ثقافة

الحجيج ينفرون إلى مزدلفة من عرفات بعد أداء ركن الحج الأعظم

الحجيج على صعيد عرفات

توجه ما يقرب من مليوني حاج إلى مزدلفة مساء اليوم الثلاثاء استعدادا لرمي الجمرات بعد وقوفهم بعرفات منذ شروق الشمس في ظل ارتفاع شديد لدرجات الحرارة لتأدية ركن الحج الأعظم.

ووقف الحجيج على صعيد عرفات بالقرب من مكة وألسنتهم تلهج بالتكبير والتهليل والتحميد والدعاء، ولم يتمكن الكثير منهم من مغالبة الدموع بينما كانوا يتلمسون الرحمة والمغفرة والعفو من الله، فيما دعا خطيب مسجد نمرة خلال خطبة يوم عرفة المسلمين إلى وحدة الصف وتجنب الخلاف.

وعرفات هو المشعر الوحيد من المشاعر المقدسة الذي يقع خارج حدود الحرم المكي.

وقال أحمد محمد حسين من مصر وهو يقف على صعيد عرفات “إحساس بصراحة من الفرحة مش مصدق إللي أنا فيه، إحساس بقولك ميتوصفش من فرحة وسعادة وناس حوالينا ولبيك اللهم لبيك والحجاج والسعي والعدد الكبير، يعني حاجة جميلة جدا، ربنا يرزق كل مشتاق”.

وقال سنوسي حمد السنوسي من ليبيا “أول مرة نيجي هنا، وشعوري يعني (هو) شعور بالمغفرة بالرحمة بالمحبة… منقدرش نوصفلك الشعور يعني قُلتلك يعجز اللسان عن الكلمات يعني”.

وقالت وزارة الحج والعمرة السعودية إن عدد الحجاج بلغ مليون و845 ألفا من أكثر من 150 دولة ومن بينهم حوالي 185 ألفا من داخل المملكة. وكانت التوقعات تشير إلى أن عدد الحجيج سيتجاوز مليونين ونصف المليون هذا العام.

وقالت السعودية في جانفي إنها ستلغي جميع قيود مكافحة جائحة كوفيد-19 في موسم الحج هذا وستستضيف أعدادا من الحجاج تضاهي ما كانت عليه قبل انتشار الجائحة.

وفي موسم الحج 2019، قبل ظهور الجائحة، أدى زهاء 2.6 مليون مسلم فريضة الحج. وسمحت المملكة لأعداد محدودة فحسب من سكانها بأداء الحج في عامي 2020 و2021 قبل أن تستقبل مليون حاج أجنبي في عام 2022.

ودعا الشيخ يوسف بن محمد بن سعيد، وهو عضو هيئة كبار العلماء السعودية في خطبة يوم عرفة التي ألقاها من على منبر مسجد نمرة في عرفات إلى التآلف والاتحاد بين المسلمين.

وقال “إن ما تتابعت النصوص على تأكيده الأمر بالاجتماع والمحبة والتآلف والنهي عن التنازع والتفرق والاختلاف”.

وتحدث حجاج إيرانيون عن أن اتفاق المصالحة الذي أبرمته بلادهم مع السعودية في وقت سابق هذا العام ساهم في تحسين الخدمات المقدمة لهم في موسم الحج هذا العام. وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن 87550 إيرانيا يؤدون فريضة الحج هذا العام.

وتوصل الخصمان الإقليميان، إيران والسعودية، في مارس آذار، إلى اتفاق توسطت فيه الصين لإنهاء الشقاق الدبلوماسي بعد سنوات خصومة أذكت صراعات إقليمية وجعلت أداء فريضة الحج والعمرة مهمة صعبة أحيانا على الإيرانيين.

ودأبت إيران على انتقاد طريقة إدارة السعودية لمناسك الحج وقاطعت موسم عام 2016 بعد وفاة مئات الأشخاص، كان كثيرون منهم من إيران، في تدافع وقع في العام السابق. وقالت المملكة إن إيران تريد إضفاء طابع سياسي على المناسك الدينية.

