تبدو أسواق بيع أضاحي العيد في تونس فاترة هذا العام على عكس السنوات الماضية جراء ابتعاد أسعار الماشية عن متناول الكثير من العائلات الراغبة في إقامة الشعيرة الدينية وتحقيق فرحة العيد.
وفي رصد لوكالة الأناضول قامت به في أسواق الماشية بتونس، صعدت أسعار الأضاحي إلى أكثر من ألف و500 دينار (نحو 500 دولار) للخروف الواحد، بينما لم تنزل أسعار أصغر الخراف عن 600 دينار (200 دولار).
وبين ارتفاع تكلفة الأعلاف وغلاء أسعار الخراف وشح المعروض، يبدو الربح والفرح بعيدان عن مربي الماشية والمستهلكين على حد سواء، حيث يتوقع كثير من البائعين إقبالا ضعيفا لا يلبي طموحاتهم، مشيرين إلى أن كثيرا من الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل لن تستطيع توفير الأضحية هذا العام بسهولة.
غلاء الأعلاف
يقف مختار العياري بائع ماشية من منطقة الروحية بولاية سليانة شمال غربي البلاد، في سوق المروج جنوب العاصمة تونس وسط قطيع من ماشيته التي قام بتربيتها من أجل بيعها في عيد الأضحى.
وقال العياري، في حديث مع الأناضول، إن سعر الخروف “معقول حسب تكاليف عيشه”.
وذكر العياري أنهم يشترون 100كلغ شعير لعلف الماشية بـ 150 دينار (50 دولار) والقرط (أعلاف خشنة) بـ30 دينارا للحزمة الواحدة وكلغ واحدا من القرط يكلف دينارين (0.650 دولار).
وأوضح بائع الماشية أنه “مهما كان ثمن البيع فلن نسدد خسائرنا هذا العام”.
وأضاف: “توفر السلطة العلف، هذا ما نطلبه لكن حالنا صعب ونحن نبيت هنا في سوق المواشي لبيع خرافنا وبتنا معرضين لكل الأخطار بسبب غلاء الأسعار”.
وحول طبيعة الأسعار، قال العياري: “هناك خروف بألف دينار (330 دولار) لا يسدد ثمن الأعلاف التي أكلها، فالخروف كل يوم يأكل 2 كلغ من الشعير، بينما هناك خراف بين 600 دينار (200 دولار) و1500 دينار (500 دولار)”.
وتابع: “نذهب لتجار الأعلاف ولا نحصل على ما نطلب، فلثلاثين شاة يعطوننا 100 كلغ من الشعير وهي كمية لا تكفيها”.
وبدا العياري متشائما من خسائر يتوقعها هذا العام، وقال: “بهذه الأسعار لن نربح شيئا، والذين يشترون يعطون أسعارا بخسة لا تسدد خسائرنا هذا العام”.
خسائر متوقعة
وفي السياق، اعتبر لطفي الفرشيشي أحد باعة الماشية أن ارتفاع أسعار الأعلاف وشح الموجود منها في الأسواق جر مربي الماشية إلى خسائر كبيرة.
وقال الفرشيشي للأناضول، إن “قطيع الماشية تقلص كثيرا هذا العام أمام الارتفاع المهول للأسعار، فهناك من كان يملك 25 شاة بقيت له 15، ومن كان له 100 شاة بقيت له 40، بل هناك من باع كامل قطيعه”.
وأضاف: “اشترينا 70 كلغ شعير بـ120 دينار (40 دولار) وعندما تقلصت الأسعار قليلا أصحبت بـ90 دينارا (30 دولار)، وبهذه الأثمان لن يكون مربو الماشية قادرين على تحقيق أي ربح، بل سيفرحون إذا تمكنوا من تسديد ديونهم”.
وبنبرة يائسة، قال الفرشيشي: “مربو الماشية يعانون ونرجو أن يتم الالتفات لمشاكلنا، فهل نسرق لنبيع خروفا رخيص السعر للناس؟ يمكن أن أقسم أننا لن نستطيع تسديد خسائرنا هذا العام”.
مصير المستهلك
عمار ضيّة رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك (مستقلة)، قال إن العائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل لن تتمكن هذا العام من شراء أضحية.
وذكر ضيّة للأناضول أن “سعر الأضحية مكلف فمتوسط سعر الأضحية يتجاوز 50 بالمئة من دخل العمال والموظفين، وبالتالي نرى أن 800 دينار (263.5 دولار) سعر الأضحية يساوي مرتين الأجر الأدنى، ويعد نسبيا مرتفعا بالنسبة للطاقة الشرائية للتونسي”.
وأضاف: “يبقى المحدد للأسعار دائما بالنسبة للمزارعين ومربي الماشية هو ارتفاع الكلفة بالنسبة للأعلاف وكل ما يحيط بعملية تربية الماشية”.
وتابع: “قمنا قبل انطلاق البيع بالاتصال مع كل من له علاقة بتربية وبيع الماشية لنفهم الوضع، لأنه لا يمكن أن نطلب من مربي الماشية أن يبيعوا بالخسارة، ووقع الاتفاق على سعر مرجعي 17.8 دينار (5.8 دولار) للكلغ، وعند البيع بهذا السعر يتم ضمان هامش الربح للمربين، لكن للأسف لم يتم الالتزام بهذا السعر”
وزاد ضيّة: “السعر تجاوز العشرين دينار (6.06 دولار)، وحتى 22 (7.3 دولار) دينار للكلغ من الخروف الحي، وهذا يتحكم فيه قانون السوق والعرض والطلب”.
ووفق ضيّة، فإن العرض من ماشية الأضحى يفوق الطلب، ولكنه يتوقع أن “عائلات عديدة ستكون عاجزة عن شراء الاضاحي لأن الأسعار تتجاوز إمكانياتها”.
وأردف: “هناك شرائح اجتماعية ستقتني أضاحي وهناك طبقة وسطى منها من يقدر ومنها من سيستدين لشراء خروف”.