اقتصاد

الانهيار الاقتصادي في تونس.. حقيقة أم مبالغة؟

ديون تونس

توالت مؤخراً، تصريحات مسؤولين أجانب أبرزوا فيها مخاوفهم من “انهيار اقتصاد تونس”، أمام تباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع مستويات التضخم فوق 10 بالمئة.

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أكد مؤخراً خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أنّ “هناك شعورا بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس وخشية من انهياره”.
بدوره، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، من “سير الاقتصاد في تونس نحو المجهول، وأن أمامهم شيء يمكنهم القيام به، وهو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
الخارجية التونسية، دعت من جانبها الاتحاد الأوروبي إلى “تفهم خصوصية الوضع في تونس ودقة المرحلة التي تمر بها، واعتماد خطاب مسؤول وبناء يعكس حقيقة الواقع، ويثمن ما تم تحقيقه في إطار ارساء ديمقراطية حقيقية”.
وأتت الدعوة في بيان أصدرته الخارجية التونسية، الإثنين، عقب استقبال وزير الخارجية نبيل عمار في تونس المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جنتلوني.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التحذير من “انهيار الاقتصاد” في تونس.
فقد كشف تقرير صادر في ماي 2022 عن “نيويورك تايمز” توجه الاقتصاد التونسي للانهيار، وأن البلاد تعاني فشلا اقتصاديا بسبب سوء التسيير وتداعيات فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا.
ويعتبر خبيران اقتصاديان في أحاديث متفرقة مع الأناضول أن مثل هذه التصريحات فيها “تضخيم” و”مبالغ فيها”، بما لا ينفي وجود أزمة اقتصادية ووضع صعب.
مبالغة
الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، اعتبر أن الحديث عن انهيار اقتصاد تونس مبالغ فيه، وقال: “لسنا في انهيار، لكننا نعيش أزمة مالية بامتياز مع تراجع الموارد المالية الخارجية، وتعثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
وشدد على أن “تونس بحاجة الآن للاتحاد الأوروبي، الذي قد يعتبر بمثابة مانح على مستوى المساعدات المالية، والتخلي عنه سيجعل تونس أكبر متضرر”.
أوروبا شريك تقليدي
ودعا الشكندالي إلى “ضرورة التعامل بحذر، فالاتحاد الأوروبي قادر على تمكين تونس من تمويلات وفتح أبواب على أسواق أخرى”.
وأردف: “لا يمكن التخلي عن الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر الشريك الاقتصادي التقليدي لتونس، وذلك يتطلب استراتيجية كاملة عن طريق البحث عن مستثمرين آخرين يقبلون بالشروط التي تطرحها تونس”.
وزاد الخبير الاقتصادي: “موقع تونس استراتيجي، وهي تعتبر بوابة استثمار واقتصاد، وهي مفتاح المفاوضات مع عدة دول للعبور نحو إفريقيا والاستثمار فيها”.
ولفت إلى أن تعبئة الموارد المالية لتونس تتطلب 5 مليارات دولار، وأن حشد هذه التمويلات يتطلب أرضية محلية ملائمة لذلك، لإيجاد حلول لصعوبات الاقتصاد التونسي.
ابتزاز وتضخيم
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، أن تصريحات المسؤولين الأجانب، تدخل في منطق ابتزاز يعتمد على تضخيم الأمور، حتى يتم تمرير مطالبهم وفرضها.
وقال للأناضول: “الاتحاد الأوروبي يضخم الأمور.. ويزيد من حدة الأزمة حتى يظهر استعداده وقدرته على التدخل لدى صندوق النقد الدولي، والمساهمة في انفراج الأزمة، شريطة تلبية السلطات التونسية عددا من الشروط”.
وتابع أن “هذه الشروط متعلقة بالهجرة غير النظامية، حتى تكون تونس حارسا أمينا للحدود الجنوبية للبلدان الأوروبية، وقبول إعادة مهاجرين غير نظاميين لبلدانهم، خاصة القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، مقابل المساعدة على إنشاء مركز إيواء”.
“الشرط الثاني، هو مواصلة تحرير الاقتصاد وفق اتفاقية الأليكا التي علقت جراء تداعيات كورونا (اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق) وفرض إصلاحات تتواءم مع معايير أوروبا”، وفق البدوي.
ووصف الخبير التونسي ” الوضع الاقتصادي في تونس بالمتأزم والخطير جدا، دون مبالغة بالحديث عن قرب الوصول إلى حالة انهيار”.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية الأوكرانية.
والشهر الماضي، قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، إن تقديرات البنك تؤشر لارتفاع التضخم في 2023 إلى 11 بالمئة صعودا من 8.3 بالمئة في 2022.

Tagged , , , ,