اقتصاد

السياحة في تونس.. نقطة مضيئة وسط مصاعب اقتصادية

أزمات عديدة مر بها قطاع السياحة الذّي يعد أحد روافد الاقتصاد التونسي

في تونس، التي تواجه أزمات اقتصادية متتالية، وشح في وفرة سلع رئيسة كالطحين، وتراجع في أرقام الاستثمارات الأجنبية الوافدة، تبرز السياحة كنقطة مضيئة وسط هذه المصاعب.
أزمات عديدة مر بها قطاع السياحة الذّي يعد أحد روافد الاقتصاد التونسي على مر السنوات الماضية، ممثلة بتداعيات أحداث إرهابية عصفت بالبلاد قبل سنوات، وأودت بحياة أمنيين وعسكريين وحتى سياح.
الأزمة الاقتصادية في تونس ألقت بظلالها على هذا المجال، وزادت وطأتها مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت في قطاع السياحة في العالم، خلال العام الماضي.
انتعاشة قبل نهاية الموسم
وتسعى تونس خلال السنة الحالية، إلى تدارك ما تكبده القطاع السياحي من خسائر طيلة السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر في تحسن أرقام السياحة الوافدة.
واستقبلت عدة مدن تونسية هذا الصيف، أعدادا متزايدة من السياحة الوافدة، وحركة نشطة عرفتها أسواق الصناعات التقليدية والفضاءات التجارية والموانئ الترفيهية والنزل.
ومقارنة بسنة 2019 التي تم خلالها تسجيل ارتفاع لعدد السياح قدر بـ 9.2 ملايين سائح، ففي سنة 2020 التي مثلت ذروة انتشار الفيروس لم يتجاوز عدد السياح مليوني سائح.
وزارة السياحة أعلنت قبل أيام، عن مؤشرات لموسم واعد ببلوغ 5 ملايين سائح وصلوا تونس منذ مطلع العام الجاري، حتى نهاية يوليو تموز الفائت.
وفي تصريحات صحفية، قال وزير السياحة محمد المعز بلحسين، إن بلاده استقبلت حتى 31 جويلية الماضي، 5 ملايين سائح، بارتفاع ناهز 70 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من الموسم الماضي.
وأضاف أن “عائدات الموسم السياحي تجاوزت، منذ بداية العام الجاري، مليار دولار”.
كانت وزارة السياحة قالت في ماي الماضي، إنها شرعت في مخطط عملي لاستعادة النشاط السياحي، لما قبل أزمة جائحة كورونا، وتنويع المنتوج السياحي لاستقطاب أكثر من 9 ملايين سائح هذا العام.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية الأوكرانية.
فترة هامة
وفي تعليقه على هذه المؤشرات، يقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي للأناضول: “نحتاج لمثل هذه الأرقام اليوم أكثر من أي وقت مضى”.
وأضاف: “الأرقام هامة، خاصة في تعبئة احتياجات البلاد من العملة الصعبة، في وضع تمر به البلاد بعجز تجاري متفاقم، ويتطلب دخول موارد من العملة الأجنبية، الذّي سيمكن بدوره من تخفيف وطأة التضخم المالي”.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنّ “هذه المعدلات، تأتي في وقت تشهد فيه قيمة الدينار التونسي تراجعا، رغم التحسن الطفيف الذّي عرفته بعد المصادقة على عدد من القروض مؤخرا”.
وتذبذب سعر صرف الدينار التونسي بين 3 – 3.2 أمام الدولار أمريكي، خلال العام الجاري، متأثرا بالمصاعب الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
كما اعتبر الخبير الاقتصادي أن “هذه التقديرات الأولية واعدة، وتعطي لمحة على الموسم بأكمله، وأنها من الممكن أن تفوق المستويات التي تم تحقيقها خلال الموسم السياحي للسنة الماضية، لكنها تبقى غير كافية”.
“تحقيق مثل هذه المعدلات لم يكن سهلا، خاصة وأن البلاد عاشت عزلة مالية قرابة عامين وأن هذه العائدات مهمة لخلق توازنات اقتصادية، بالنظر إلى الوضع العالمي، وهي مهمة أيضا لتماسك قيمة الدّينار التونسي”.
لكنه قال: “قطاع السياحة على أهميته وأهمية مداخيله، فإنه غير كاف وأن هناك موارد أخرى هامة من شأنها أن تحسن الوضع الاقتصادي، ولعل أهمها تحويلات التونسيين بالخارج، والسماح لهم بفتح حسابات بالعملة الأجنبية”.
ولفت الخبير إلى أن “قطاع السياحة ساهم ومنذ عقود، منذ في تعبئة الموارد المالية من العملة الصعبة”.
وأكد المحلل الاقتصادي ضرورة وضع استراتيجية جديدة تتغير وفقها السياحة التقليدية، المقتصرة على النزل والبحر، والعمل على إعطاء قيمة للسياحة الثقافية، من زيارة للمواقع الأثرية والتاريخية، والتمتع بالطبيعة التي تميز عدة مناطق داخلية في تونس ورد الاعتبار لها”.
وتملك تونس بنية تحتية للسياحة مجهزة وقادرة على استيعاب الرحلات المتوقعة لما تبقى من العام الجاري.
وفي تونس، نحو 840 نزلا و220 ألف سرير و1100 وكالة سفر، إلى جانب 357 مطعما مصنفا على أنها سياحية؛ إذ يشغل القطاع 600 ألف عامل ويعيش منه ما يقارب 2.800 مليون نسمة، بحسب بيانات رسمية.
وفي 2022، حققت السياحة التونسية عائدات بنحو 4.279 مليارات دينار (1.384 مليار دولار)، بارتفاع يقدر بـ83.1 بالمئة مقارنة بعائدات 2021 .
وقالت وزارة السياحة مطلع العام الجاري، إن “عدد الوافدين على البلاد التونسية خلال 2022 كان 6 ملايين و437 ألف سائح من مختلف الجنسيات، أي بارتفاع بلغ أكثر من 160 بالمئة مقارنة بسنة 2021”.

Tagged , , , ,