قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الأحد الانسحاب من الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر، وذلك بعد أن فقد رفاقه الديمقراطيون الثقة في قدرته البدنية والعقلية على التغلب على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، في حين أبدى دعمه لنائبته كاملا هاريس لتحل محله مرشحة للحزب.
وقال بايدن (81 عاما) في منشور على منصة إكس إنه سيواصل أداء مهامه كرئيس وقائد أعلى للقوات المسلحة حتى انقضاء فترة ولايته في جانفي 2025، مضيفا أنه سيتحدث إلى الأمة في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وأضاف بايدن في المنشور “لقد كان أعظم شرف في حياتي أن أخدم كرئيس لكم. ورغم أنني كنت أعتزم الترشح لولاية أخرى، أعتقد أنه من مصلحة حزبي وبلدي أن أتنحى وأركز فقط على أداء مهامي الرئاسية خلال الفترة المتبقية من ولايتي”.
ولم يشمل بيانه الأولي دعم هاريس لكن تبعه ببضع دقائق بإبداء دعمه لها.
وستصبح هاريس (59 عاما)، أول امرأة من أصول إفريقية تترشح على رأس قائمة حزب كبير في تاريخ الولايات المتحدة.
وقال الرئيس السابق ترامب، المرشح الجمهوري في انتخابات الخامس من نوفمبر، لشبكة (سي.إن.إن) اليوم الأحد إنه يعتقد بأن هزيمة هاريس أسهل من بايدن.
وقال مصدر مطلع لرويترز إن بايدن غير رأيه فجأة. وأخبر الرئيس حلفاءه بأنه يعتزم البقاء في السباق حتى ليل السبت قبل أن يغير رأيه بعد ظهر الأحد.
وقال مصدر مطلع على الأمر لرويترز، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: “الليلة الماضية كانت الرسالة هي المضي قدما في كل شيء، وبأقصى سرعة”. وأضاف “في نحو الساعة 1:45 بعد ظهر اليوم (بالتوقيت المحلي): أخبر الرئيس فريقه من كبار المسؤولين بأنه غير رأيه”.
وأعلن قراره عبر وسائل التواصل الاجتماعي في غضون دقائق.
ولم يتضح بعد ما إذا كان كبار الديمقراطيين الآخرين سيتنافسون مع هاريس على نيل ترشيح الحزب، حيث كان يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها الاختيار المناسب للعديد من مسؤوليه، أو ما إذا كان الحزب نفسه سيختار فتح المجال للترشيح.
ويأتي إعلان بايدن بعد موجة من الضغوط العامة والخاصة من المشرعين الديمقراطيين ومسؤولي الحزب للانسحاب من السباق بعد أدائه الضعيف على نحو صادم في مناظرة بثها التلفزيون في 27 جوان الشهر الماضي مع منافسه الجمهوري ترامب (78 عاما).
وأدى عدم استطاعة بايدن في بعض الأحيان إكمال جمل واضحة إلى إبعاد التركيز عن أداء ترامب، الذي أدلى بسلسلة من التصريحات الكاذبة، وليتحول الأمر إلى أسئلة تتعلق بملاءمة بايدن لولاية أخرى مدتها أربع سنوات.
وبعد أيام، أثار مخاوف جديدة في مقابلة، إذ تجاهل مخاوف الديمقراطيين والفجوة الآخذة في الاتساع في استطلاعات الرأي مع ترامب، وقال إنه سيكون من الجيد أن يخسر أمام المرشح الجمهوري إذا علم أنه “بذل كل ما في وسعه”.
وأدت أخطاؤه في قمة حلف شمال الأطلسي، حيث ذكر اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما كان يقصد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووصف هاريس “بنائبة الرئيس ترامب”، إلى زيادة المخاوف.
وقبل أربعة أيام فقط من إعلان اليوم الأحد، شخص الأطباء إصابة بايدن بكوفيد-19 للمرة الثالثة، مما أجبره على قطع رحلة حملته الانتخابية إلى لاس فيجاس. وكان أكثر من واحد من كل عشرة ديمقراطيين في الكونجرس قد دعاه علنا إلى الانسحاب من السباق.
وبايدن هو أول رئيس يتخلى عن ترشيح حزبه لفترة جديدة منذ الرئيس ليندون جونسون في مارس 1968. تترك هذه الخطوة التاريخية أقل من أربعة أشهر لمن سيخلفه لتنظيم حملة انتخابية.
وإذا ظهرت هاريس كمرشحة، فإن هذه الخطوة ستمثل مقامرة غير مسبوقة من قبل الحزب الديمقراطي. فهي أول امرأة أمريكية سوداء وآسيوية تترشح للبيت الأبيض في بلد انتخب رئيسا أسود واحدا ولم ينتخب امرأة للرئاسة في تاريخه الديمقراطي الذي يتجاوز القرنين.
وكان بايدن أكبر رئيس أمريكي يُنتخب على الإطلاق عندما تغلب على ترامب في 2020. وخلال تلك الحملة، وصف بايدن نفسه بأنه جسر إلى الجيل التالي من القادة الديمقراطيين. وفسر البعض ذلك على أنه يعني أنه سيخدم لفترة ولاية واحدة، وهو شخصية انتقالية تغلب على ترامب وأعاد حزبه إلى السلطة.
لكنه وضع نصب عينيه ولاية ثانية معتقدا أنه الديمقراطي الوحيد القادر على هزيمة ترامب مجددا وسط تساؤلات حيال خبرة هاريس وشعبيتها. لكن في الآونة الأخيرة، بدأ تقدمه في السن يظهر بوضوح أكثر. وأصبحت مشيته متثاقلة وبات يتلعثم في الحديث أحيانا.
وكان فريقه يأمل أن يهدئ أداء قوي له في مناظرة 27 جوان المخاوف بشأن عمره. لكن حدث العكس. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس بعد المناظرة أن نحو 40 بالمئة من الديمقراطيين يعتقدون أنه ينبغي له أن ينسحب من السباق.
وبدأ المانحون بسحب دعمهم له وبدأ أنصار هاريس بالتجمع حولها. وقال كبار الديمقراطيين، بمن فيهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وهي حليفة قديمة لبايدن، إنه لا يستطيع الفوز في الانتخابات.
وقاوم بايدن في البداية الضغوط للتنحي. وأجرى مكالمات واجتماعات مع المشرعين وحكام الولايات، وأجرى مقابلات تلفزيونية نادرة. لكنها لم تكن كافية.
وأظهرت استطلاعات الرأي اتساع تقدم ترامب في الولايات الحاسمة الرئيسية، وبدأ الديمقراطيون يخشون تعرضهم لهزيمة نكراء في مجلسي النواب والشيوخ. وفي 17 جويلية، دعاه النائب عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف إلى الخروج من السباق.