شدد أمين عام حركة الشعب في تونس زهير المغزاوي، على ضرورة أن يفتح الرئيس قيس سعيّد، حوارا في أسرع وقت ممكن مع الأطراف التي تعتبر 25 جويلية، “لحظة لتصحيح المسار”.
وقال المغزاوي، في مقابلة مع وكالة الأناضول، “يجب أن لا يعتقد (الرئيس) بأن تلك اللحظة جاءت لتطبق مشروعه الخاص”.
وأوضح أنه “بإمكان الرئيس أن يطبق هذا المشروع وينفذه في حال صوّت له الشعب وحصل على عهدة ثانية، ولكننا اليوم في مرحلة إصلاح للمسار الثوري وتحقيق حد أدنى من مطالب التونسيين”.
وتابع: “مهما كانت عبقرية الرئيس فإنه لا يمكن له أن ينفرد بهذا المسار”.
واعتبر المغزاوي، أنّ “مسار 25 جويلية مهم، ولكن إدارة هذه المرحلة من قبل سعيّد كانت سيئة”، وفسر ذلك “بوجود وقت ضائع وتردد وعدم جرأة من قبل الرئيس، في اتخاذ القرارات العاجلة التي تُطمئن الشعب”.
ولفت القيادي في حركة الشعب (قومية)، إلى أنه “كان بإمكاننا أن نجري طيلة هذه الأشهر إصلاحات دستورية عبر لجنة مخصصة لذلك، لتعرض على الشعب إصلاح منظومة الانتخابات، والتفكير في منوال (نظام) تنموي جديد، ومن ثمة الذهاب إلى إجراء انتخابات”.
وأضاف أنه “كان من المفترض أن تتم مناقشة مسائل مهمة بعد 25 جويلية، على غرار النظام السياسي، والمناخ الانتخابي، والوضعين الاقتصادي والاجتماعي”.
ومنذ 25 جويلية 2021، تعيش تونس أزمة سياسية حين بدأ الرئيس سعيد فرض إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في البلاد تلك الإجراءات، وتعتبرها “انقلابا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
إصلاحات اقتصادية
وشدد المغزاوي، على أن شروط نجاح مسار 25 جويلية “القيام بإجراءات اقتصادية عاجلة تُخفف الوطأة على المواطنين والمواطنات، لأن العملية السياسية تصب في صالحهم”.
واستطرد: “إذا لم يشعر المواطن بأنها كذلك، فلن ينخرط فيها وستصبح إذن جوفاء وبلا معنى”، واستدرك: “أكدنا منذ البداية بأن 25 جويلية، لم تكن من أجل البناء القاعدي للرئيس”.
واعتبر أن “تاريخ 25 جويلية يعد محطة مهمة لم ينجزها رئيس الجمهورية بمفرده، وإنما هي تراكمات لعشر سنوات من النضال والمقاومة، وقد يكون الرئيس شجاعا لاتخاذه هذه الإجراءات ولكن ذلك لا يكفي”.
وأردف: “كان لدى جزء من الشعب أمل في قرارات 25 جويلية، واليوم أصبح لديه حالة قلق حقيقية نتيجة تردد الرئيس”.
وأشار المغزاوي، إلى أن “حركة الشعب”، كانت من المؤيدين لقرارات 25 جويلية، وذلك لم يكن من فراغ، بل ناتج عن تقييم لمسار الثورة منذ 2011 وحتى 25 جويلية.
وأضاف: “لو ضاعت لحظة 25 جويلية فالرئيس المسؤول عن ذلك”.
وشدد على أنّ “حركة الشعب، لا ترى حلولا كثيرة اليوم بل ترى حلا واحدا، هو أن ينجح هذا المسار، ليس بالاستفراد وإنما بالعودة إلى الديمقراطية عبر إصلاحات تليها انتخابات”.
وحذر من أنه “إن لم ينجح هذا المسار فإننا سنذهب في متاهات خطيرة”.
واستدرك بالقول: “نحن أمام عائقين، فمن جهة مسألة الحوار تعيش حالة من الركود، كما أنّ الوضع الاقتصادي يتدهور يوما بعد يوم وهو ما سيؤدي إلى عزوف كبير من الشعب على العملية السياسية مستقبلا”.
معسكران
ولفت المغزاوي، إلى أنّ “البلاد منقسمة إلى معسكرين، أحدهما يرى أن إجراءات سعيّد فرصة للإصلاح، والآخر يعتبره انقلابا، وهذا الاعتقاد من حقهم، فمنهم من كان يحكم أو استفاد من الحكم”.
وتابع:ك “هؤلاء حاولوا بكل الوسائل أن يعيدوا الأمور إلى ما قبل تاريخ 25 جويلية، واتصلوا بالخارج”.
