بعد قرابة 40 عاما من نزاله الأول الاحترافي، و19 من اعتزاله، يعود أسطورة الملاكمة في الوزن الثقيل مايك تايزون في سن الـ 58 إلى الحلبة الجمعة في نزال ستنقله منصّة البث التدفقي نتفليكس لـ270 مليون مشترك، على وقع إدانة واسعة النطاق في عالم الملاكمة.
وسيرتدي تايزون الذي أرعب منافسيه في فئة الوزن الثقيل في حقبتي الثمانينات والتسعينات، قفازات الملاكمة مرة أخرى لمواجهة صانع المحتوى على يوتيوب جايك بول الذي يصغره بـ 31 عاما، في ملعب “إيه تي أند تي” في أرلينغتون بولاية تكساس، موطن فريق دالاس كاوبويز لكرة القدم الأميركية.
وكان من المقرر في البداية أن يقام النزال الذي يتكون من ثماني جولات مدة كل منها دقيقتان وافقت عليها سلطات الملاكمة في تكساس، في جوان ولكن تم تأجيله في ماي بعدما احتاج تايزون إلى علاج طبي على متن رحلة جويّة بين ميامي ولوس أنجليس بعد تقيؤ الدم بسبب قرحة نازفة.
وفّرت هذه الحادثة مادة دسمة للعديد من المنتقدين الذين أدانوا نزال الجمعة واعتبروه أشبه بـ “عرض في سيرك” يقدّم مستوى غير مقبول من المخاطرة بالنسبة لتايزون الذي كان آخر ظهور له في عالم الاحتراف عام 2005، عندما هُزم بالضربة القاضية بعد انسحابه أمام الملاكم الإيرلندي كيفن ماكبرايد.
-“لا ينبغي أن يحدث هذا”-
“قبل عشرين عاما، اعتزل مايك تايزون الملاكمة، وتم تمزيقه إلى أجزاء، أليس كذلك؟ أعني، تمزق إلى أجزاء بالكامل”، قال مروّج النزالات البريطاني إيدي هيرن هذا الأسبوع.
وتابع “إذا كان أي شخص يعتقد أن مايك تايزون يجب أن يكون داخل الحلبة في هذا العمر، فإما أنه لا يشعر بأي مشاعر عاطفية تجاه الرجل، أو أنه أحمق. لا ينبغي أن يحدث هذا”.
وضمن السياق ذاته لم تشذ كلمات فرانك وارن، أحد المروجين المنافسين لهيرن، حيث قال بعد الإعلان عن النزال المنتظر “يبلغ مايك تايزون 58 عاما ولا ينبغي أن يقاتل”.
وأردف “الأمر بهذه البساطة. أي شخص لديه ذرة من العقل يعرف أن هذا أمر سخيف. فقد تكون على طريق سريع عالقا في ازدحام مروري وتصل إلى نهاية الطريق وكل ما تجده هو أشخاص توقفوا لينظروا إلى حادث تصادم، وهذا ما يحدث”.
لم تجد هذه التصريحات صدى عند تايزون الذي سيتقاضى نحو 20 مليون دولار مقابل نزال الجمعة وفقا لتقارير أميركية، متجاهلا المخاوف بشأن سلامته، في حين أصرّ على أن منتقديه من عالم الملاكمة يتفوهون بهذه العبارات بسبب شعور الغيرة.
“أنا جميل، هذا كل ما أستطيع قوله”، قال تايزون في وقت سابق من هذا العام.
وتابع “الأشخاص الذين قالوا ذلك يتمنون لو كانوا هنا. لا أحد غيري يستطيع أن يفعل هذا”.
كما أعلن تايزون بعدما شرّع أبواب قاعة التدريب في تكساس هذا الأسبوع أمام الاعلام، أن التمارين الشاقة التي خضع لها جعلته يقتنع بـ “أنني أقوى مما كنت أعتقد”.
واستطرد قائلا “عندما وافقت على هذه المباراة وبدأت الخضوع للتمارين، قلت لنفسي: +ما الذي كنت أفكر فيه؟+ لكنني أنهيت العملية. النزال هو الحفلة. لقد انتهى كل العمل الشاق”.
وفي المؤتمر الصحافي الاخير قبل النزال في تكساس الأربعاء، رفض تايزون بوجه جامد الانخراط في الضجيج قبل صعوده إلى الحلبة، قائلا “أنا مستعد للقتال فقط. أتطلع للقتال”.
-مخاوف الإصابة-
وسيتابع النزال الملايين عبر نتفليكس وعشرات الآلاف داخل قاعة ملعب “أيه تي أند تي” للوقوف على جاهزية تايسون ومدى تأثير الاشهر الماضية التي قضاها وهو يخضع لتمارين قاسية.
في المقلب الآخر، يقف بول الذي وُلد قبل ستة أشهر من قضم تايزون لجزء من أذن إيفاندر هوليفيلد في “نزال القرن” عام 1997، تحت الأضواء بعدما انتقل من مؤثر على موقع يوتيوب إلى ملاكم على الحلبات.
ومنذ نزاله الأول أمام صانع محتوى آخر على يوتيوب في عام 2018، ارتدى بول القفازات لمنازلة لاعب كرة سلة ونجوم في فنون القتال المختلطة (أم أم ايه) وملاكمين محترفين. في 11 نزالا، فاز بـ 10، سبعة منها بالضربة القاضية، وخسر مرة واحدة.
“أشعر أنني بحالة جيدة. حاد وقوي ومتفجر. ستكون ليلة قصيرة لمايك”، قال بول ابن الـ 27 عاما خلال التمارين الثلاثاء بعدما ظهر مرتديا غطاء رأس غريب على شكل ديك.
اعتبر البعض أن تايزون في أوج عطائه في الثمانينيات كان سيهزم بول في غضون دقائق، في حين طرح البعض الآخر السؤال التالي: هل ما زال الملاكم الاميركي يحتفظ بما يكفي من بقايا موهبته وقوته التدميرية ولكماته الحديدية التي توجته أصغر بطل للوزن الثقيل في التاريخ في عام 1986، في سن 20 عاما وأربعة أشهر؟
أجاب بوب أروم، المروّج الأسطوري والذي يبلغ 92 عاما وعاصر الملاكمة على امتداد حقبات عدة، على هذا السؤال بكلمات لا لبس فيها لأحد المواقع الالكترونية الشهر الماضي، قائلا “الإجابة هي لا”.
وتابع “رجل يبلغ 58 عاما، بغض النظر عن قوته، بغض النظر عن مدى لياقته البدنية، لن يكون قادرا على القتال”.
وختم قائلا “لا يمكنك توجيه اللكمات كما ينبغي، ولا يمكنك القيام بالكثير من الأشياء. أتمنى ألّا يتعرض مايك للأذى، لكنني لا أمنحه أي فرصة تقريبا”.