فتح المتحف الوطني بباردو أمس الاربعاء أبوابه من جديد بصفة رسمية، وانتظم موكب الافتتاح بحضور وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي وما لا يقل عن ثلاثين سفيرا لبلدان شقيقة وصديقة بتونس.
فمنذ غلقه في 25 جويلية 2021، شهد المتحف أشغال ترميم شملت عددا هاما من اللوحات الفسيفسائية والمنحوتات الرومانية، فضلا عن إحداث قاعات عرض جديدة وإدخال تغييرات على طريقة العرض المتحفي، يعود المتحف الوطني بباردو الذي يعد ثروة فسيفسائية في العالم بثراء مجموعاته المتحفية وجمال هندسته المعمارية، في حلة جديدة سيكتشفها زواره ابتداء من يوم غد الخميس.
وفي بهو المتحف الذي وشحت أحد جدرانه منحوتة “كونكورد” آلهة السلام المحاذية للنصب التذكاري لضحايا حادثة باردو ( 18 مارس 2015)، في رسالة سلام وتسامح للإنسانية، ألقت وزيرة الشؤون الثقافية كلمة ذكرت فيها بعراقة هذا المعلم التاريخي الذي تأسس سنة 1888 “ليعود في حلة جديدة ترتقي به الى مستوى مراتب العالمية التي كان ولا يزال أهلا لها”.
وفي تقديمها للمحة تاريخية حول المتحف أشارت الوزيرة إلى أن هذا المعلم يعود الى عهد البايات الحسينيين وأسسه علي باي الحسيني الذي أصبح له مكان داخل قاعات المتحف من خلال تمثال نصفي سيكتشفه الزوار لأول مرة.
وأضافت أن المتحف في حلته الجديدة التي تحققت بفضل مجهودات فرق متخصصة أثناء فترة غلقه شملت أشغال صيانة وترميم عدد من القطع المتحفية واللوحات الفسيفسائية وتجديد تجهيزات المراقبة وتثمين كنوز نادرة تعرض لأول مرة وأخرى تم تغيير طريقة عرضها بما يليق بقيمتها التاريخية والأثرية، إلى جانب اعتماد تقنيات عرض جديدة.
وفي تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بخصوص فترة الغلق المطولة للمتحف، أكدت حياة قطاط القرمازي أن ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها غلق المتحف الوطني بباردو ثم إعادة فتحه، “فهذه الفترة التي أغلق فيها المتحف تم استغلالها بعناية للقيام بعدة عمليات صيانة شملت المبنى وكذلك ترميم عدد من القطع الأثرية وخاصة اللوحات الفسيفسائية والمنحوتات الرخامية ومنحوتات من مواد أخرى”.
واعتبرت الوزيرة أن فترة الغلق كانت فرصة لإحداث قاعات جديدة وإعادة فتح قاعات أخرى كانت مغلقة في السابق، إلى جانب تثمين بعض القطع التي كانت معروضة بطريقة لا تتماشى مع قيمتها.
وبينت أن المتحف الوطني بباردو هو أحد أبرز المتاحف العالمية حيث تلتقي فيه عديد الحضارات وتتلاقح فيه عديد الثقافات ومحتوياته شاهدة على أرض تونس بلد التعايش السلمي.
وأثنت حياة قطاط القرمازي على جهود مختلف العاملين في المتحف. ودعت التونسيين للإقبال بكثافة على زيارة المتاحف للإطلاع على تاريخ تونس وحضاراتها.
وفي السياق ذاته، قالت مديرة المتحف الوطني بباردو فاطمة نايت ايغيل إن هذا المتحف كان بحاجة إلى هذه الفترة من الغلق حتى يبعث فيه نفسا جديدا، “حيث لم يكن بالإمكان القيام بعمليات الصيانة والترميم والمتحف مفتوح للعموم”. وأضافت أن الأشغال لم تقتصر على المجموعات التاريخية والأثرية فحسب، وإنما شملت أيضا مبنى المتحف.
وأكدت أن عملية إعادة افتتاح المتحف شملت أيضا إعادة افتتاح قاعات ظلت مغلقة لمدة ناهزت 13 سنة. كما تحدثت عن إحداث قاعات جديدة مثل قاعة “الرق الأزرق” في الطابق السفلي والتي خصصت لعرض مخطوطات من القرآن الكريم بطريقة مثلى ومبتكرة ومغايرة عن طريقة العرض السابقة.
وفي المدخل الرئيسي للمتحف، تشدّ “منحوتة السلام” إليها أنظار الزوار، وهي آلهة السلام تم اكتشافها في جكتيس، بحسب فاطمة نايت ايغيل، وقد تم تركيزها بجانب لوحة ضحايا العملية الإرهابية التي جدت في متحف باردو يوم 18 مارس من سنة 2015، والهدف من ذلك بعث رسائل طمأنة وسلام للزوار.
وأعاد المشرفون على المتحف افتتاح “قاعة أوذنة” مع ترميم جميع اللوحات الفسيفسائية التي تحتويها، بالإضافة إلى إحداث قسم جديد للتوابيت التي لم تكن عملية ترميمها سهلة نظرا لخصوصية حفظ هذه المعروضات.
وتحدثت مديرة المتحف أيضا عن إحداث قاعة “كنز شمتو” للمرة الأولى منذ إنشاء المتحف، وذلك في نطاق تعاون دولي تونسي ألماني (المعهد الألماني للآثار). وبحسب ما أفادت نايت إيغيل لوكالة تونس افريقيا للأنباء، من المنتظر تدشين هذه القاعة منتصف شهر أكتوبر القادم.
وتحوز قاعة “كنز شمتو” على أهم الاكتشافات في علم النميات أي علم المسكوكات أو القطع النقدية التي تعود للفترة الرومانية. وذكرت فاطمة نايت ايغيل أن كنز شمتو يتكون من 1648 قطعة نقدية سيتم عرضها بطريقة جديدة مختلفة عن طريقة عرض بقية محتويات المتحف.
وتجدر الإشارة إلى ان المتحف الوطني بباردو يشرع من جديد في استقبال زواره انطلاقا من يوم الخميس 14 سبتمبر من الساعة التاسعة والنصف صباحا إلى الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال.