انتخب مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي في جلسته الافتتاحية مساء الاثنين، عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة رئيسا له.
وليصل إلى هذا المنصب تطلب الأمر إجراء جولة إعادة لانتخاب رئيس البرلمان بعد أن حصل بودربالة على 48 من أصل 154 صوتا.
إلا أن بودربالة حصل في جولة الإعادة على 87 صوتا مقابل 67 لمنافسه عبد السلام الدحماني القادم من دائرة مارث من ولاية قابس جنوب شرق تونس.
من حي باب الفلة الشعبي بالعاصمة تونس
ولد بودربالة (71 عاما) بحي باب الفلة المحاذي لدينة تونس العتيقة من أسرة أصيلة مدينة الحامة من ولاية قابس.
وبعد 3 سنوات من ميلاده انتقلت العائلة إلى مدينة رادس الضاحية الجنوبية للعاصمة حيث درس بودربالة تعليمه الابتدائي وعاد للعاصمة لمواصلة التعليم الثانوي بمعهد ابن شرف.
وحصل عام 1976 على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة بعد 4 سنوات من الدراسة في كلية الحقوق بالعاصمة التي كانت آنذاك معقلا للتيارات اليسارية بكل توجهاتها.
عميدا للمحامين
عام 1979 انتخب بودربالة عضوا بالهيئة المديرة لجمعية المحامين الشبّان ليصبح رئيسها عام 1983.
وفي 1987 تم انتخابه عضوا بالهيئة الوطنية للمحامين (نقابة المحامين في تونس) وأعيد انتخابه عام 1989 بالهيئة نفسها وحافظ على ذلك 5 سنوات.
عام 1992 انتخب بودربالة رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس العاصمة (أهم فرع للمحاماة في تونس من حيث عدد المحامين)، وأعيد انتخابه عام 1995 لعهدة ثانية امتدت إلى عام 1998.
وترشح بودربالة 5 مرات لمنصب عميد المحامين خلال مسيرته المهنية لينالها في جويلية 2019 بعد دعمه من قبل اليساريين والإسلاميين في القطاع بالحصول على 1287 من أصل 2500 صوت، خلال الدور الثاني للانتخابات مقابل مرشح القوميين بوبكر بالثابت.
هل كان بودربالة مسيسا؟
بحسب موقع مجلة “ليدرز” التونسية دافع بودربالة في قضايا سياسية منها محاكمة قيادة الاتحاد العام للشغل إثر أحداث 1978 التي شهدت صداما بين النقابيين ونظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
كما ترافع في قضية قفصة (جنوب غرب) جانفي 1980 عندما هاجم كومندوس مسلح قومي التوجهات وممول من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مدينة قفصة للإطاحة بنظام بورقيبة.
وترافع بودربالة أيضا في قضايا الاتجاه الإسلامي (حركة النهضة حاليا) عند ملاحقتها من قبل نظام بورقيبة (عامي 1981 و1987) وعن رئيس حزب العمال (الشيوعي) حمة الحمامي عند محاكمة في التسعينيات من قبل نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
إلا أن بودربالة لم يكن صداميا أو معارضا شرسا لنظام الرئيس بن علي، بل كان ينشط ضمن هياكل حزب “الاتحاد الديمقراطي الوحدوي” (قومي) الموالي لبن علي (1987-2011) والذي كان ينشط علنيا ويحصل على دعم الدولة المالي.
الالتحاق بمسار 25 جويلية
منذ إعلان الرئيس قيس سعيد إجراءاته الاستثنائية في 25 جويلية 2021، بدا واضحا انحياز بودربالة لهذا المسار رغم الخلافات التي كانت تشق قطاع المحاماة المسيّس جدا.
وفي ماي الماضي عينه الرئيس قيس سعيّد رئيسا للجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في إطار “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، المكلفة بإعداد الدستور الجديد، الأمر الذي اعتبره بعض المحللين “إعدادا لخطة جديدة سيكلف بها بودربالة في النظام الجديد”.
في أكتوبر الماضي، أعلن بودربالة مع أحزاب وشخصيات أخرى تكوين مبادرة “لينتصر الشعب” استعدادا للانتخابات التشريعية .
وضمن المبادرة هناك أحزاب مثل “التيار الشعبي” وحزب “البعث العربي” الاشتراكي و”التيار الشعبي” وشخصيات سياسية ونقابية مثل محمد علي بوغديري العضو السابق بالمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، الذي عينه الرئيس سعيد نهاية يناير الماضي وزيرا للتربية.
الانتخابات التشريعية
ترشح بودربالة للانتخابات التشريعية عن دائرة رادس ـ مقرين (ولاية بن عروس جنوب العاصمة وفاز من الدور الأول يوم 17 ديسمبر الماضي.
وبعد نحو 20 شهرا على إغلاقه (ضمن إجراءات سعيد الاستثنائية)، فتح البرلمان التونسي أبوابه مجددا أمس الاثنين، لاستقبال نوابه المنتخبين حديثا في أول جلسة، دعا إليها الرئيس سعيد وفق أمر رئاسي نشرته الجريدة الرسمية، الخميس الماضي.
وترأس الجلسة الافتتاحية أكبر النواب سنّا النائب صالح المباركي (70 عاما)، وساعده أصغر نائبين وهما غسان يامون (24 عاما)، وسيرين بوصندل (28 عاما).
وانعقد البرلمان الجديد، وسط رفض عدد كبير من القوى السياسية والمدنية بتونس لإجراءات سعيّد الاستثنائية، ومنها حلّ بموجبها البرلمان القديم ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء وصولاً إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.