بعد ساعات قليلة من حدوث زلزال الحوز شمالي المغرب، قال مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء (حكومي) ناصر جبور في تصريحات صحفية إن الزلزال كان مفاجأ من حيث القوة.
ففي مساء 8 سبتمبرالماضي، ضرب المغرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، مركزه في منطقة “إغيل” في الحوز؛ مخلفا 2946 حالة وفاة و5674 مصابا، وفقا لحصيلة غير نهائية أعلنتها وزارة الداخلية مساء الأربعاء.
ومنذ وقوع الزلزال، تتصاعد تساؤلات بين الباحثين الجيولوجيين والمختصين في النشاط الزلزالي أبرزها: كيف حدث هذا الزلزال؟ ولماذا في هذه المنطقة وبتلك القوة غير المسبوقة؟
جبال الأطلس
الباحث في الزلازل والجيولوجيا بكلية العلوم بوجدة شرقي المغرب عمر عزوز قدَّم نظرة عن الإطار الجيولوجي العام يمكن أن تساعد في فهم ما حدث.
عزوز قال للأناضول إن سلسلة جبال الأطلس حديثة العهد، وعمرها أقل من 29 مليون سنة، شأنها شأن سلسلة جبال الريف التي تنتمي إليها محافظة الحسيمة (شمال).
وأضاف أن جبال الأطلس تمتاز بأنه يوجد في حدودها الجنوبية فالق (إنكسار) كبير يمتد من محافظة أكادير (وسط) إلى الشرق ويعبر الجزائر وتونس، كما يوجد انكسار متقطع قادم من جهة الشمال للسلسلة من محافظة بني ملال.
ومع وجود هذه الانكسارات وتقارب قارتي إفريقيا وأوروبا، تنجم حركة تكتونية حديثة، وكلما وقَّع انكسار حديث وقَّع زلزال، تابع عزوز.
وأوضح أن منطقة الحوز، مركز الزلزال الأخير، تقع بين الانكسار الكبير جنوب الأطلس والانكسار الشمالي شمال الأطلس، وتسمى لدى الجيولوجيين بالمنطقة “الانخلاعية”.
حدة الانكسار
ملاحظة عامة أخرى حول جغرافية منطقة الحوز تحدث عنها عزوز بقوله إنها منطقة جبلية وعرة تميزها الوديان العميقة، وهذه خصائص تفيد بوجود ارتفاع دائم للقشرة الأرضية وعدم استقرار تكتوني.
ومكمن المفاجأة بالنسبة له هو أن مركز الزلزال، وفق المعطيات الأولية، بعيد عن حد الانكسار العام بنحو 45 درجة، أي أنها منطقة لا تقع عند الحد الفاصل بين الصفائح التكتونية.
وشدد على أنه لم يكن يدر بخلد أحد أن تسجل المنطقة زلزالا بهذه القوة، ولم يسجل التاريخ أن المنطقة أو المغرب عامة سجل زلزالا بتلك القوة.
عزوز أرجع سبب وقوع زلزال الجمعة إلى أنه حدث تخزين هائل لطاقة الاحتكاك امتد على الأرجح لنحو 300 سنة.
مراجعة المسلمات
وقبل زلزال الجمعة كان يمكن لأي باحث في الزلازل أن يحصر المجال الجغرافي الذي يعرف نشاطا تكتونيا مستمرا، قد ينجم عنه زلزال ضعيف أو متوسط، في المحافظات الشمالية ولاسيما محافظتي الحسيمة والدريوش.
وسجلت الحسيمة في العقود الثلاثة الماضية عدة زلازل، أبرزها زلزال عام 1994 وخلَّف قتيلين، وزلزال 2004 وأسفر عن نحو 600 قتيل وآلاف المشردين.
وتلك المنطقة، وفقا لباحثين، تشكل المقدمة البارزة للصفيحة الإفريقية التكتونية التي تتحرك باستمرار في اتجاه الشمال.
وسيدفع زلزال الحوز الباحثين إلى مراجعة كل الدراسات حول النشاط التكتوني في المنطقة، لمحاولة فهم حدوث الزلزال في انكسار عرضي بعيد عن الانكسارات المعروفة التي كانت على الدوام تنجم عنها هزات ضعيفة.