رياضة

كأس أمم إفريقيا: كوت ديفوار أوفت بوعدها حضوراً وأجواء وإثارة

نجحت كوت ديفوار في التحدّي

نجحت كوت ديفوار في التحدّي الذي أطلقته بتنظيم إحدى أفضل نهائيات في تاريخ كأس أمم إفريقيا في كرة القدم، وأوفت بوعدها إن كان من ناحية الحضور الجماهيري، الأجواء أو الإثارة التي كانت على موعد لقرابة شهر من المنافسات التي توجت في النهاية البلد المضيف.

بالنسبة للعديد من المراقبين، تُعَدّ هذه النهائيات القارية من “الأجمل في التاريخ”.

– ملاعب ممتلئة الى حد كبير –

قبل بدء النهائيات التي اختتمت الأحد بفوز كوت ديفوار على نيجيريا 2-1 بعدما كانت متخلفة، قطع المنظّمون وعداً بدا من الصعب الوفاء به: لا ينبغي إقامة أي مباراة أمام مدرجات فارغة.

في حين كان ملعب المباراة الافتتاحية ممتلئاً بنسبة الثلثين فقط، طمأن رئيس الوزراء روبير بوغريه مامبيه على الفور أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الأمر.

وبسرعة كبيرة ومع بعض الاستثناءات النادرة، شهدت الملاعب حضوراً جيداً حتى في دور المجموعات الذي غالباً ما تكافح كأس أمم إفريقيا لجذب الجماهير الى مبارياته.

وقال المدرب الفرنسي الخبير في الكرة الإفريقية كلود لوروا، الفائز باللقب مع الكاميرون عام 1988، لوكالة فرانس برس “إنها واحدة من أجمل نهائيات كأس أمم إفريقيا التي شاهدتها، إنها جميلة جداً ومفعمة بالحيوية”.

ويبقى الآن تجنب السيناريو المعتاد في بطولات من هذا النوع، وهو عدم تحول الملاعب إلى مدن أشباح، لاسيما تلك الموجودة خارج العاصمة أبيدجان.

ووفقاً للاتحاد الإيفواري للعبة، ستُستخدم الملاعب بشكل خاص في مباريات الدوري المحلي.

– أجواء حماسية –

من أبيدجان الى كورهوغو، مروراً بياموسوكرو وبواكيه وسان بيدرو، كانت هناك العديد من مقاطع الفيديو لمشجعين من جميع أنحاء القارة وهم يشيدون بترحيب الشعب الإيفواري.

ولم تؤثر النتائج السيئة للمنتخب المضيف في دور المجموعات ولو للحظة على الأجواء الجميلة التي سادت ساحل العاج، لدرجة أن بعض المشجعين الإيفواريين غنّوا “خسرنا لكننا لا نهتم” بعد الهزيمة 0-4 أمام غينيا الاستوائية في الجولة الأخيرة، في وقت كان منتخب “الفيلة” على وشك توديع البطولة قبل أن يتأهل كاسوأ صاحب مركز ثالث.

من المطاعم البسيطة والحانات في الشوارع، الى المناطق المخصّصة للمشجعين، عاشت ساحل العاج لمدة شهر على إيقاع كأس أمم إفريقيا وحتى أنه تم إعفاء الطلاب من الدروس في أيام مباريات المنتخب المضيف.

ولن تكون النهائيات القارية الإفريقية ناجحة بشكل كامل بدون “نجاحها” الموسيقي الذي يبقى عالقاً في الأذهان.

وفي هذه النسخة، كانت “ضربة المطرقة” للمؤلف تام سير الأغنية غير الرسمية لكأس أمم إفريقيا.

استحوذت هذه الأغنية على روح البطولة وحماس الإيفواريين، وجسّدت كيف يمكن أن يتحوّل العمل الموسيقي الى رمز للفخر الوطني والدعم الرياضي بحسب توصيف الموقع الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم.

وبعد الفوز في النهائي وإحراز اللقب القاري الثالث في تاريخ “الفيلة”، تحولت الأجواء الى حفل كبير وتم إعلان الاثنين عطلة رسمية.

– الأمن مضبوط –

كان الأمن الهاجس الأكبر للعديد من المراقبين قبل بدء النهائيات. بالإضافة الى خطر وقوع هجوم جهادي في بلد تعاني فيه الجارتان بوركينا فاسو ومالي من هذا التهديد بشكل يومي، كان التدافع في الملاعب أحد المخاوف الرئيسية.

بشكل عام، سارت البطولة بشكل جيد بفضل قوات الشرطة المنتشرة حول الملاعب، وتمكن المتفرّجون من مشاهدة جميع المباريات بهدوء.

وعندما ضغطت الجماهير بقوّة للدخول، على غرار ما حصل في ياموسوكرو خلال مباراة الكاميرون والسنغال في الدور الأول، سارعت السلطات الى تخفيف الضغط للسماح لهم بالدخول، حتى بدون تذاكر في بعض الأحيان.

والجانب السلبي الوحيد كان الإبلاغ عن العديد من الوفيات في حوادث سير خلال الاحتفالات بانتصارات المنتخب المضيف.

– إثارة في الملاعب –

لطالما ساد الجانب الدفاعي في نهائيات كأس أمم إفريقيا ما أثّر على غزارة الأهداف، لكن نسخة كوت ديفوار غرّدت خارج السرب بعدما شهدت تسجيل 119 هدفاً، لتصبح النهائيات الأكثر تهديفاً في تاريخ البطولة بمعدل 2.29 في المباراة الواحدة.

وشهدت النهائيات أيضاً تقلّبات ومنعطفات مثيرة في العديد من المباريات، أبرزها من نصيب البلد المضيف الذي كاد يُقصى من دور المجموعات، لكنه عاد من بين الأموات بإطاحة السنغال حاملة اللقب ومالي في الدورين ثمن وربع النهائي، ثم جمهورية الكونغو الديموقراطية في دور الأربعة وصولاً الى التفوّق على نيجيريا في مباراة اللقب بفضل هدف سيباستيان هالر.

وكانت كوت ديفوار على موعد أيضاً مع مفاجآت من العيار الثقيل، حيث خرجت الجزائر من الدور الأول بخسارتها في الجولة الأخيرة أمام موريتانيا 0-1، فيما سقطت مصر، حاملة الرقم القياسي بعدد الألقاب (7)، أمام الكونغو الديموقراطية في ثمن النهائي، وهو الدور الذي شهد أيضاً انتهاء مشوار المغرب، رابع مونديال قطر 2022، على يد جنوب إفريقيا.

بالنسبة لمدافع كوت ديفوار سيرج أورييه، فما حصل في هذه النهائيات “جنونياً. الجميع يعتقد الشيء نفسه: هذه بطولة مجنونة. لم تعد هناك فرق صغيرة وهذا أمر جيد جداً”.

مساء الأحد، بعد المباراة النهائية، عادت العبارة الى شفاه الكثيرين: “يا لها من بطولة!”.

Tagged , , , ,