قامت فرقة أمنية بايقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مساء الاثنين، إثر صدور مذكرة إيقاف من النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، وفق تأكيد مصدر مسؤول بوزارة الداخلية لوكالة تونس افريقيا للأنباء.
وأفاد ذات المصدر أن الفرقة الأمنية قامت بتفتيش منزل راشد الغنوشي وحجز كل ما يفيد الأبحاث باذن من النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
وأضاف المسؤول بوزارة الداخلية أن الغنوشي سيبقى على ذمة الأبحاث في قضية تتعلق بتصريحات تحريضية كان أدلى بها، الى حين اتخاذ الإجراءات بخصوصه.
النهضة: تطوّر خطير جدّاً
وأعلنت حركة النهضة التونسية المعارضة أنّ رئيسها راشد الغنوشي أوقف مساء الإثنين على أيدي وحدة أمنية دهمت منزله في العاصمة واقتادته إلى “جهة غير معلومة”، معتبرة ما جرى “تطوّراً خطيراً جدّاً”.
وقال الحزب في بيان على صفحته في موقع فايسبوك إنّ “فرقة أمنية قامت مساء اليوم الإثنين بمداهمة منزل الأستاذ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، واقتياده إلى جهة غير معلومة دون احترام لأبسط الإجراءات القانونية”.
والغنوشي من أبرز المعارضين للرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ العام 2021. وكان زعيم النهضة رئيساً للبرلمان الذي حلّه سعيّد في 2022.
ولم تعلّق السلطات القضائية في تونس على أسباب هذا التوقيف الذي يأتي غداة تصريحات قال فيها الغنوشي إنّ “هناك إعاقة فكرية وإيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية”.
وأضاف “لا تصوّر لتونس بدون طرف أو ذاك، تونس بدون نهضة، تونس بدون إسلام سياسي، تونس بدون يسار، أو أي مكوّن، هي مشروع لحرب أهلية، هذا إجرام في الحقيقة”.
ووصفت النهضة في بيانها توقيف زعيمها بأنه “تطوّر خطير جداً”، مطالبة “بإطلاق سراح الأستاذ راشد الغنوشي فوراً، والكفّ عن استباحة النشطاء السياسيين المعارضين”.
ودعت الحركة إلى “الوقوف صفّاً واحداً في وجه هذه الممارسات القمعية المنتهكة للحقوق والحريات ولأعراض السياسيين المعارضين”.
تحقيقات في قضايا تتعلق بالإرهاب والفساد
ومثُل الغنوشي (81 عاماً) مراراً أمام القطب القضائي لمكافحة الارهاب في إطار تحقيقات معه في قضايا عدة تتعلق بالإرهاب والفساد.
وقال الغنوشي في تصريحات سابقة إنّ “خصومنا عجزوا عن مواجهتنا بالوسائل الديموقراطية فلجأوا إلى استخدام القضاء”.
وأضاف “هناك استهداف سياسي للمعارضة ويتمّ بملفات فارغة. محاكمات وملفّات مفبركة… تستهدف المعارضة بملفّات فارغة… للتمويه وصرف النظر عن المشكلات الحقيقية لتونس”.- “انتقام عشوائي” –
وحركة النهضة تنتمي للائتلاف المعارض “جبهة الخلاص الوطني” التي تضمّ أحزاباً أخرى تعارض سعيّد وتعتبر ما يقوم به “انقلاباً على الثورة ودستور 2014”.
أحمد نجيب الشابي: انتقام عشوائي من المعارضين
وقال أحمد نجيب الشابّي رئيس الجبهة لفرانس برس إثر توقيف الغنوشي إنّ “ما يجري الآن مرحلة جديدة من الأزمة السياسية من خلال توقيف رئيس أهمّ حزب سياسي في البلاد والذي تمسّك بالعمل السلمي السياسي”.
وأضاف الشابّي “هذا يؤكد أنّه لا يوجد منطق سياسي في البلاد” وأنّ هناك “انتقاماً عشوائياً من المعارضين السياسيين” من قبل السلطة الحالية.
وفي تعليقه عن تصريحات الغنوشي الأحد، أكّد الشابّي أنّ ذلك “تعبير عن رأي سياسي ولا يمكن محاكمة الرأي”.
والغنوشي كان معارضاً شرساً للرئيس الراحل زين العابدين بن علي وقد عاد إلى تونس بعد سقوط نظامه إثر ثورة شعبية.
وقاد الغنوشي حركة النهضة في مختلف الفترات التي شارك فيها في الحكم في إطار سياسة توافق مع أحزاب أخرى.
ودعمت حركة النهضة سعيّد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2019 وفاز فيها بغالبية.
ابنة الغنوشي: سعيّد اختار ليلة 27 رمضان
بدورها نشرت ابنة الغنوشي يسرى تغريدة على صفحتها في تويتر قالت فيها “كان بإمكان أمن سعيّد إيقاف والدي خلال الاستنطاقات العديدة التي حضرها خلال العام الماضي لتهم ملفّقة تثير السخرية، لكنّه اختار اعتقاله بعد مداهمة منزله بعد أذان المغرب في ليلة السابع والعشرين من رمضان”.
وفي نوفمبر 2022، مثُل الغنوشي أمام قاضي التحقيق المتخصّص بقضايا الإرهاب لاستجوابه في قضية تتعلّق بتهم تسفير إرهابيين من تونس إلى سوريا والعراق.
واستُدعي الغنوشي أيضًا في 19 جويلية الفائت للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، في تهم نفاها حزب النهضة.
ومنذ بداية فيفري، أوقف ما لا يقلّ عن عشر شخصيات معظمهم من المعارضين المنتمين الى حزب النهضة وحلفائه، بالإضافة إلى نور الدين بوطار وهو مدير محطة إذاعية خاصة كبيرة ورجل أعمال نافذ.
ووصف الرئيس سعيّد الموقوفين بـ”الإرهابيين” واتّهمهم “بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.
اتهامات وشبهات
وواجه الغنوشي بالفعل جولات متكررة من الاستجواب القضائي خلال العام الماضي بشأن اتهامات تتعلق بقضايا مالية لحزب النهضة وشبهات بأنه ساعد إسلاميين في السفر إلى سوريا للجهاد، وهي اتهامات ينفيها هو والحزب.
وعاد الرجل البالغ من العمر 81 عاما من منفاه في لندن بعد ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية.
ووسط تجاذبات سياسية قوية خلال العقد الماضي قاد الغنوشي حزبه للمشاركة في الائتلافات الحاكمة المتعاقبة مع الأحزاب العلمانية وأصبح رئيسا للبرلمان بعد انتخابات 2019.
ومنذ سيطرة سعيد على سلطات واسعة، والتي يقول الرئيس إنها ضرورية لإنقاذ تونس من سنوات الأزمة، كان الغنوشي أكبر زعيم حزب سياسي يعارضه.