أصبح حراس المرمى العصريون مثل البرازيلي إيدرسون لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي، مواطنه أليسون بيكر حامي عرين ليفربول في البرميرليغ والألماني العملاق مانويل نوير في بايرن ميونيخ، علامة فارقة في خطط اللعب الحديثة.
لكن حتى تغيير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قاعدة التمرير الخلفية قبل ثلاثين عاماً، نادراً ما استخدم حراس المرمى أقدامهم للمشاركة في بناء اللعب من الوراء، بخلاف تسديدها حتى أبعد مسافة في الملعب. كانوا يأخذون وقتهم، وأكثر، لرمي الكرة.
يدّعي الحارس الدولي الكولومبي السابق رينيه هيغيتا، صاحب ركلة العقرب الرهيبة، انه كان مسؤولاً عن تغيير تلك القاعدة.
قال هيغيتا لوكالة فرانس برس في مكالمة عبر الفيديو “عظماء الكرة مثل بيليه و(دييغو) مارادونا… (كانوا) لاعبين جيدين، لكنهم لم يغيّروا أي قاعدة لفيفا”.
في كولومبيا، يُعرف قرار منع الحراس من التقاط تمريرة خلفية بأيديهم بـ«قاعدة هيغيتا».
قرّرت الهيئة الناظمة لكرة القدم العالمية التحرّك بعد مونديال 1990 في إيطاليا، بعد انتقادات لاذعة لشدّة المباريات المملّة والتي نجم عنها معدلاً تهديفياً منخفضاً بلغ 2.2 هدفين في المباراة الواحدة.
يَعتبر هيغيتا انه عبّد الطريق أمام تغيير القانون، خلال مشاركته في ذلك المونديال.
فرض فيفا حظراً على التمرير الخلفي في الألعاب الأولمبية التالية في جوان وجويلية1992، في قرار اثار ارتباكاً لدى خطوط الدفاع وحراس المرمى.
يقول المؤرّخ لوسيانو فيرنيتسكي لوكالة فرانس برس “وضع فيفا حداً لشيء كان مروّعاً، في كأس العالم 1990 كل المنتخبات تقريباً كانت تمرّر إلى الخلف، نحو حارس المرمى”.
في تلك النسخة، احتفظ حراس مثل الأرجنتيني سيرخيو غويكوتشيا، الكوستاريكي لويس غابيلو كونيخو والإيطالي فالتر زينغا “بالكرة بين أيديهم لوقت طويل”، بحسب ما أضاف الأرجنتيني.
برز هيغيتا، ليس فقط بسبب تسريحة شعره او صداته الغريبة، بل بشجاعته عندما كانت الكرة بين قدميه، وقدرته على صناعة مواقف هجومية بتمريراته.
لكن لم تكن كل مواقفه وردية، إذ كلّف فريقه أثماناً باهظة في نهاية المطاف.
في دور الـ16، خسر هيغيتا الكرة بعيداً عن منطقته أمام الكاميروني المخضرم روجيه ميلا، عندما كان يحاول مراوغة المهاجم المميّز في الوقت الممدّد.
انطلق ميلا بالكرة مسجلا هدف الفوز ومقصياً كولومبيا. اصبحت رقصته الاحتفالية بعد تسجيل هدفيه خلال الفوز 2-1 علامة فارقة في المشاهد التاريخية لكأس العالم.
– حراس “جهلة” –
كان هيغيتا، المكنى “إل لوكو” (المجنون)، يتولى تنفيذ ركلات الجزاء والركلات الحرة، مسجلاً 43 هدفاً في مسيرته.
قال هيغيتا المقتنع تماماً بانه سبب هذا التغيير في القانون “اصبحت (كرة القدم) أسرع الآن، هناك حركة إضافية، ويتعين على الحارس أن يعمل كل يوم أكثر على حركة قدميه ليمنح شيئاً إضافياً للفريق”.
وفيما يقرّ فيرنيتسكي بفرادة هيغيتا، إلا انه يعارض هذه النظرية “لم يتغيّر القانون بسبب هيغيتا، بل بسبب باقي الحراس المختلفين عنه”.
وقف حراس كثر، مثل الإسباني أندوني سوبيساريتا، ضد القاعدة الجديدة، وقال لصحيفة “إل بايس” في 1992 انها “ستحدّ حارس المرمى”.
يبتسم هيغيتا بخبث عندما يتذكر كيف عانى الحراس “الجهلة” للتأقلم مع القاعدة.
تحدّث سانتياغو كانيساريس الذي لعب مع إسبانيا في 1992، أخيراً، كيف كانت التمريرة الخلفية تزعجه. قال لموقع اللجنة الأولمبية الدولية “كانت مفاجأة بالنسبة لنا. لم نكن نعلم انها ستصبح جزءاً من حياتنا”.
كان التأثير فورياً في كأس العالم التالية عام 1994 في الولايات المتحدة، عندما ارتفع معدل التسجيل إلى 2.7 هدفين في المباراة الواحدة، الأعلى منذ 1970.
قال فيرنيتسكي “هو أفضل تغيير في القواعد خلال السنوات الأربعين الأخيرة. جعل كرة القدم أكثر دينامية”.
بصرف النظر عن تسببه بالقاعدة الجديدة من عدمه، يدعم هيغيتا تدابير أخرى تسهم في التقليل من إهدار الوقت، على سبيل المثال إيقاف الساعة عندما تخرج الكرة من اللعب، على غرار كرة السلة.
قال “هناك حديث كبير حول ادخال +التوقيت الحقيقي+ على غرار كرة السلة، وهذه ليست فكرة سيئة”.
بحال حصول ذلك، قد يحصل هيغيتا على الفضل!.