تتويج جديد يضاف لقائمة ألقاب بطلة التنس التونسية أنس جابر، التي نحتت طريقها نحو العالمية بخطى ثابتة، بعدما أبهرت، السبت، محبيها بفوزها ببطولة نينغبو الصينية المفتوحة للتنس ذات الـ 250 نقطة، إثر تغلبها على الروسية ديانا شنايدر المصنفة 85 عالميا، بمجموعتين دون رد (6-2، و6-1).
اللقب هو الثاني للاعبة التونسية في 2023 والخامس في مسيرتها الاحترافية، بعد إحرازها بطولة بيرمينغهام في 2021، وبطولتي مدريد للماسترز وبرلين العشبية في 2022، وبطولة شارلستون في 2023.
ومن المنتظر أن تخوض جابر خلال الأسبوع المقبل منافسات بطولة بكين للماسترز ذات الـ1000 نقطة التي تقام على ملاعب ذات أرضية صلبة، حيث تواجه في الدور الأول إحدى اللاعبات القادمات من مرحلة التصفيات التمهيدية.
إصرار رغم التراجع
ورغم خسارتها نهائي بطولة ويمبلدون للتنس للمرة الثانية في تاريخها منتصف جويلية الماضي عقب سقوطها أمام التشيكية ماركيتا فوندروسوفا بمجموعتين دون رد، معتبرة أن ذلك “أكبر خسارة لها في مسيرتها”، إلا أن جابر ظلت متشبثة بطموحها وإرادتها في تحقيق التتويجات المتتالية.
أنس جابر التي يلقبها التونسيون “بوزيرة السعادة”، قالت حينها بكل أسف “هذه أكثر خسارة مؤلمة في مسيرتي”.
وأضافت بلهجة كلها إصرار مثلما عرفها جمهورها ومحبوها: “سيكون يوما صعبا لكنني لن أستسلم وسأعود أقوى. .إنها رحلة صعبة لكني أعدكم بالعودة وسأفوز بلقب هذه البطولة في يوم ما”.
وفي سبتمبر الحالي تراجعت نجمة التنس التونسية أنس جابر، مركزين في التصنيف العالمي الجديد للاعبات التنس المحترفات في نسخته الصادرة، الاثنين.
وجاءت جابر في المركز السابع، بعد ما كانت تحتل المركز الخامس عالميا قبل مشاركتها في بطولة “أمريكا المفتوحة للتنس” آخر البطولات الأربع الكبرى (غراند سلام)، والتي أقصيت منها في الدور ثمن النهائي أمام الصينية كين وين زهانغ.
وسبق للبطلة التونسية أن احتلت مركز الوصافة في التصنيف العالمي في جوان 2022، وهو أفضل تصنيف لها على الإطلاق عبر مسيرتها الاحترافية.
عودة قوية في 2023
في 9 أفريل 2023 ، توّجت اللاعبة التونسية بلقب دورة “شارلستون” الأمريكية، بعد فوزها على السويسرية بيليندا بينسيتش، في المباراة النهائية.
فوز التونسية على منافستها السويسرية، كان بواقع مجموعتين مقابل مجموعة واحدة، كانت نتائجها 4 – 6، 7 – 6، 6 – 4.
ويعد هذا اللقب الرابع في المسيرة الاحترافية لأنس جابر المصنفة خامسة عالميا، كما كان الفوز الثالث لها على بينسيتش في خمس مواجهات جمعت بينهما.
وكان لقب دورة شارلستون الأمريكية هو الأول للاعبة التونسية في ذلك الموسم والرابع في مسيرتها الاحترافية بعد دورة بيرمنغهام الإنجليزية عام 2021، ودورتي مدريد وبرلين في 2022.
أول “ماسترز” للأيقونة التونسية
في 7 ماي 2022، حققت جابر إنجازا عربيا وإفريقيا غير مسبوق، عبر فوزها بدورة مدريد للماسترز ذات الألف نقطة.
فازت آنذاك بالمباراة النهائية على منافستها الأمريكية جيسيكا بيغولا بمجموعتين لواحدة، بواقع 7-5 / 0-6 /6-2، لتدخل بذلك التاريخ كأول لاعبة عربية وإفريقية تحرز بطولة “ماسترز”.
ويُعد لقب دورة مدريد على الأراضي الترابية ثاني ألقاب المحترفة التونسية الفردية في الدورات الكبرى للتنس بعد دورة برمنغهام فئة 250 نقطة، والتي توجت بها في يونيو 2021.
وفي 12 أفريل 2021، بلغت جابر نهائي بطولة “تشارلستون” الإنجليزية، ثم نهائي بطولة “شيكاغو” في 27 سبتمبر 2020، لكنها لم تنجح في التتويج بهما.
ووصلت إلى أعلى تصنيف في مسيرتها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، حيث احتلت المركز السابع عالميًا، وفق تصنيف رابطة المحترفات “دبليو تي أيه”.
