مع حلول شهر رمضان المعظّم شهر العبادة والتسامح والتضامن، تحلّ معه لياليه الاحتفالية المعطّرة بحنين الماضي وبألوان الفنون والسهرات الموسيقية الصوفية والطربية، فتضفي على المدن التونسية ومنها العاصمة تونس على وجه الخصوص بعدا احتفاليا طيلة أيام الشهر، حيث تأخذ إيقاعات الليالي نسقا جديدا أكثر حركية بعد الإفطار مقارنة ببقية أيام السنة.
مهرجان المدينة بتونس
ومن يتحدّث عن الطابع الاحتفالي لشهر رمضان تونس، يتبادر للأذهان من الوهلة الأولى أقدم المهرجانات الرمضانية وهو مهرجان المدينة بتونس العاصمة، شيخ المهرجانات الرمضانية، والذي يبلغ دورته الـ 40 هذا العام، إذ ما انفكّت هذه التظاهرة تجذب، على مدى مختلف الدورات، تجذب عشاق الموسيقى الصوفية والطربية وموسيقى المالوف وكذلك الموسيقى الشرقية والفلامنقو، ذلك أن السهرات الرمضانية أصبحت في تونس تقليدا سنويا سواء كانت العروض مجانا أو بمقابل، ولكنها تلبّي جميع الأذواق وتتوزّع بين فضاءات مغلقة وأخرى مفتوحة في المدينة العتيقة أو خارج أسوارها.
“كازا طرب”: 27 ليلة موسيقية
ولعلّ الحدث الأبرز الذي شدّ إليه انتباه وسائل الإعلام مؤخّرا هو تظاهرة “كازا طرب” التي تستضيفها إحدى الفنادق الفخمة بالعاصمة، حيث ستقام بين 11 مارس و6 أفريل وتتضمّن 27 سهرة أبرزها “عشاق الدنيا” لعبد الحميد بوشناق و”الزيارة” لسامي اللجمي، إلى جانب ثلّة من نجوم الأغنية التونسية على غرار لطفي بوشناق وزياد غرسة، ونبيهة كراولي وآية دغنوج وألفة بن رمضان ودرصاف الحمداني، إلى جانب عودة الفنانة نجاة عطية لاعتلاء الركح بعد غياب مطوّل نسبيا.
ليالي رمضان: عوالم جمالية تتفاعل فيها ثقافات العالم
وليست السهرات الرمضانية حكرا على المؤسسات الثقافية التونسية فحسب، بل إن عددا من المؤسسات الثقافية الأجنبية في تونس انخرطت في هذا المجال من أجل تقديم عوالم جمالية تلتقي فيها ثقافات العالم وتتفاعل في ما بينها. ومن ضمن هذه المؤسسات الأجنبية، يجدّد المعهد الفرنسي بتونس لقاءه بروّاده مع برنامج “ليالي رمضان”، إذ تتضمّن التظاهرة أمسيات شعرية وعروضا كوريغرافية وأخرى موسيقية. ومن أبرز فقرات هذا البرنامج، تقديم العمل الإبداعي الجديد “تانغو عربي” لعازف البيانو والملحن التونسي محمد علي كمون، مع المغني الفرنسي ذي الأصول اللبنانية غسان يمين ترافقهم ومجموعة من الفنانين لأداء توزيعات أصلية لأغاني عربية كلاسيكية تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وقد أعلنت الفنانة علياء السلامي حضورها حضورها من خلال عرض بعنوان “كتبتُ” ويجمع بين الأغاني والأشعار للشاعر الراحل الصغيّر أولاد أحمد وعوالم الأصوت التونسية.
سهرات المسرح البلدي
ويفتح المسرح البلدي أبوابه لاستقبال جمهوره خلال السهرات الرمضانية، حيث يستضيف على ركحه لطفي بوشناق وصابر الرباعي والمجموعة الموسيقية “سلاطين الطرب” والمجموعة الموسيقية الصوفية “العزوزية” و”حضرة رجال تونس”، وإلى جانب عروض أخرى كوميدية على غرار كوثر باردي وجلال الدين السعدي في “ملا جو” ووسيم الحريصي في عرض “ميغالو شو”.
ويقترح أوركستر قرطاج السمفوني بقيادة الثنائي محمد وحافظ مقني على جمهوره الموسيقى الكلاسيكية عرضا بعنوان “البساط السحري” وهو رحلة مع أنغام الماضي وأجمل ألحان الشرق مع تكريم فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي والرحابنية، إلى جانب تقديم مقاطع موسيقية من المالوف التونسي.
مدينة الثقافة: دورة استثنائية لمهرجان الأغنية التونسية
وفي انتظار الكشف عن سهرات برنامج “رمضان في المدينة، سيكون عشاق الأغاني الملتزمة على موعد مع الدورة 22 لمهرجان الأغنية التونسية الذي يتزامن تنظيمه هذا العام مع شهر رمضان المعظّم (14 و15 و16 كارس). وتُقام دورة هذا العام تحت شعار “لأجلك يا فلسطين” ويؤمن لسهراتها فنانون تونسيون مع حضور الفنانة اللبنانية أميمة الخليل ضيفة شرف وستحيي بدورها جانبا من سهرتيْ الافتتاح والاختتام.
مدينة تونس: على إيقاعات الموسيقى والألوان
وتحافظ مدينة تونس العتيقة على بريقها وسحرها خلال السهرات الرمضانية كوجهة رئيسية للتونسيين للسمر في مقاهيها والتجول في أزقتها وبين معالمها التاريخية التي تعتبر شريان الحياة في المدينة، وفيها يستحضر الزوار ماضي المدينة وهم يواكبون عديد الأنشطة التي تتراوح بين عروض الشارع وعديد العروض الأخرى كالفن التشكيلي، إذ لن يُستثنى أحباء الفنون التشكيلية من هذه العروض لأن المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الذي يُقام بقصر خير الدين باشا في المدينة العتيقة يتواصل إلى يوم 31 من شهر مارس الحالي.