تمكن الملايين من سكان أميركا الشمالية والجنوبية من مراقبة كسوف حلقي السبت، غطى خلاله القمر الشمس لبضع دقائق، وكشف عن “حلقة النار”.
وأثناء الكسوف الحلقي، يكون القمر بعيداً قليلاً عن الأرض مقارنة مع ما يكون عليه أثناء الكسوف الكلي، وبالتالي يبدو قطره، للناظرين إليه، أصغر قليلاً من قطر الشمس، ما ينتج عنه هذا اللون البرتقالي “الحلقي”.
وقال مبارك سوكونبي (8 سنوات) الذي جاء ليعاين الكسوف على هامش مهرجان سنوي كبير لمنطاد الهواء الساخن في ألبوكيرك (جنوب غرب الولايات المتحدة)، إن المشهد أشبه “بالثقب الأسود”، مضيفاً “القمر يغطي الشمس ومن ثم هناك دائرة حوله”.
وظهر الكسوف بعد وقت قصير من الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي (16,00 ت غ) في ولاية أوريغون الأميركية على ساحل المحيط الهادئ، ثم “عَبَرَ” الولايات المتحدة من الشمال الغربي إلى تكساس في الجنوب.
وقال المتفرج الأميركي شانون كوزاد بحماس “إنه أمر مهيب. نحن مندهشون”.
– شيء لا يوصف –
وشوهد الكسوف بعد ذلك في المكسيك، ثم في أميركا الوسطى: في هندوراس وكوستاريكا ونيكاراغوا على وجه الخصوص.
وكانت كولومبيا أول دولة في أميركا الجنوبية يُسجَّل فيها هذا الكسوف الحلقي. وفي مركز مراقبة الفلك في بوغوتا، حبس ألف شخص أنفاسهم عند الظهر عندما انكشحت السماء فجأة، وأصبحت مرئية.
ثم علت أصوات الضحكات وذُرفت الدموع تأثراً.
وقالت الموظفة الحكومية كيومارا سيفوينتس (41 عاما) التي جاءت مع زوجها وأطفالهما الثلاثة، لوكالة فرانس برس “كان من المحزن في البداية عدم تمكني من رؤية ذلك، ثم كان الأمر مؤثرا للغاية” عندما ظهرت. وأضاف “سيكون ذلك ذكرى جميلة”.
وقال خوان فينازكو، وهو طالب جامعي يبلغ 25 عاما، “لقد كان شيئا لا يوصف، لا أجد كلمات للتعبير عما أشعر به”.
وفي بلدة بينونوم في بنما، على بعد 150 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة، عاين كارلوس راميريز الكسوف وهو يرتدي زي رائد فضاء، وهي المهنة التي كان يحلم بمزاولتها عندما كان طفلا.
وقال هذا المرشد السياحي البالغ 55 عاما لوكالة فرانس برس “لقد وجدتُ الحدث مذهلا هنا في بنما”.
وتستمر “حلقة النار” المقابلة لمحيط الشمس من بضع عشرات من الثواني إلى أكثر من 5 دقائق، حسب موقع الرصد.
وبثت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) مقطع فيديو للحدث على موقعها الإلكتروني، مع بث مباشر من نيو مكسيكو وتكساس.
– تساؤلات مستمرة –
وفي الولايات المتحدة، كان هذا الحدث بمثابة مقدمة قبل الكسوف الكلي المرتقب في أفريل 2024.
وقالت مادهوليكا غوهاثاكورتا، العالمة في قسم الفيزياء الشمسية في وكالة ناسا، هذا الأسبوع إن هذين الخسوفين، الحلقي والكلي، “سيكونان مثيرين للغاية للبحث العلمي”.
وأوضحت أنه “خلال كسوف الشمس، يحدث انخفاض كبير في كثافة الإلكترونات في طبقة الأيونوسفير”، وهي طبقة من الغلاف الجوي.
وشددت على أنه “حتى لو أن التأثيرات الجوية لكسوف الشمس تشكل محور دراسات منذ أكثر من 50 عاما، فإن الكثير من الأسئلة لا تزال قائمة”. على سبيل المثال، “ما مقدار تأثر طبقة الأيونوسفير؟ وكم يمتدّ هذا الأمر؟ ولماذا يحدث ذلك؟”
وكانت ناسا قد أعدت إطلاق ثلاثة صواريخ سبر من قاعدة وايت ساندز العسكرية في نيو مكسيكو: واحد قبل الكسوف، وواحد أثناءه، وواحد أخير بعد الحدث.
ويهدف ذلك إلى جمع بيانات عن المجالات المغناطيسية والكهربائية، وكثافة الإلكترونات، ودرجة الحرارة التي انخفضت بسبب الظل الناتج عن القمر. وقد يؤدي هذا أيضاً إلى اضطرابات لدى الحيوانات.
حدث كسوف كلي في عام 2017 في الولايات المتحدة. وبعد شهر أفريل، يُرتقب الحدث التالي من هذا النوع في عام 2044 في البلاد.
وسيكون كسوف كلي مرئياً أيضاً في إسبانيا في أوت 2026.
الشمس أكبر بحوالي 400 مرة من القمر، ولكنها أيضاً أبعد بـ 400 مرة، ولهذا السبب يبدو النجمان متشابهين في الحجم من الأرض.
وقالت وكالة الفضاء الأميركية إنه للاستمتاع بكسوف الشمس، يجب وضع نظارات خاصة معتمدة تحت طائلة تعريض العينين لأذى كبير.