ستستضيف إسبانيا والمغرب والبرتغال نهائيات مونديال 2030 في كرة القدم، مع إقامة ثلاث مباريات في أميركا الجنوبية، فيما تحتضن السعودية نهائيات 2034 للمرة الأولى في تاريخها، بحسب ما أعلن الاتحاد الدولي (الفيفا) الأربعاء كما كان متوقعا خلال جمعية عمومية عبر الفيديو.
وصادقت الاتحادات الوطنية الـ211 المنضوية بالتصفيق على الترشيح المنفرد للملفات، خلال الجمعية التي شهدت إعلان رئيس فيفا السويسري جاني إنفانتينو عن هوية الفائزين.
قال رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع في رسالة مسجلة “الترشيح الثلاثي (2030) سيحفر مكانة في التاريخ، إذ هي المرة الأولى التي سينظم فيها هذا الحدث الكوني في إفريقيا مهد الإنسانية وأوروبا القارة العجوز في نفس الوقت”.
أما وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، فقال في خطاب بعد اختيار بلاده لنسخة 2034 بمشاركة 48 منتخبا يحتضنهم 15 ملعبا في 5 مدن (الرياض، وجدة، الخبر، أبها، نيوم) “حرصنا أن يكون الملف نوعيا وفق أعلى المعايير العالمية.. ندعوكم لزيارة بلدنا.. والتعرف على أهم قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين”.
تابع ان السعودية حصلت على “دعم أكثر من 150 دولة معلنة أو بخطاب رسمي من أصل 211 وهذا الشيء يدل أن ملفنا كان مقنعا”.
ورفض الاتحاد النروجي الذي انتقد منح قطر مونديال 2022 الأخير، الموافقة على عملية “معيبة وغير متوافقة” مع مبادئ “المسؤولية والشفافية والموضوعية” التي يطالب بها الفيفا، بحسب بيانه.
وتبخر التشويق منذ العام الماضي لعدم وجود أي منافسة للملفين، بعد انسحابات عدة لنسخة 2030، “مونديال المئوية” بعد قرن على النسخة الأولى في الأوروغواي، وترتيب سريع لـ2034.
أظهرت الجزر البريطانية اهتمامها في بادئ الأمر قبل تركيزها على كأس أوروبا 2028، فكرت كوريا الجنوبية بملف مشترك مع الصين، اليابان وكوريا الشمالية وعملت أربع دول أميركية جنوبية منذ 2019 على ملفها، فيما أطلق الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) في نهاية 2022 مشروع ملف بين إسبانيا والبرتغال وأوكرانيا، كـ”رسالة تضامن وأمل” مع الأخيرة التي واجهت غزو روسيا.
لكن العام الماضي، سُحبت أوكرانيا بهدوء بعد انضمام المغرب للملف، ثم انسحبت أميركا الجنوبية مقابل استضافة رمزية: ستقام المباريات الثلاث الأولى في الأوروغواي، الباراغواي والأرجنتين.
– ملعب عملاق في المغرب –
بعد “احتفالات المئوية” المقررة في 8 و9 جوان 2030، في ظل برد الشتاء الجنوبي، ستسافر المنتخبات الستة مع جماهيرها قاطعة المحيط الأطلسي حيث ستقام 101 مباراة أخرى من المسابقة، بين 13 جوان حتى المباراة النهائية في 21 جويلية.
مع 11 ملعبا من أصل 20 تم اقتراحهم، يتوقع أن تكون إسبانيا المضيف الرئيس، بعد احتضانها مونديال 1982، لكن المغرب وبعد عدة محاولات أبرزها في 2010 أمام جنوب إفريقيا، سيصبح ثاني بلد إفريقي يستقبل النهائيات.
تتنافس إسبانيا والمغرب على استضافة مباراتي الافتتاح والنهائي، مع ملعبي “سانتياغو برنابيو” في مدريد و”كامب نو” في برشلونة، وملعب مغربي ضخم ببلدة بن سليمان ضواحي الدار البيضاء يتسع لـ115 ألف متفرج.
