمشاركته والجميع يعلم ما فعله من أجل كرة القدم”.
كان سكالوني لاعباً في ديبورتيفو الذي توج بلقب الدوري الاسباني عام 2000 على حساب برشلونة فان خال.
كما لعب لفترة قصيرة في وست هام الانكليزي وخاض نهائي كأس انكلترا عام 2006 بمواجهة ليفربول بقيادة الملهم لاعب الوسط ستيفن جيرارد الذي قاد فريقه للفوز بركلات الترجيح.
وحصل سكالوني على شرف ارتداء قميص المنتخب الأرجنتيني في 7 مباريات، وشارك في مباراة في مونديال 2006 حيث كان زميل موهبة صاعدة تدعى ميسي.
في قطر، ومع بلوغ ميسي، الفائز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم سبع مرات، سن الـ 36 عاماً، تعيش الأرجنتين على نبض مشاعر جياشة في سباق الفوز بلقب عالمي ثالث، والأول منذ عام 1986.
بعد الخسارة أمام السعودية، انهار مساعد سكالوني لاعب خط الوسط السابق بابلو إيمار وانفجر باكياً خلال الفوز على المكسيك، في حين طالب المدرب الشاب التعامل مع الأمور بمنظار مختلف.
قال “عليك في بعض الاحيان أن تتمتع بتفكير سليم، هي مجرد مباراة لكرة القدم”.
وأضاف “تلقيت رسالة من شقيقي يقول فيها إنه كان يبكي، ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك”، مشدداً “أنا لا أشارك ذلك. يجب أن يفهم اللاعبون أنها مباراة كرة قدم. بخلاف ذلك، فسيكون الأمر كذلك في كل مباراة”.
وأردف “من الصعب أن تجعل الناس يفهمون أن الشمس ستشرق غداً، ان فزت أم لا. ما يهم هو كيف تفعل الأشياء”.
يخفت بريق انجازات سكالوني في مجال التدريب أمام إنجازات فان خال الذي قضى أربعة عقود في بعض أكبر الأندية الأوروبية، لكن الأرجنتيني يأمل في تحقيق نتيجة مماثلة لتلك التي حققها منتخب بلاده عندما التقى “الطواحين” الهولندية في الدور نصف النهائي قبل ثماني سنوات.
حينها، فازت الأرجنتين على هولندا بقيادة فان غال بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي في ساو باولو، في طريقها لخسارة النهائي أمام ألمانيا (صفر-1).
قال سكالوني “ليس رائعاً مثل المنتخبات الهولندية السابقة، لكنهم واضحون جداً بشأن ما يفعلونه”.
وختم قائلاً “ستكون مباراة رائعة بين منتخبين تاريخيين. سيتم إقصاء أحدهما، ونأمل في أن نفوز”.