وبيّن أنّ تقديرات الجهات الأجنبية، لا ترى أن مجموعة كانت تحكم، وجاءت مجموعة أخرى أخذت منها الحكم، وإنما ترى الوضع وفق “رؤية شاملة وأكثر عمقا، في ظل تحولات كبيرة تحدث في العالم”.
وأوضح القيادي في “حركة الشعب”، أن “كل القوى الدولية لم تتحدث عن انقلاب، بل كان لديها مؤاخذات على مسار ما بعد 25 جويلية”.
وقال: “كانت هناك عدة محاولات للاستقواء بالخارج لم تنجح، كما أن محاولات تعبئة الشارع أيضا كانت فاشلة، لأن إسقاط المسارات السياسية لا يتم عبر احتجاج بـ4 أو 5 آلاف (شخص) في الشارع”.
وأضاف أن “هناك اليوم دعوات لتشكيل حكومة، وهو ما نعتبره خطرا نبهنا إليه، ولعل ما حصل في ليبيا من تقسيمات على خلفية مثل هذه المبادرات خير دليل”.
وتابع: “هذان المعسكران مطالبان اليوم بالقيام بحوار للضغط على رئيس الجمهورية، وبأن يقولا بصوت عالٍ له كُف عن الاستفراد بهذا المسار، وكف عن التوهم بأن 25 يوليو، جاءت من أجل تنفيذ مشروع الرئيس فيما يتعلق بالبناء القاعدي وغيره”.
وأكد المغزاوي، أنهم “في حركة الشعب، دعاة حوار رغم الاختلاف (..)”.
وأردف أن “سعيّد، ليس الصانع الوحيد لهذا المسار، وعليه أن يتخلى على محاولة الاستفراد بالرأي، لأن التاريخ لا يصنعه الأفراد مهما كانت عبقريتهم”.
مرحلة استثنائية يجب أن تنتهي
أمين عام الحركة شدد على أن “المرحلة الاستثنائية لا يجب أن تطول، ويجب أن تكون أثناءها إصلاحات جوهرية، فالنظام السياسي الذّي تشهده البلاد برأسين في السلطة لم يترك أحدا يحكم طيلة سنوات، وضاعت السلطة بين هذا وذاك، ولا بد أن تكون سلطة برأس واحد”.
وفيما يتعلق بالاستشارة الوطنية، قال المغزاوي، إنهم كانوا “ضد إلقاء أسئلة جاهزة من قبل الرئيس، وإعطاء أجوبة مسبقة، ولو كان هناك تشاركيّة، لعرفنا مشاركة أكبر”.
وتابع أن “الاستشارة لا يمكن أن تكون بديلة عن الحوار مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، لأن هؤلاء من صنعوا 25 جويلية”.
ومنتصف جانفي الماضي، أعلن سعيد إطلاق استشارة وطنية عبر منصة إلكترونية بهدف “تعزيز مشاركة المواطنين في عملية التحول الدّيمقراطي”، وسط مقاطعة المعارضة لها، وانتهت الاستشارة في 20 مارس الماضي، وشارك فيها أكثر من نصف مليون مواطن (من أصل 11.8 مليون نسمة).
وعلى صعيد آخر، أشار المغزاوي، إلى أنه كانت لديهم تحفظات على النظام الرئاسي كما يفكر فيه رئيس الجمهورية، قائلا: “نريد نظاما سياسيا فيه توازن بين السُّلط، كما لا نريد أن يكون البرلمان مجرد صورة”.
واعتبر أن ذلك “خطر ستتم مناقشته والضغط من أجل أن لا تذهب البلاد إلى نظام رئاسوي، فيه كل السلطات بيد شخص واحد، فيما تكون بقية المؤسسات شكلية”.
وشدد على أنه “يجب ألا يعتقد الرئيس أن بإمكانه بمفرده أن يمضي بهذه البلاد إلى بر الأمان، فذلك لا يتم إلا بصفة تشاركية مع الشعب، كما أن الحوار مسألة موضوعية وضرورية على غرار المسالة الاقتصادية”.
وأضاف أن “العملية السياسية مشروطة بحوار حقيقي يخلق حركية وأفكار في البلاد، وإجراءات اقتصادية لحل الأزمة ترسل رسائل للشعب مفادها أن مستقبل تونس سيكون أفضل من الماضي”.
وفي سياق آخر، قال المغزاوي، إنهم “في الحزب مستعدون للانتخابات، ومتأكدون بأننا سنكون من ضمن الفائزين”، واستدرك: “لكن نريدها أن تكون انتخابات ناجحة تجد إقبالا كبيرا”.