وتوجه وفد يضم قيادات بارزة في جماعة الحوثي اليمنية إلى السعودية لأداء فريضة الحج للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في اليمن، في أحدث إشارة على إحراز تقدم في المحادثات السياسية لإنهاء الصراع الدامي في هذا البلد الفقير.

وتدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في اليمن عام 2015 بعد أن أطاحت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران بحكومة البلاد من العاصمة صنعاء. ويقول الحوثيون إنهم يحاربون نظاما فاسدا بينما تقول الرياض إنها تدخلت في الصراع لإعادة الشرعية في جارتها الجنوبية.

حر شديد

بعد خطبة يوم عرفة أدى حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا.

وبعد غروب شمس اليوم الثلاثاء بدأت نفرة الحجيج إلى مزدلفة حيث سيصلون المغرب والعشاء جمعا وقصرا وسيجمعون الحصى من أجل رمي الجمرات قبل قضاء ليلتهم هناك.

وسيتوجهون إلى منى في وقت متأخر من الليل أو في صبيحة أول أيام عيد الأضحى لإلقاء جمرة العقبة الكبرى، قبل أن يحلقوا رؤوسهم أو يقصروا ويذبحوا الهدي ليشرعوا بعدها في التحلل الأصغر. وبعد ذلك يتوجهون إلى البيت الحرام لأداء طواف الإفاضة.

ثم يعود الحجاج بعدها إلى منى لقضاء أيام التشريق الثلاثة ورمي بقية الجمرات، ليعودوا بعد انتهائها إلى مكة لأداء طواف الوداع الذي تختتم به مناسك الحج.

وقال المتحدث باسم المركز الوطني للأرصاد في السعودية على تويتر “عرفات يسجل اليوم أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة حيث بلغت 48 درجة مئوية في الظل، ورياح حارة من شمالية إلى شمالية غربية سرعتها 34 كيلومترا في الساعة بمعدل رطوبة منخفض 14 بالمئة”.

وقالت وزارة الصحة على تويتر إنها سجلت 287 حالة إصابة بإجهاد حراري وضربات شمس بين الحجيج، ونشرت نصائح بعدة لغات لمساعدة الحجاج على اتقاء شر الحر الشديد وأشعة الشمس الحارقة.

وأشاد حجاج تحدثت معهم رويترز بجهود السلطات السعودية لحمايتهم من الحر الشديد باستخدام أنظمة تبريد برش رذاذ الماء على الحجيج وتوفير المظلات والماء البارد.

وقال الحاج الأردني تيسير محمد بينما كان يلقي الماء البارد على وجهه من صنبور “نشكر السعودية على ما تقوم به من خدمة للحجاج، لو بلد غير السعودية ما تستطيع أن تقوم بتقديم هذه الخدمة، درجة الحرارة عالية، (لكن) متوفر كل شيء من الماء من الأكل من الشرب، كل شيء متوفر”.

وعلى مدى السنين، أنفقت المملكة مليارات الدولارات لجعل مواقع ومشاعر الحج، التي تشهد أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم، أكثر أمانا.

ويعتبر الحج مصدرا رئيسيا لدخل المملكة.

وتهدف خطة إصلاح اقتصادي يتبناها ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان إلى زيادة طاقة العمرة والحج إلى 30 مليون حاج سنويا والحصول على عائدات تبلغ 50 مليار ريال سعودي (13.32 مليار دولار) بحلول عام 2030.

وكان نحو 19 مليون مسلم يؤدون العمرة سنويا قبل انتشار جائحة كوفيد.

ويحرص الكثير من الحجاج على الوقوف على جبل الرحمة في قلب صعيد عرفات، حيث وقف النبي محمد لإلقاء (خطبة الوداع) قبل وفاته.

وقال قادر بن عيسى من الشيشان من على جبل الرحمة متحدثا بالعربية بصعوبة “وفي هذه السنة قد فعلت ما فرطت في الحج الماضي، وكما قلت في الحج الماضي ما استطعت أن آتي إلى هنا بسبب الزحام الكبير، وفي هذه السنة قد أخذت دروس من الحج من قبل وأتيت مبكرا وكنت أظن أن (لن) استطيع أن اصعد عليه (جبل الرحمة).. والله أشعر بسعادة وشعوري لا يمكن أن أصفه بكلمة”.

Tagged , , , , ,