رهان على الألقاب
قبل 5 سنوات كان هم جابر دخول نادي المئة الأوائل في ترتيب محترفات التنس، عشرات المشاركات ومئات الأميال من الرحلات للمشاركة في دورات دولية لتحصيل أكثر ما يمكن من النقاط ولتكون مراهنة على الألقاب.
وذكرت اللاعبة في أكثر مناسبة أن التتويج في إحدى البطولات الكبرى، سيكون خطوة بارزة في مسيرتها، وانطلاقها بجدية لتكون ضمن المراهنات على ألقاب الدورات العظمى وبلوغ صدارة الترتيب العالمي، وهو ما تحدثت عنه في مقابلة سابقة مع الأناضول عندما دخلت في يوليو 2017 لأول مرة نادي الـ100 الأوائل في ترتيب المحترفات.
رحلة الفوز ببطولة في هذا الحجم لم تكن ممكنة لولا التضحيات والصبر والتعلم من الفشل.
ومارست الشابة التونسية رياضة كرة اليد وحتى كرة القدم، قبل أن تختار في سن مبكرة التخصص في التنس الذي عرفته من مرافقة والدتها إلى نادي التنس بمحافظة سوسة (شرق).
مسيرة رياضية حافلة
مسيرة “وزيرة السعادة” التونسية، بدأت في دورة تونس الدولية للناشئات سنة 2007، لتحقق لقبين متتاليين في دورتين من فئة (ITF) في العام 2010، ثم خوض أول مشاركة خارجية في هذا الصّنف العمري في العاصمة القطرية الدوحة من فئة (WTA) في نفس العام.
وفي سن 13 عامًا، خاضت النهائي الأول في مسيرتها عام 2009 في دورة بلبنان ضد مواطنتها نور عباس، قبل أن تحقق خلال نفس السنة أول ألقابها في بطولة “الفجيرة” الدولية للناشئات ولقب الزوجي في نفس البطولة رفقة مواطنتها عبّاس.
البداية الحقيقية كانت عام 2011 في بطولة “رولان غاروس” الفرنسية للناشئات التي حصدت لقبها لتكون أول لاعبة عربية وإفريقية تحقق هذا الإنجاز، بعد أن خاضت نهائي النسخة السابقة لنفس المسابقة سنة 2010.
وبفعل مشاركاتها المتتالية تقدمت جابر بين سنتي 2012 و2016 من الترتيب 698 لتتمكن من دخول نادي الـ200.
عالم الاحتراف الجديد
واصلت جابر العمل بجد واجتهاد، واستمرت مشاركتها في عشرات الدورات الدولية للمحترفات، ليكون العامان 2017 و2018 فارقين في مسيرتها، بدخول نادي الـ100 الأوائل وبلوغ أول نهائي من فئة (WTA) للكبار والوصول إلى الدور الثالث ببطولة “رولان غاروس” ما مكنها من بلوغ الترتيب 62 عالميًا حينها.
التطور والتقدم في المستوى والترتيب رافقا اللاعبة التونسية في 2019 و2020 حيث شاركت لأول مرة في الدورات الأربع الكبرى (غراند سلام)، وبلغت ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة لتصل في جويلية 2020 المركز 31 عالميًا.
وبخطى ثابتة حققت لقب “برمنغهام” في الزوجي صحبة البريطانية إيلين بيريز في 2021، وفي الفردي، بلغت نهائي دورات “تشارلستون” (2021 حققت اللقب) و2022، و”شيكاغو” و”موسكو” في 2018، ونهائي الزوجي في “تشارلستون” 2021.
وفي المجموع حققت جابر 13 لقبًا في دورات وبطولات الاتحاد الدولي للتنس؛ وهي بطولة مدريد للأساتذة (1000 نقطة)، وتشارلستون 2021 (250 نقطة)، ودورات أنطاليا التركية والدار البيضاء المغربية 2010، وتونس 2013 و2014 و2016.
كما فازت بدورتي”فوكوكا” و”كونومي” باليابان 2013، وساغيناي الكندية 2013، و”دايتونا” و”سان رايس” الأمريكيتين سنة 2016.
أما على الصعيد القاري ففازت بذهبيتين في الألعاب الإفريقية في الفردي والزوجي سنة 2011، وفضية (زوجي مختلط) في نفس العام، وذهبية في الألعاب العربية وبرونزية (زوجي) في نفس العام.
كما حققت برونزية ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 2013، وذهبيتين في الألعاب الإفريقية 2011 و2012 في الفردي و2012 في الزوجي وفضية في نفس المسابقة القارية عام 2011 في الزوجي.
أيقونة الكرة الصّفراء في تونس وخليفة مواطنتها سليمة صفر (مطلع الألفية الحالية)، في تمثيل تونس في بطولات التنس العالمية، باتت مثالًا لأغلب الرياضيين في بلدها، ومرشحة دائمة لإعلاء راية وطنها في أكبر البطولات التي تبحث عن تحقيق الألقاب فيها.