يصف مشجعو أسطورة كرة المضرب روجيه فيدرر بأنه الأعظم على الإطلاق، إلاّ أنّ السويسري أعلن اعتزاله وهو يحتل المركز الثالث في قائمة الأكثر تتويجاً بألقاب البطولات الأربع الكبرى، بعد أن تجاوزه غريماه لفترة طويلة الإسباني رافايل نادال والصربي نوفاك ديوكوفيتش.
في حين لم يكن متوقعاً إعلان فيدرر، ابن الـ 41 عاماً، اعتزاله الخميس، إلا أن قرار اسدال الستار عن مسيرة رائعة كان أقل من ذلك، نظراً لمعاناته مع مشكلة في الركبة.
حاصر الوقت الفائز بـ 20 لقباً كبيراً في الغراند سلام والذي أقرّ بأن جسده الذي يئن تحت وطأة المعاناة من الاصابات المتكررة، لم يعد قادراً على تحمل قسوة الرياضة الأحب إلى قلبه بعد أكثر من 1500 مباراة في غضون 24 عاماً.
المشاركة الأخيرة لفيدرر كانت في ربع نهائي بطولة ويمبلدون الانكليزية أمام البولندي هوبرت هوركاش، حيث برز اسم الفتى السويسري للمرة الأولى على العشب الانكليزي في عام 2001 بفوزه الشهير على الأميركي بيت سامبراس، قبل أن يرفع أول ألقابه الثمانية بعد ذلك بعامين.
دوّن فيدرر اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الكرة الصفراء عندما تخطى الرقم القياسي لسامبراس مع 14 لقباً في البطولات الأربع الكبرى، بفوزه بلقب ويمبلدون عام 2009، في حين كان في سجل نادال 6 ألقاب كبرى، مقابل لقب لديوكوفيتش.
ولكن، مقابل تراجع حصاد فيدرر في بطولات غراند سلام بدءاً من عام 2010، تقدم منافساه العظيمان في الترتيب، وتوالى فوزهما بألقاب البطولات الأربع الكبرى على مدار العقد التالي، على الرغم من عودة فيدرر إلى سكة الانتصارات في عامي 2017 (أستراليا وويمبلدون) و2018 (أستراليا).
تساوى نادال مع فيدرر في عدد الألقاب الكبرى (20) عقب فوز “الماتادور” ببطولة فرنسا المفتوحة في 2020، فيما انضم ديوكوفيتش إلى النادي الثلاثي بعدما توج بثلاث بطولات كبرى خلال موسم رائع في 2021.
غير أن نادال كان أوّل من فك الارتباط مع منافسَيه بفوزه بلقبي أستراليا ورولان غاروس الفرنسية هذا العام رافعاً رصيده إلى 22 لقباً كبيراً، فيما انفرد “ديوكو” بالمركز الثاني بفوزه هذا العام أيضاً في ويمبلدون للمرة السابعة (21 لقباً كبيراً).
يعيش عشاق الكرة الصفراء الذين يقفون خلف كل من “الثلاثة الكبار” في محيط الجدل الدائر حول هوية اللاعب الذي سيخرج في النهاية من العصر الذهبي لتنس الرجال متربعاً على القمة. فعدد الألقاب الكبرى ليس هو العامل الوحيد لتحديد ترتيب اللاعبين في قائمة الأعظم، ولكنه يستخدم بشكل متزايد كمقياس للتصنيف.
-الأسلوب والجوهر-
فاز فيدرر بثاني أكبر عدد من الألقاب الفردية (103)، حيث يتقدم عليه فقط الأميركي جيمي كونورز (109).
ومن ناحيته، يمتلك ديوكوفيتش الرقم القياسي لعدد الأسابيع التي امضاها في قمة ترتيب التصنيف العالمي، حيث تربع على المركز الأول 373 أسبوعاً، مقابل 310 لفيدرر و209 لنادال.
كما يفتخر الصربي، المتراجع في تصنيف الأكثر شعبية خلف منافسَيه، بسجل إيجابي لصالحه من ناحية الفوز في المباريات المباشرة ضد كليهما، على الرغم من أن نادال يتفوق على ديوكوفيتش في مواجهاتهما في البطولات الأربع الكبرى.
ولأن الأرقام لا تكذب، كما يُقال، وفي حين أن السجلات وحدها لن تروي أبداً القصة كاملة، فقد يكون أسلوب فيدرر الأنيق مع مرور الوقت، أكثر من إنجازاته، هو الذي يميزه عن أقرانه.
قال السويسري “كنت محظوظاً لأنني لعبت الكثير من المباريات الملحمية التي لن أنساها أبداً”، شاكراً كل من لعب ضده.
وتابع “دفعنا بعضنا البعض، وأخذنا التنس معاً إلى مستويات جديدة”.
أما نادال، فأكد انه لا يهتم كثيراً بما إذا سيكون هو الفائز بأكبر عدد من الألقاب في البطولات الأربع الكبرى، وأشاد بفيدرر المعتزل.
قال الاسباني “أتمنى ألاّ يأتي هذا اليوم أبداً. لقد كان من دواعي سروري ولكن أيضاً الشرف والامتياز مشاركة كل هذه السنوات معك، واختبار الكثير من اللحظات الرائعة داخل وخارج الملعب”.
ويأتي وداع فيدرر بعد أيام من تتويج مواطن نادال، كارلوس ألكاراس بلقب بطولة الولايات المتحدة المفتوحه، في أوّل ألقابه الكبرى في مسيرته، وتربعه على عرش التصنيف العالمي كأصغر لاعب يحقق هذا الانجاز في سن الـ 19 عاماً.
ومع مغادرة فيدرر ملاعب الكرة الصفراء، تتحول معركة “الخلود” من أجل اللعبة إلى التنافس بين نادال، البالغ 36 عاماً، وديوكوفيتش الذي يصغره بعام، في حين ترك الأسطورة الحيّة السويسري بصمة لا تُمحى في الرياضة ضامناً مكانته في التاريخ.