تزامنا مع موسم جني الرمان، تزدان مدينة تستور التونسية ذات الأصول الأندلسية هذه الأيام بحلل بهيّة احتفاء بهذه الفاكهة، معلنة الاحتفالات بقدومها.
ومنذ ستة سنوات، دأبت المدينة الواقعة بمحافظة باجة شمال غربي البلاد، على إظهار قيمة ثمار الرمان بتنظيم مهرجان خاص يحتفي بها، يكون قبلة الجميع من كافة أنحاء البلاد وتنشط فيه الحركة الاقتصادية والسياحية.
وامتد مهرجان الرمان بتستور على مدى 5 أيام من 29 أكتوبر إلى غاية 2 نوفمبر الحالي.
ويحلو للبعض وصف ثمار الرمان بأنها فاكهة الشفاء والحب، وذلك نظرا لما تزخر به من فوائد صحية عديدة فضلا عن لونها الأحمر المميز .
حركية سياحية واقتصادية
وفي تصريحات إعلامية سابقة له لدى إشرافه على هذه التظاهرة، أكد وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين “اهمية هذا المهرجان الذى يعرف تطورا من سنة إلى أخرى في تنشيط السياحة البديلة والداخلية وفي تمكين الجهات التي لم تأخذ حظها بالشكل الكافي من التعريف بمخزونها.”
ولفت إلى أنّ “وزارة السياحة تحرص حاليا على تقديم كل اشكال الدعم لهذه المهرجانات”.
وتقول دليلة التباسي وهي صاحبة مزرعة رمان ومحل عصير رمان تقليدي للأناضول : ” الرمان شجرة طيبة لها فوائد صحية ومنافع استشفائية عدة، حتى أنها تعوض بعض الأدوية أحيانا ..”
وتضيف : “هناك أنواع عدة الرمان النابلي (نسبة لولاية نابل ) والقابسي (قابس ) الذّي ينقسم بدوره إلى صنفين أحمر وأبيض والرمان الشملالي والشلفي والزهري ..”
ولفتت التباسي إلى أنّ “المهرجان فرصة لخلق حركة تجارية واقتصادية يتمكن من خلالها أهالي مدينة تستور من عرض وبيع منتجاتهم وكل ما يتم استخراجه من فاكهة الرمان.”
رمان عضوي يغزو السوق العالمية
مراد الحفظي صاحب مزرعة رمان عضوي بتستور يتحدث بدوره عن رمان المنطقة فيقول، إنّ “ضيعات الرمان بالمدينة تمتد على مساحة 1300 هكتار .”
ويضيف الحفظي أنّ “الموريسكيين ولدى قدومهم إلى تونس جلبوا معهم عودا رقيقا من شجرة الرمان غرست بتستور التي تقع على ضفاف وادي مجردة و تأقلمت مع مناخ المنطقة وأثمرت فاكهة هي اليوم تصنف من بين أفضل أنواع الرمان تميزا شكلا ومذاقا .”
ويتابع ” الشجرة وجدت أرضا خصبة وطبقات مياه ومنابع عذبة جعل من مذاقها حلوا وطيّبا.”
ووفقا لمراجع التاريخ فقد عرفت هجرة الموريسكيين (الأندلسيين) إلى المغرب العربي (المغرب، الجزائر، تونس) ثلاث مراحل في القرن 13 والقرن 15 والقرن 17 الميلادي، وبلغ عدد الوافدين منهم على تونس فقط في القرن 17 أكثر من 80 ألف مهاجر، وأغلب الموريسكيين هم من مسلمي شمال إفريقيا، الذين صاحب بعضهم طارق بن زياد عند فتحه لإسبانيا.
ولذلك أمر فيليب الثالث ملك إسبانيا سنة 1609 بعد إعادة سيطرة الإسبان على السّلطة نظرا لضعف السّلطة الإسلامية في ذلك الزّمان، بتهجير كلّ الموريسكيين الذين لم يعتنقوا المسيحية فسكنوا شمال إفريقيا وأقاموا مدينة تستور شمال غربي تونس.
وعلى الرغم من أن محاصيل هذه السنة من الرمان لم تكن كالمعتاد إلا أنّ ذلك لم يفقدها قيمتها، وفق ما يقوله الحفظي .
وأرجع الحفظي نقص المحاصيل إلى شح الموارد المائية والتغيرات المناخية التي تشهدها تونس والاحتباس الحراري حتى أن درجات الحرارة وصلت خلال الفترة التي كانت تهيئ فيها الشجرة نفسها للإثمار إلى غاية 47 درجة”.
ويضيف صاحب المزرعة: “أردنا اليوم الدخول في مجال الزراعات البيولوجية عبر مزرعة نموذجية جمعت فيها عصارة معرفتي وبحثي العلمي في المجال الفلاحي.”
وتابع انه حرص على الاستفادة المثلى من ثمرة الرمان بتحويلها إلى منتجات أخرى عديدة بينها “مربى الرمان واستغلال قلوبها واستخراج الزيوت منها وجعل قشورها صبغة للملابس فضلا عن انتاج خل الرمان وعصيره“.
ولفت الحفظي إلى أنّ ” الفلاحة تعتبر العمود الفقري للبلاد لذلك كانت له رغبة شديدة في تصدير منتوجاته وجلب العملة الصعبة للبلاد التي هي اليوم في أمس الحاجة لذلك.”