رياضة

شعاع من مارج (8): حتى هذه نريدها قضية‎‎

شعاع من مارج 8

لا أعتقد أن مدرب المنتخب نام ثم استيقظ فوجد أن اللاعب وجدي كشريدة لم يعد يعجبه. لا أعتقد أيضا أنه حكّ رأسه ثم قال لقد تفطنت بعد عامين ونصف إلى أن كشريدة لا يصلح للمنتخب.
هذا اللاعب كان دائما من أولويات منذر الكبير منذ تولى تدريب نسور قرطاج. وهو معجب به جدا وكان دائما يضعه على رأس اختياراته في التشكيلة الأساسية. فضلا عن ذلك فإن ما عرفناه عن كشريدة هو الجدية ورفعة الأخلاق والتفاني في أداء الواجب والعلاقات الجيدة مع كل عناصر المجموعة مما أعطاه مكانة خاصة في قلوب الجميع.
لذلك فإن منطق الأمور يقول إن عدم دعوة كشريدة للمشاركة في دورة الكاميرون لا يمكن أن تكون أسبابه فنية ولا سلوكية.
ولقد كان حريا بكل هذه الأصوات الناحبة التي تريد أن تصنع من عدم دعوة كشريدة إلى المنتخب قضية والتي وصل بها الأمر حد تحريض هذا اللاعب ضد منتخبه وضد مدربه، أن تدوس على زر من أزرار هواتفها الذكية وتبحث وتطلع على ما أكدته الدراسات العلمية حول عودة الرياضي إلى ممارسة نشاطه بعد التعافي من كورونا.. هناك عشرات المقالات لأطباء وعلماء حين نقرؤها سنتأكد من أن دعوة كشريدة للمنتخب لبذل مجهود كبير في دورة مثل كأس إفريقيا للأمم، إن حصلت، فإنها تعتبر جريمة في حق اللاعب قبل غيره.
لن أدخل معكم في التفاصيل التي بإمكانكم الاطلاع عليها ولو أن ذلك يتطلب مجهودا للقراءة التي أصبحت العدو الشرس للإنسانية في هذا الزمن الذي لا أدري كيف أصفه. لكنني سأكتفي بالتذكير أن الإطار الفني والطبي للمنتخب كانت له تجربة مع حمزة المثلوثي وعاينوا وضعه بعد الشفاء من كورونا والذي كان يمنعه منعا كليا من بذل مجهود أكبر مما يتحمله وضعه آنذاك. وبالتالي كانت هناك قناعة باتة من أن كشريدة لن يكون جاهزا للكان وأن أية محاولة للضغط والتسريع في إعداده وتأهيله بدنيا لا يمكن أن تصنف إلا ضمن المجازفة والتلاعب بصحته، فهل هذا هو المطلوب من الإطار الطبي والفني للمنتخب؟
أن يعبث بصحة، بل حياة شاب بمنطق أن الصالح العام اقتضى ذلك؟ أي جريمة هذه التي نطالب باقترافها؟
كشريدة ثبت شفاؤه يوم أمس من كورونا والفترة المتبقية لانطلاق الكان لا تكفي لإعداده وتأهيله للعب الا إذا ما أردنا المجازفة بصحته وتحمل عواقبها. قد يفعل فريقه الإيطالي ذلك ليستنزف منه كل مليم يدفعه له وأتمنى ان لا يفعل. اما توجه الإطار الطبي والفني للمنتخب فلا يمكن الا أن نباركه قائلين لكشريدة:
لن ننسى كيف دست على أحاسيسك وانطلقت لأداء الواجب مع المنتخب وجرح فقدانك لأخيك لم يندمل..
لن ننسى أنك أحد أفضل ابناء جيلك لعبا وسلوكا..
لن نتردد في التأكيد بأنك عنصر مهم للمنتخب وستبقى كذلك..
لكن تلك مشيئة الأقدار التي لا مرد لها، ولتعلم أن عافيتك أهم لنا من ألف بطولة إفريقية..
ابق كما أنت وكما عهدناك جنديا مخلصا على ذمة هذا الوطن الذي كم يحتاج إلى أمثالك. وإلى اللقاء في نجاحات ستأتي بفضل الله قبل غيره..

Tagged , , , ,

About عبد الباقي بن مسعود