يواجه منظّمو دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في باريس تحدّيًا وقلقًا كبيرين، بشأن التزامهم بإجراء منافسات السباحة في المياه المفتوحة في نهر السين الخلاّب لكن الملوّث تاريخيًا.
في أوت الماضي، ألغيت اختبارات ماراثون السباحة لأن المياه كانت متّسخة للغاية، وكذلك مراحل السباحة في يومين من الأيام الأربعة لاختبارات الترياثلون والباراترياثلون.
في المقابل، أصرّت مدينة باريس على أنه “لا توجد خطة بديلة”.
ستبدأ منافسات الرجال والسيدات التي يبلغ طولها 10 كيلومترات على جسر ألكسندر الثالث الذي يتمتع بتصميم جميل، ومع وجود قصر ليزانفاليد وبرج إيفل في الخلفية، يتّجه بعدها المتسابقون لمسافة كيلومتر واحد مروراً بمناطق الاستقطاب الشهيرة الأخرى، بما فيها متحف أورسي والقصر الكبير (غران باليه).
ربما يكون مناسباً المرور بجانب متحف الصرف الصحّي المجدّد أخيراً، وجسر ألما قبل العودة. مسار الترياثلون سيكون أقصر من ذلك.
إنه مسار تم اختياره لاستعراض جمال باريس.
كما انه يحظى برمزية سياسية: حُظرت السباحة في نهر السين منذ 1923، لكن العديد من رؤساء بلديات باريس وعدوا باعادة السماح بذلك.
في عام 1990، وعد جاك شيراك، عندما كان رئيس بلدية العاصمة قبل ان يصبح رئيساً للبلاد، بأنّ النهر سيصبح “نظيفاً” بما فيه الكفاية للسباحة فيه، وبانه سوف يحتفل بالغطس فيه. لكنه لم يفعل ذلك.
كما وعدت رئيسة البلدية الحالية، آن هيدالغو، وهي من الداعمين للمبادرات الخضراء، بأنها ستغطس قبل بدء الألعاب الأولمبية، وأنه سيتم السماح للجمهور بالسباحة في ثلاثة مواقع بحلول عام 2025. لكنها أيضاً لم تفعل ذلك حتى هذا الحين.
يعتبر المسؤولون في المدينة بأنّ نوعية المياه تحسّنت، إلا أن أياً من العيّنات المسحوبة بين جوان وسبتمبر 2023 لم تطابق المعايير الأوروبية لناحية الحد الادنى من نوعية المياه التي تسمح بالسباحة.
وتكمن المشكلة الكبيرة في البراز. وتزداد البكتيريا الموجودة في الماء بشكل حاد عندما تجرف الأمطار الغزيرة الحطام ومياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى النهر من الضفاف والمصارف والمجاري الفائضة.
تختبر المدينة المياه عند مستوى 14 نقطة. وفي عام 2022، اعتبرت جودة المياه في ثلاث منها “كافية”، لكنها تدهورت بحلول الصيف الماضي.
ألغيت السباحة في المياه المفتوحة في أوت الماضي، بعد أن أدى الجرف العنيف إلى زيادة معدل جرثومة إي. كولي (الإشريكية القولونية) إلى ستة أضعاف المستوى المستهدف الذي حدّده الاتحاد الدولي للألعاب المائية.
وأصرت مدينة باريس على أنها “تعلّمت” من مشاكل أخذ العينات في مراحل الاختبار.
وتستثمر السلطات الوطنية والمحلية أيضًا 1.4 مليار يورو (أكثر من 1.5 مليار دولار) في خمسة مشاريع مصمّمة لتنظيف المياه.
كشفت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا-كاستيرا الثلاثاء عن محطة معالجة تهدف إلى ابعاد النفايات عن نهر السين قائلة “نحن جاهزون” للمسابقات الأولمبية في النهر.
– عطل في الصمام –
ووفقاً لمسؤول في مدينة باريس، فإنّ الاختبارات الفاشلة لترياثلون الفرق، وبعد أسبوعين مع السباحة البارالمبية، لم يتسبّب بها المطر إنما “عطل في الصمام” في نظام الصرف الصحي في باريس.
ويبقى الطقس الخطر الأكبر، حسب اقرار بلدية باريس التي تخشى “هطول أمطار استثنائية”.
أما الخطة البديلة الوحيدة للسباحة فهي تأجيل الحدث لبضعة أيام.
وقال توني إيستانغيه، رئيس اللجنة المنظمة لباريس 2024، بعد الإلغاءات في أوت الماضي “لا يوجد حلّ لتأجيل الحدث، ستقام سباقات الترياثلون والسباحة في المياه المفتوحة في نهر السين العام المقبل”.
بالنسبة للرياضيين، هذه هي الألعاب الأولمبية، وتشكّل المياه المتسخة خطرًا دائمًا في مسابقات المياه المفتوحة.
في نهاية الاختبارات في عام 2019 قبل أولمبياد طوكيو، اعترض السباحون على جودة المياه في خليج طوكيو. قبل دورة الألعاب الأولمبية في ريو عام 2016، تصدّر خليج غوانابارا الملوّث عناوين الأخبار.
– عرض متألق –
وقال بطل العالم مرّتين الإيطالي غريغوريو بالترينييري لوسائل الإعلام المحلية في جانفي “عرض متألق”.
وتابع “حتى لو كانت المياه قذرة، أفضّل السباحة في جو كهربائي في وسط باريس بدلاً من السباحة في منطقة مجهولة من المياه”.
بعد فوزه بالميدالية الفضية في بطولة العالم التي أقيمت في قطر في وقت سابق من شهر فيفري، قال الفرنسي مارك أنطوان أوليفييه إنه متحمّس لموقع الاستضافة.
وقال “قد يكون الناس خائفين مما يوجد في الماء، لكن السباحة في مكان تاريخي سيكون أمراً لا يُصدّق”.
وأضاف “بالطبع، سيحاول الكثير من الناس إثارة بعض الضجة حول الظروف التي سنعيشها في الماء، ولكن إذا تمكنا من السباحة فلن تكون هناك مشكلة. لن يخاطروا بنا في حوض السباحة وأن يصاب احدنا بأي اذى”.
يمكن أن تصبح سباقات الترياثلون “سباقات ثنائية” كما فعل البعض في الصيف الماضي.
وقالت البريطانية بيث بوتر التي فازت في الاختبار الفردي “سيكون الأمر مؤسفا لكننا تأقلمنا مع سباق الدواثلون”.