– وات – سادت مصطلحات الدبلوماسية الاقتصادية الإيجابية، الحورات التي أدلى بها مسؤولو صندوق النقد الدولي عن الاتفاق المالي المعلق مع تونس في حين لم تظهر إلى العلن الخطوات التي قام بها الوفد التونسي في اجتماعات ربيع 2023 ولم ترد من السلطات التونسية أي مطالب رسمية بمراجعة برنامج الإصلاحات.
ورغم تواجد وفد تونسي رفيع المستوى يضم محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، ووزير الاقتصاد، سمير سعيّد، في اجتماعات الربيع، التي توشك على النهاية، بعد ان انطلقت رسميا يوم 11 أفريل 2023، إلا أن معلومات شحيحة صدرت عن الوفد المشارك وتضمنت، فقط، لقاءات أجراها سعيّد مع مسؤولي بنوك اقليمية .
ومع استمرار الضبابية وعدم صدور أي تعليق من السلطات التونسية عن التصرحات الداعمة لتونس من قبل مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، يبقى الاتفاق المالي الذي سيمنح تونس تمويلات بقيمة 9ر1 مليار دولار على مدى 48 شهرا بدوره في كنف الغموض.
وبقدر أهمية الاتفاق المالي الذي تسعي تونس الى التوصل اليه مع صندوق النقد الدولي الا ان اجتماعات ربيع 2023، توصلت الى اقرار حزمة آليات جديدة متصلة بالديون السيادية و مساعدة الدول الاكثر تداينا والتي زادت حدة ديونها بفعل التضخم وزيادة اسعار الفائدة وتضرر سلاسل الامدادت وهي مبادرات جديرة بالاهتمام من قبل الحكومات التي تحتاج الى التمويلات بفعل الفجوات في ميزانياتها.
لا إملاءات على تونس
أظهر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد ازعور على امتداد حديثه عن الاتفاق المعلق مع تونس، نوعا من الدبلوماسية الاقتصادية والمالية الايجابية جدا تجاه تونس رغم الانتقادات الموجهة للصندوق .
وقال إنه لم ترد على الصندوق مطالب من السلطات التونسية لإعادة النظر في برنامج الإصلاحات الذي اعده التونسيون وأن الصندوق مستمر في دعم تونس في اطار البرنامج وخارجه.
وسعى إلى تفسير مختلف جوانب الاتفاق، الذي أصر مرارا على أنه نتاج المفاوضين التونسيين مع التأكيد على أن كل عملية اصلاح لها انعكاسات ومن الضروري العمل على تخفيف الانعكاسات السلبية وتوسيع الآفاق الإيجابية، وهو ما يعمل عليه الصندوق بالتعاون مع السلطات التونسية.
وأضاف قائلا: “كنا في حوار مستمر مع السلطات وعملنا جنبا الى جنب معها على حشد الدعم الدولي لتونس ولشعبها الذي يستحق الدعم من خلال تحقيق استقرار إضافي للاقتصاد من اجل حل مشاكل التضخم ولسنا الوحيدين الذين ندعم تونس فقد وعدت مؤسسات دولية ومتعددة الأطراف بتقديم المساعدة لتونس في هذا المجال”.
وأردف “لطالما وفر الصندوق، وهذا ما قلته سابقا، دعما مستمرا لتونس في الأوقات الصعبة، خلال الكوفيد وخلال احداث باردو وسنواصل دعم تونس ليس فقط من خلال برامجنا ولكن ايضا من خلال المساعدة الفنية ومن خلال الحوار المستمر مع السلطات التونسية لمصلحة تونس”.
وكان أزعور قد لفت معرض حديثه الى العلاقة القائمة بين صندوق النقد الدولي وتونس وكذلك برنامج الاصلاحات الذي قدمته الحكومة التونسية والذي كان موضوع مفاوضات بين الصندوق وتونس امتدت لاكثر من 12 شهرا.
تونس لا تتفاعل
لم يبد الوفد التونسي المشارك في اجتماعات الربيع بواشنطن ورغم وجود وزير وزير الإقتصاد والتخطيط، سمير سعيّد، أي تفاعل مع تصريحات أزعور الداعمة لتونس في مفاوضاتها مع الصندوق بل إن وزارة الاقتصاد اكتفت بنشر حوصلة لأهم اللقاءات التي عقدها الوزير .
