قضّ يوسف المساكني مجدداً مضاجع التونسيين في رحلة الأمتار الأخيرة لكأس العالم، فاستعادت الجماهير لحظات المشاهد المؤلمة التي عاشها قبل أربع سنوات، بعد تغيبه عن مونديال روسيا لقطع في الرباط الصليبي، لكن ابن منطقة باردو طمأن عشاق نسور قرطاج بعد إصابة أخيرة تعرّض لها مع فريقه العربي القطري في سبتمبر الماضي.
ثبّت يوسف تعافيه، ودخل قائدًا لمنتخب بلاده أمام البرازيل في حديقة الأمراء في مواجهة خسرها التونسيون 1-5.
إذن، كادت الثالثة ألا تصبح ثابتة في رحلة المساكني المونديالية. فبعد الفشل في التأهل إلى مونديال 2014 والإصابة التي لحقت به قبل مونديال 2018، حقق يوسف مراده متأخراً. لكن التأهل هذه المرة لن يكون بوابته للاحتراف الأوروبي، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من خوض تجربة في فرنسا بعد مونديال روسيا.
يقرّ المساكني (32 عاماً) الذي عاش تجربة لم تكتمل عام 2019 معاراً إلى نادي أويبن البلجيكي، ان “الاحتراف في أوروبا الآن بات مستحيلاً!”.
– جذور كروية! –
بكثير من الود والفخر، يتذكر كيف كانت والدته تستيقظ فجراً حتى ترافقه فتىً يافعاً لخوض التمارين “كانت توصلني والدتي. المسكينة كانت تستيقظ باكراً كي لا أذهب بمفردي”.
إلى دور الوالدة المؤثر، كان لوالد يوسف، الدولي السابق منذر المساكني، أثر بالغ “لاحظ عشقي لكرة القدم وممارستي لها خارج المنزل. رأى موهبتي ولم يمنعني عن اللعب بسبب الدراسة”.
منذ الصغر، بدأت موهبة يوسف تظهر مع نادي الملعب التونسي. ناشئ يمتلك كل المواصفات الفنية. يُجيد المراوغة والسرعة والتمركز، ويتمتع بحس تهديفي عال ودهاء في التمريرات العرضية والبينية.
على مستوى المنتخب، انطلقت مسيرته باكراً في الفئات السنية موسم 2007 بمشاركة مضيئة في بطولة العالم للناشئين في كوريا الجنوبية تحت قيادة المدرب ماهر الكنزاري. ولا يزال هدفه الرائع من تسديدة جميلة والمتأخر في كأس أفريقيا 2013 في شباك الجزائر عالقاً في أذهان الكثيرين.
أما لقب «النمس»” فلم يأت من فراغ. يقول عنه المعلق الرياضي أحمد الطيب إنه بأربعة عيون.
– يكره الخسارة –
يكره يوسف الخسارة ولا يتقبلها. فهو المَرح والمُحب للسباحة ولجلسات العائلة في المنزل، يتحوّل إلى شخص صامت تماماً إذا عاد خاسراً. لا يتحدث كثيراً لمدة 24 ساعة، ويكتفي بمشاهدة إعادة المباراة التي خسرها فريقه.
وفيما نشأ في عائلة تضمه إلى ثلاثة أشقاء، بينهم إيهاب لاعب النجم الساحلي، ينظر يوسف بشغف كبير إلى اهتمام ابنتيه خديجة (4 سنوات) وغالية (3 سنوات) بكرة القدم “تحرصان على مشاهدة أهدافي في يوتيوب”. لكن يوسف يردف “لن أفرض عليهما متابعة الكرة”.
ينتظر «النمس» خوض موندياله الأول في قطر التي عَرِف ملاعبها جيداً منذ أن انتقل إلى نادي لخويا (الدحيل حالياً) قادما من الترجي عام 2013 في صفقة وُصفت بـ”الأغلى” بين الأندية العربية مقابل 15 مليون يورو “كل العالم يتكلم الآن عن كأس العالم المقبلة في قطر التي ستكون بمواصفات خاصة، ولا أعتقد أننا رأينا أو سنرى كأس عالم مثلها”.
كان أول من هزّ شباك استاد لوسيل، مضيف نهائي كأس العالم، بهدف في مرمى الريان خلال مباراة تجريبية “أعرف الملاعب جيداً ولعبت عليها كلها وهذه خاصية تميزك عن الآخرين. الجمهور التونسي القادم والمقيم سيتواجد بكثافة وسيؤازر المنتخب”.
يعتبره مدرب تونس جلال القادري “أحد أفضل اللاعبين الذين انجبتهم الملاعب التونسية في آخر 20 سنة”.
تابع “هو موهوب كثيراً ويعرف كيف يؤثّر بشكل إيجابي على زملائه. المنتخب وكل التونسيين يعوّلون عليه خلال المونديال لأنه قادر على صنع الفارق”.
أما الفرنسي ألان جيريس الذي أشرف على تونس في كأس أمم إفريقيا 2019 عندما حلّت رابعة، فيقول “هو لاعب لامع. تقنياً يملك الرؤية وحسّ اللعب. يجب منحه الحرية دون حصره في مركز محدّد”.
– سأعود يوماً –
يعتز يوسف أيضاً بتجربته الغنية مع الترجي (2008-2013) “خرجت من الباب الكبير وسأرجع من الباب الكبير للاعتزال هناك”.
مع الترجي، حقق المساكني أغلى الألقاب أبرزها الثلاثية التاريخية عام 2011 تحت قيادة المدرب نبيل معلول، بإحرازه بطولات الدوري والكأس ودوري أبطال إفريقيا، فضلاً عن مشاركة عالقة بذهنه جيداً في مونديال الأندية باليابان. كما دوّن يوسف اسمه مع الدحيل بخمسة ألقاب، الدوري مرتان والكأس السوبر وكأس ولي العهد.
يتحدّث يوسف (17 هدفاً في 85 مباراة دولية) بشغف كبير عن “الحلم” الذي تحقق في ثالث محاولاته للتأهل إلى المونديال ويؤكد رفضه “الوقاية” خشية تكرار التعرض لإصابة جديدة، “كل شيء مُقدر. الواحد لازم يكون مؤمن بأقدار الله”.