انهالت الانتقادات اللاذعة على المنتخب الألماني لكرة القدم بقيادة مدربه هانزي فليك غداة الهزيمة المذلة أمام اليابان 1-4 ودياً، وذلك قبل 9 اشهر من استضافة البلاد نهائيات كأس أوروبا 2024، وقل يومين من المواجهة المنتظرة أمام فرنسا وصيفة مونديال قطر.
“عار عليكم!”، عنونت صحيفة “بيلد” الشهيرة في عددها الصادر الأحد بعد خسارة ألمانيا في عقر دارها أمام اليابان ودياً، فيما تحدثت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” اليومية الكبرى في ميونيخ عبر موقعها الإلكتروني عن “كارثة أخرى”.
وبدورها، كتبت صحيفة “فرانكفورت ال غماين تسايتونغ” عبر موقعها الرسمي “الرؤية الألمانية للرعب”، مع صورة للوحة الإعلانات في ملعب فولفسبورغ الذي استضاف الودية والنتيجة 1-4.
بالنسبة لصحيفة بيلد، التي تحدثت عن منتخب “محرج ببساطة” في صفحتها الأولى، فإن “معجزة” فقط ضد فرنسا، بطلة مونديال روسيا 2018 ووصيفة قطر 2022، مساء الثلاثاء في دورتموند لا تزال قادرة على إنقاذ رأس المدرب فليك من مقصلة الاقالة.
ومنذ نهاية مارس 2022 وحتى منتصف سبتمبر 2023، لعبت ألمانيا 17 مباراة رسمية وفازت في أربع فقط. في حين أن هوية المنتخبات التي فازت عليها تعكس المستوى الحالي لـ “دي مانشافت”: البيرو 2-صفر، كوستاريكا 4-2، عُمان 1-صفر وإيطاليا 5-2.
وفي حال استثنينا المنتخب الإيطالي، بطل أوروبا 2021 الغائب عن النسختين الاخيرتين من نهائيات كأس العالم والذي يمر بدوره بمرحلة صعبة، فان المانيا فازت فقط على منتخبات من الدرجة الثانية.
– لم نعد من المستوى الأول –
دفعت النتائج المتواضعة والخسارة الرابعة لألمانيا في مبارياتها الخمس الأخيرة، المدير الرياضي للمنتخب رودي فولر للاقرار قائلا “لم نعد من المستوى الأول في أوروبا”.
وشدد المهاجم الدولي السابق على أن الاتحاد الألماني سيتجنب اتخاذ أي قرارات متهورة بشأن مستقبل فليك الذي تم تعيينه خلفاً ليواكيم لوف صيف 2021، مضيفا “أقترح أن نجمع شتات أنفسنا. نحن جميعا في حالة صدمة بعض الشيء… هزيمة كهذه مؤلمة”.
وتابع “علينا جميعا أن نقوم ببعض البحث عن النفس ونفكر في الأمر. ماذا سيحدث بعد ذلك، سنرى”.
من ناحيته، قال قائد المنتخب لاعب خط الوسط إيلكاي غوندوغان عقب الخسارة “ربما ينبغي علينا أن نقول إننا حاليا، من ناحية اسلوب اللعب، لسنا على مستوى منتخب مثل الذي واجهناه هذه الأمسية. ادعاءات بعيدة كل البعد عن الحقيقة”.
وعندما سُئل عما إذا كان لا يزال يثق في مدربه، أضاف لاعب برشلونة الإسباني “نعم. في مرحلة ما، لا يتعلق الأمر بالمدرب فحسب، بل أيضا بالمنتخب”.
وضمن السياق ذاته، توصلت “فرانكفورت ال غماين تسايتونغ” إلى استنتاج “مع الهزيمة أمام اليابان 1-4، وصلت حقبة هانزي فليك إلى الحضيض. وفي النهاية، لا يبقى سوى الحكم: ليس على المستوى”.
لكن يبدو ان المانيا اعتقدت انها وصلت إلى الحضيض نهاية مارس الماضي أمام بلجيكا حين تعرضت لخسارتها الاولى 2-3 أمام “الشياطين الحمر” منذ عام 1954! أو حتّى خلال الهزيمة أمام كولومبيا في منتصف جوان صفر-2 على ملعب “فيلتنس أرينا” في غيلسنكيرشن، غير أن رجال المدرب فليك يواصلون الغرق ولمس أعماق القاع أكثر فأكثر مباراة تلو الأخرى…
-إعادة النظر في النظام-
تواجد المنتخب الألماني في المربع الذهبي لجميع البطولات الكبرى طوال عقد كامل، تحديداً بين 2006 و2016 (ثلاث بطولات كأس العالم وثلاث بطولات أوروبية، وبلغ المجد بتتويجه بمونديال البرازيل 2014). ولكن مذاك، لم يعرف سوى خيبات الأمل مع أفضل نتيجة له بلوغه دور ثمن النهائي في كأس أوروبا 2021.
واشتهرت الكرة الالمانية في السابق باعداد المواهب عبر منتخبات الشباب، إلا انها حالياً تمر بأزمة نظام عميقة. فبعد احتلال “دي مانشافت” المركز الثاني في الألعاب الأولمبية في صيف 2016 في ريو، لم يتمكن من تجاوز الدور الأول في ألعاب طوكيو بعد خمس سنوات.
والأسوأ من ذلك، أدى الفشل الذي رافق مغامرة منتخب الشباب ما دون 21 عاما في كأس أوروبا 2023 (خرج من دور المجموعات) إلى غياب ألمانيا عن أولمبياد باريس 2024. في حين أن التتويج باللقب الأوروبي لمنتخب ما دون 17 عاماً بمواجهة فرنسا هذا الصيف لم يجلب سوى القليل من البلسم إلى القلب.
بدأ الاتحاد الألماني لكرة القدم إصلاحا في النظام الكروي، والذي يتضمن بشكل خاص إلغاء التصنيف في بطولات الشباب، للسماح للأندية بتطوير اللاعبين من دون ضغوط الهبوط إلى مستويات أدنى.
غير أن هذا القرار لم يحصل على الإجماع، اذ انتقد نائب رئيس الاتحاد المحلي للعبة ورئيس بوروسيا دورتموند هانز يواكيم فاتسكه، أحد أقوى الشخصيات في عالم الكرة المستديرة الألمانية، بشدة هذا المشروع الفيدرالي، خوفاً من فقدان القدرة التنافسية، ما دفع رئيس الاتحاد بيرند نويندورف لاعادة صياغته على الفور.