بعد بلوغه المجد القاري عندما قاد الجزائر الى النجمة الثانية عام 2019 في كأس أمم إفريقيا في كرة القدم، بات المدرب جمال بلماضي على شفا الإقالة أو الاستقالة عقب الخروج المخيب الثاني توالياً من العرس القاري ومن دون أي انتصار.
في كوت ديفوار، تكرّر سيناريو نسخة 2021 التي أقيمت في الكاميرون قبل عامين عندما ودع “محاربو الصحراء” النهائيات من الدور الأول بحلولهم في المركز الاخير من دون أي انتصار (تعادل وخسارتان)، وإن كان خروجهم في النسخة الحالية بنقطتين من تعادلين وخسارة واحدة.
ولاحق النحس بلماضي حتى في مشواره مع منتخب بلاده في التصفيات الإفريقية المؤهلة الى نهائيات كأس العالم في قطر 2022، بعد الخسارة القاتلة على أرضه امام الكاميرون في الدور الفاصل 1-2 بعد التمديد.
وعلى الرغم من اختيار الجزائر الدخول في معسكر تدريبي مبكر في توغو للاعتياد على الاجواء القارية قبل بداية النهائيات في كوت ديفوار تفاديا لـ”كارثة” نسخة الكاميرون، وكذلك فوزيها الوديين الاعداديين الصريحين على توغو (3-0) وبوروندي (4-0)، لم ينجح الجيل الذهبي للكرة الجزائرية في تحقيق ولو فوز واحد في ثلاث مباريات في بواكي.
مباشرة بعد هذا الفشل الجديد، كتبت وسائل إعلام جزائرية أن المدرب أبلغ لاعبيه باستقالته في غرفة الملابس بعد الخسارة التاريخية أمام موريتانيا 0-1 في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة الرابعة، وهي الاولى في تاريخ مواجهات المنتخبين.
لم يؤكد المدرب أو ينفي الخبر، واكتفى بالقول محبطا في المؤتمر الصحافي عقب اللقاء “أتحمل المسؤولية الكاملة عن هذين الإقصاءين في الدور الأول من كأس الأمم الإفريقية. لا أعرف كيف سيكون مستقبلي، لكن ليس لدي ما أقوله عن ذلك الآن. سنتحدث عن ذلك بمجرد عودتنا إلى البلاد”.
وأضاف في معرض رده عن سؤال لأحد الصحافيين عما إذا كانت نهاية حقبة؟ “ربما”.
في غضون خمس سنوات ونصف، كانت النتائج متباينة جدا بالنسبة لابن شامبيني سور مارن (فال دو مارن) جنوب شرق العاصمة باريس. ورداً على السؤال الأول في المؤتمر الصحافي عندما ذكَّره أحد الصحافيين بأنه أصبح أول مدرب جزائري يخرج مرتين من الدور الأول، رد بلماضي بجفاف: “لم تؤكد أنني ثاني مدرب جزائري يفوز بكأس أمم إفريقيا” بعد عبد الحميد كرمالي عام 1990.
– شبح محرز –
عندما سُئل المدير الفني البالغ من العمر 47 عاما، مرات عدة عن الخلل الذي حدث في صفوف المنتخب في هذا العرس القاري، اكتفى بالإجابة في كل مرة بغياب الفعالية، وبدا أنه يرغب في الابتعاد عن التشكيك في قدراته علنًا.
وكرَّر بلماضي “عابنا تسجيل الأهداف، وهي أمور لا أستطيع تفسيرها، لا ننجح في التسجيل رغم أننا نصنع الكثير من الفرص، هذا جزء من غرائب كرة القدم…”.
وأضاف: “لو لم نكن نصنع الفرص بطريقة واضحة، أو لو كنا نخضع لسيطرة المنتخبات المنافسة، أو نسمح لها بخلق الكثير من الفرص، سأقول إن هناك قطاعات لا تسير بشكل جيد”.
كما أكد لاعب مرسيليا السابق “عندما استلمت مهامي (عام 2018) كنا في المركز 14 في إفريقيا و60 في تصنيف فيفا (الاتحاد الدولي للعبة)، واليوم نحن في المراكز الخمسة الأولى قاريا وبين المركزين 28 و30 عالميا ومعنا كأس أمم أفريقيا في الحقيبة”.
وتساءل بلماضي قائلا “فهل وصلت الجزائر إلى نهاية حقبة؟ ربما، نعم”.
حاول بلماضي تجديد دماء مجموعته قليلاً من أجل كأس أمم إفريقيا في ساحل العاج، لكن الأمر لم يأتِ بثماره.
وحده بغداد بونجاح، من بين القدامى، وبدرجة أقل حارس المرمى أنتوني ماندريا، من بين الجدد، كانا في المستوى في صفوف منتخب كان مرشحا للفوز باللقب.
حملت الأهداف الثلاثة التي سجلتها الجزائر في نسخة ساحل العاج، توقيع بونجاح، مسجل هدف الفوز في مرمى السنغال (1-0) في المباراة النهائية لنسخة 2019 في مصر، فيما أظهر حارس مرمى كاين الفرنسي أنه يستحق عن جدارة خلافة رايس مبولحي.
لكن مستوى القائد رياض محرز كان مخيبا للآمال جدا. بعدما كان “شبحا” في الجولتين الاولى والثانية امام أنغولا (1-1) وبوركينا فاسو (2-2)، ابقاه بلماضي على دكة البدلاء في الثالثة ضد موريتانيا، لكنه دفع به مطلع الشوط الثاني دون أن يكون له أي تأثير على خط هجوم “محاربي الصحراء”.
حتى محمد عمورة، الأمل الكبير للهجوم الجزائري وهداف فريق أونيون سان جيلواز البلجيكي، كان عادياً، والمدافع محمد توغاي الذي من المفترض أنه يجسد المستقبل في مركز قطب الدفاع، عانى من سرعة المهاجمين الموريتانيين المتواضعين.
لم يضع كل شيء بالنسبة للجزائر التي بدأت مشوارها في تصفيات إفريقيا المؤهلة الى مونديال 2026 بانتصارين في مباراتين (على الصومال 3-1، وموزامبيق 2-0) مع المنتخب ذاته الذي يبدو في طور التحول بين جيلين. لكن ليس مؤكدا أن بلماضي هو الذي سينهي المهمة.