أما البرتغال، مضيفة كأس أوروبا 2004، فستحتضن النهائيات للمرة الأولى في تاريخها. تقترح ملعبين في لشبونة وبورتو ساعية لاستضافة إحدى مباراتي نصف النهائي.
ومن خلال مبدأ التناوب القاري للبطولة، حصر الفيفا عدد المرشحين لاستضافة نسخة 2034 بين دول آسيا وأوقيانيا وتم تنفيذها بسرعة خيالية في غضون شهر خلال خريف 2023.
– خشية من حقوق الإنسان –
وجدت السعودية، القوة العظمة الناشئة في عالم الرياضة، نفسها مرشحة وحيدة بعد احجام أستراليا وإندونيسيا وتراجع الطموحات الكروية للصين.
بعيدا عن التحديات اللوجستية، قد يلعب الصيف الحار دوره بنقل البطولة إلى الشتاء أو الخريف، على غرار مونديال قطر 2022، لكن يتعيّن التعامل أيضا مع شهر رمضان الذي قد يتزامن مع إقامة البطولة.
قُوبل الترشيح الوحيد للسعودية لاستضافة نسخة 2034 بموجة من الانتقادات، صادرة من أطراف على غرار منظمة العفو الدولية ومنظمة تحالف الرياضة والحقوق اللتين دعتا الفيفا في 11 نوفمبر الماضي إلى “وقف عملية الترشيح”.
تتركز المخاوف على استغلال العمال المهاجرين الذين ستتم تعبئتهم لتحديث البنى التحتية، لكن أيضا على نزوح السكان في المستقبل والتمييز الذي قد يلاحق الجماهير.
واعتبرت منظمات غير حكومية وممثلون عن المشجعين في بيان مشترك الأربعاء إن إسناد تنظيم كأس العالم 2034 إلى السعودية يعرض أرواح عمال البناء للخطر ويكشف فراغ التزامات الاتحاد الدولي لكرة القدم +الفيفا+ في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وجاء في البيان المشترك أن فيفا “تجاهل تحذيراتنا”، وفق ما أفادت المنظمات غير الحكومية وأبرزها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والاتحاد الدولي لنقابات العمال وتحالف الرياضة والحقوق ورابطة مشجعي كرة القدم في أوروبا.
وفقا لتقرير التقييم من قبل الفيفا، فإن ملف السعودية، يمثّل “مخاطر متوسطة” بما يتعلق بحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن تنفيذ الإصلاحات قد يتطلب “وقتا وجهدا كبيرين”.
وحصل الملف على معدل تقييم 4.2 من أصل 5، وهو أعلى من تقييم الملف المشترك للولايات المتحدة وكندا والمكسيك لاستضافة كأس العالم 2026.
لا توفر انتقادات حقوق الإنسان نسخة 2030: دعت منظمتا العفو الدولية وتحالف الرياضة والحقوق إلى استراتيجية ذات مصداقية “لحماية اللاعبين والجماهير من الانتهاكات التمييزية، منع الاستخدام المفرط لقوة الشرطة وحماية حقوق السكان في ما يتعلق بالإقامة”.
اقترح البرازيلي فينيسيوس جونيور، مهاجم ريال مدريد الإسباني ووصيف الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، مطلع سبتمبر أن تُسنَد البطولة إلى دولة أخرى غير إسبانيا في حال لم تواجه العنصرية التي عانى منها في ملاعبها.
وفي ما يتعلق بالبيئة، تطرقت مجموعة “داعمي كرة القدم في أوروبا” إلى “التنقلات الجوية غير الضرورية” للمنتخبات، وسائل الإعلام والمشجعين، بما يتعارض مع التزامات المنظمة البيئية، رغم تأكيد الفيفا بإقامة 101 مباراة من أصل 104 “في دول مجاورة”.