سياسة

قمة الفرنكوفونية.. أي مكاسب لتونس؟

الدورة 18 لقمة الفرنكوفونية

تحتضن جزيرة جربة في ولاية مدنين جنوب شرقي تونس الدورة 18 لقمة الفرنكوفونية يومي السبت والأحد المقبلين.
وهذا العام ستتناول القمة موضوع “التواصل في إطار التنوع: التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني”.
ومنذ عام 1986، تجمع قمة الفرنكوفونية كل عامين رؤساء الدول والحكومات الناطقة باللغة الفرنسية والمنضوية في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة لويز موشيكيوابو، في تصريحات صحفية الإثنين، إن هذه الدورة ستشهد نجاحا كبيرا بفضل جهود جميع الأطراف في تونس وفي ظل مشاركة عدد مهم من الوفود.
وأضافت أن “ممثلي 88 دولة وحكومة في المنظمة، ثاني أهم كتلة من حيث عدد الأعضاء بعد الأمم المتحدة، سيكونون على أرض جزيرة جربة الجميلة وفي فضاء القرية الفرنكوفونية وما تحتويه من أجنحة”.
وفي البداية، كانت هذه القمة مقررة في جربة يومي 12 و13 ديسمبر 2020، لكنها أُرجأت بسبب جائحة كورونا إلى 20 و21 نوفمبر 2021، قبل أن يتم تأجيلها مجددا إلى نوفمبر 2022.
وخلال لقاء مع وزير الخارجية عثمان الجرندي في 14 نوفمبر الجاري، شدد الرئيس التونسي قيس سعيّد على ضرورة توفير كل الظروف اللازمة لإنجاح هذه التظاهرة الدولية.
وأعلن المنسق الإعلامي للقمة محمد الطرابلسي، في تصريح صحفي الثلاثاء، أن 89 وفدا رسميا للدول والمنظمات الدولية أكدت مشاركتها في قمة جربة.
وأوضح أن 31 رئيس دولة وحكومة و5 نواب رؤساء وزراء وعدد مهم من وزراء الخارجية والوزراء المكلفين بالفرنكوفونية وعدد من وزراء آخرين وسفراء و7 أمناء عامين لمنظمات دولية وإقليمية.
وتتمثل المهام الرئيسية للمنظمة في تعزيز اللغة الفرنسية والتنوع الثقافي واللغوي والسلام والديموقراطية وحقوق الإنسان ودعم التعليم.
جسر انفتاح عالمي
واعتبر وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس أن “القمة تؤكد على أن الخيارات الأساسية التي انطلقت فيها تونس بعد الاستقلال (عن الاستعمار الفرنسي عام 1956) هو عدم التنكر للثقافة واللغة الفرنسية دون أن يكون ذلك على حساب الثقافة الإسلامية والعربية”.
وتابع ونيس في تصريح للأناضول أن “استعمال اللغة الفرنسية يؤكد انفتاح شخصية التونسي ليس عليها فقط وإنما على مختلف ثقافات العالم بما فيها العربية والإنجليزية”.
وأضاف أن “الثقافة الفرنسية قدمت إضافة بناءة استفدنا منها ومن أخوة الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية وحتى دول القارة الأمريكية ليس فقط أوروبا، وهو ما يعزز التعاون الدولي، ولذلك نعتبر أنفسنا في جسر إيجابي وتفتح ثقافي عالمي”.
وأعرب عن أمله “أن لا نكون تحت ضغط واجب الضيافة، بل يجب أن تضطلع القمة بواجبات التقدم في مجال الحقوق والحريات وتحديث المجتمعات والتقدم في مجال الرقمنة عبر الشراكة والتضامن مع الدول الأعضاء في الفرنكوفونية”.
ولفت ونيس إلى أن “اكتساب اللغة الفرنسية في تونس يعود تاريخيا إلى ما قبل الاستعمار، فعدة نخب تونسية أسست حينها المدرسة الصادقية (عام 1875) لتبليغ العلم والمعرفة، ومهدت حينها للمجتمع التونسي التقدم في كسب العلوم وفلسفة الحريات والرقي”.
وأردف: “كما سهلت اللغة التخلص من الاستعمار الفرنسي الذّي حورب بسلاحها وهي اللغة الفرنسية”.
ملفات إقليمية ومشاريع استثمارية
أما الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي فقال للأناضول إن “هذه القمة ستكون مناسبة للتعاطي مع المسائل العالقة والملفات الإقليمية التي يعيش على وقعها العالم هذه الأيام، على غرار الحرب الروسية الأوكرانية وملف الطاقة والمحروقات الذّي يشهد تزايدا يوما بعد آخر”.
ومنذ 24 فيفري الماضي تشن روسيا هجوما عسكريا في جارتها أوكرانيا، ما أضر بقطاعي الوقود والغذاء على مستوى العالم ودفع عواصم عديدة إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو.
وتابع العبيدي أن “القمة ستسمح باللقاءات والاجتماعات بين مسؤولين في أعلى مستوى لتبادل خبرات في مجالات اقتصادية وثقافية”.
وأضاف أنها ستكون فرصة للتفاوض بين تونس وشركائها وتعزيز التعاون وطرح ملفات منها طلب دعم الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية السبع (فرنسا وكندا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا) في ملف الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
وتسعى تونس للحصول على حزمة تمويل من الصندوق، في ظل معاناتها من أزمة اقتصادية زادت حدتها جراء تداعيات جائحة “كورونا” ثم الحرب الروسية الأوكرانية.
وزاد العبيدي بأن “لدى تونس ملفات قد تطرحها تتعلق باستثمارات تسعى إلى إنجازها على غرار ميناء المياه العميقة ومحطات تحلية مياه البحر التي قد تساعد اقتصاد البلاد الذّي يشهد بدوره أزمة حادّة”.
كما اعتبر أن “القمة ستكون فرصة للتلاقي بين وفود وخبراء ورجال أعمال من الدول الفرنكوفونية بما يسمح للأطراف التونسية بربط صلة بهم لتنفيذ مشاريع وأعمال”.
منظمة الفرنكوفونية
ويعود تأسيس المنظمة الدولية للفرنكوفونية إلى 20 مارس 1970 حين وقّعت 21 دولة في نيامي بالنيجر على اتفاقية إنشاء وكالة للتعاون الثقافي والتقني لتعزيز التعاون في الثقافة والتربية والبحث العلمي.
وجاء التأسيس بمبادرة من الرئيس التونسي آنذاك الحبيب بورقيبة ونظيريه السنغالي ليوبولد سيدار سنغور والنيجري حماني ديوري، إضافة إلى أمير كمبوديا نورودوم سيهانوك.
وفي 1998، أُطلق على هذه الوكالة اسم الوكالة الحكومية الدولية للفرنكوفونية، ثم صار اسمها المنظمة الدولية للفرنكوفونية بداية من 2007.
وحتى 2014 كانت المنظمة تضم 80 دولة هي 57 عضوا و23 مراقبا، ثم بدأت تتوسع لتشمل التعاون السلمي والديمقراطية والتنمية المستدامة والاقتصاد والتقنيات الجديدة، فارتفع العدد إلى 88 دولة هي 54 عضوا و7 منتسبين و27 مراقبا.
ويوجد مقر المنظمة في باريس، إضافة إلى 6 مكاتب إقليمية في بورت أو برانس وبوخارست ولومي وليبرفيل وأنتاناناريفو وهانوي، و4 ممثليات دائمة في جنيف وبروكسل وأديس أبابا ونيويورك.

Tagged , , , ,