وكان سمير سعيد قد التقى رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أوديل رينو باسو وكذلك رئيس البنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية، جين ليكن، الذّى إنظمت تونس إلى عضويته منذ سنة 2022 علما وان اللقاءات تطرقت الى التعاون مع هذه المؤسسات المالية والتعريف باهم مشاريع المخطط التنموي لتونس الممتد من 2023 -2025
ومقابل اللقاءات التي عقدها سعيد ، خلال حضوره اجتماعات الربيع لسنة 2023، لم ترد اي معطيات عن مشاركة محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، في الاجتماعات وطبيعة الاجتماعات التي تمت المشاركة فيها مما افضي الى نوع من الغموض وزاد في ضعف الاشارات التي ارسلتها تونس الى مؤسسات التمويل والمانحين والمهتمين بعالم المال والأعمال.
إشارات أمل للدول وخطوط تمويل
يعتزم البنك الدولي مساعدة البلدان الأشد فقرا على توفير خطوط تمويل ميسرة وتوفير منح اضافية لفائدة الدول المعرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها مما قج يزيل حالة الجمود التي تعيق جدولة ديون تقدر بالمليارات من الدولارات تثقل المالية العمومية للدول منخفضة الدخل وفق الخبراء والمتخصصين
وشهدت الاجتماعات الإعلان يوم الاربعاء 12 افريل 2023 عن خطط للبنك الدولي بعد اجتماع للبلدان الدائنة والمدينين والمعروف ب” المائدة المستديرة العالمية للديون السيادية” في ظل بلوغ إجمالي عبء الديون لأكثر من 70 دولة منخفضة الدخل 326 مليار دولار .
وتشير البيانات إلى أن 15 بالمائة تقريبا من هذه البلدان تعثرت فعلا في سداد الديون ويواجه 45 بالمائة منها مخاطر عالية للتخلف عن سداد الديون. علما وان القائمة وفق التقديرات آخذة في التنامي علما وان المائدة تشكل منتدى يديره كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والهند التي تترأس مجموعة العشرين لسنة 2023، بهدف تسوية مشكلات التعامل مع إعادة هيكلة ديون دول تعاني من ضائقة مالية.
وتتضمن هذه الإشكاليات النقاط الشائكة داخل ما يطلق عليه اتفاقية الإطار المشترك لمجموعة العشرين المرتبطة بمعالجة مسألة تخفيف أعباء الديون علما وان ان الصين، بصفتها أكبر دائن ثنائي للدول الفقيرة تريد إعادة جدولة المدفوعات عوضا عن تحمّل الخسائر ودفعت أيضا باتجاه أن تقبل بنوك التنمية متعددة الأطراف بتخفيض أصل مبالغ الديون أو المشاركة بصورة أكبر في تخفيف أعباء الديون.
ودافعت الولايات المتحدةعن موقفها بأن أي تخفيض في المبلغ الأصلي للديون من شأنه أن يضعف قدرة بنوك التنمية متعددة الأطراف على الاستجابة للأزمة وتقديم قروض ميسرة وقد انتهت المناقشات الى عدم توصل المشاركين في الاجتماع إلى اتفاق حول مقترح يحدد موعدا نهائيا أقصاه 3 أشهر انطلاقا من تاريخ إبرام صندوق النقد الدولي لاتفاق على مستوى الخبراء مع دول مدينة لتوفير ضمانات تمويل.
وتعد ضمانات من هذا النوع ضرورية لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي للتوقيع على أي قروض، ولا يزال العمل مستمرا لتحقيق هدف الصندوق والبنك الدولي بتسريع هذه العملية علما وان البنك الدولي وضع أسس إصلاح يفترض أن يعزز قدرته على إقراض الدول الفقيرة والنامية ومساعدتها بشكل أفضل في مواجهة تغير المناخ أو الأوبئة، كما تعتزم المؤسسة انتخاب رئيس جديد لها في الأسابيع المقبلة.
ملباس يؤكد الحاجة إلى شفافية الديون
قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس في واشنطن، 12 أفريل الجاري 2023 خلال اجتماعات الربيع لعام 2023 للبنك وصندوق النقد الدولي، إن “اجتماعات الربيع لهذا العام تأتي في وقت يتعرض فيه الاقتصاد العالمي لتأثيرات متعددة من بينها الغزو الروسي لأوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة والضغط على القطاع البنكي وارتفاع مستوى الديون غير المستدامة وارتفاع أسعار النفط واستمرار التضخم.
وأضاف مالباس أن المناقشات مع المساهمين هذا الأسبوع أظهرت إشارات على إحراز تقدم بشأن الحاجة إلى مزيد من الشفافية بشأن الديون، وزيادة تمويل التنمية وإجراءات مناخية أكثر تأثيرًا وتركيزًا أكبر على رؤية ورسالة مجموعة البنك الدولي علما وان البلدان الاعضاء وافقت على إجراءات يمكن أن تضيف قرابة 50 مليار دولار إلى قدرة الإقراض لدى البنك الدولي للإنشاء والتعمير على مدى 10 سنوات .