لا أخفيكم مدى تقديري وإجلالي للروتين اليومي الذي يقوم به الإنسان ألا وهو الأكل.. فلست من الأشخاص المقتنعين بأن «الإنسان يأكل حتى يعيش» بل نحن نتحدث عن فقرة يومية تتلاعب فيها مشاعرك وتدغدغ أحاسيسك بعضها البعض.
فمن غير المنطقي أن يكون إحساسك عند رؤيتك «فخدة ضاني نائمة على طبق ورق العنب المسقي بشوربة الكوارع»، هو نفس شعورك وأنت تأكل ربع فرخة مشوية مع السلطة مراعياً تقليل الملح.
ولا تقنعني بأن لهفتك وأنت تقوم بإجراء مكالمة لحجز «الفريكاسي بالتونة بزايد هريسة وشوية ابطاطا» لأنه ينفذ سريعا، تكون بنفس شغف إجراء مكالمة وأنت تطلب زبادي بالشوفان..
لكل شئ طعم ورائحة ومذاق بحضوره تعرف تفاصيله وفي غيابه يسيل لعابك..
العولمة وعصير المانجو
ربّما بسبب العولمة والسعي لتوفير السلع بشكل دائم على مدار 365 يوم سنوياً، قد يكون الأمر قد أصبح يفقد اللذة والطعم.. والأهم يفقد الاشتياق…
فأصبح من العادي جداً ان تشرب عصير البرتقال في صيف طوكيو بعدما دخلت الموالح المصرية الأسواق اليابانية إثر صراع سنوات لاستيفاء معايير الجودة اليابانية التي تُعد الأصعب عالمياً.
وعلى النقيض أتفهم، بسبب ضيق الحال وقلة الإمكانيات، أن تقدم لي منتجًا أرخص في القيمة و أقل جودة، لغلو المنتج الأصلي أو صعوبة توفره من الأساس.
أعي تماما أن بعض السلع تحتاج التأنّي والصبر حتى تأخذ الطعم المرجوّ وهذا ما لا تطيقه دورة رأس المال. والبعض الآخر يحتاج إلى إمكانيات و مواد أولية مستوردة يصعب توفيرها في ظل أزمات الاستيراد، إضافة إلى عوامل أخرى كثيرة دفعت المُصنع لحل من اثنين: إما زيادة التكلفة والسعر على حساب الزبون أو تقليل الجودة.
وفي الحالتين خسر شريحة من الناس:
فلو ارتفع بالسعر: خسر الشريحة غير القادرة على الشراء.
ولو قلّت بالجودة: خسر شريحة من يبحث عن الطعم والجودة.
ففي الأسواق المفتوحة أنت تملك الخيار إما تشتري «الجبنة الشيدر» أو تشتري خليط أجبان وتوابل بتكلفة أقل لتحصل على جبنة بطعم «الشيدر».. وأنت ترضى بالذي يناسب ذوقك وإمكانياتك.
ولكن الغش التجاري يكون عندما تدعي أن جبنتك جبنة ذات صفة الجودة والكمال وهي ليست كذلك.
فشتان بين عصير المانجو و نكتار المانجو..
شتان بين عصير البرتقال والبرتقال المضاف له جزر لزيادة الكثافة وتقليل التكلفة..
قمّة الكرة المغشوشة
مانعيشه في أحوال الكرة المصرية عشية لقاء القمة بين الأهلي والزمالك هي عملية غش تجاري بحت.. يخسر بيها مُصنّع المنتج الكروي كل شرائح التركيبة السكانية المصرية. وليس لنا خيار آخر، ولا حتى بديل لسلعة من السلع الأساسية في سلة غذاء المزاج العام المصري
فلم أشاهد قمة رياضية في العالم الحديث يصل لحد الجدال خارج الملعب بهذه الكثافة وهذا الإطناب:
كهربا قانوناً له حق المشاركة.. لا ملوش الحق..
جواب الفيفا ( انظر الشكل 5)..
جلسات إزالة الشعر..
2 لاعبين حشّاشين، لا تغيّب عادي عن التدريبات..
علاقات وغراميات أعضاء مجلس الإدارة..
سحر دجالين وانتهاء محمد صلاح (إيه إللي جاب مو في الموضوع أصلا! )
أسرار وكواليس سوف تُكشف لأول مرة بعد القمة إذا لم يتم تصفيته..
و و و..
حضور جماهير.. غياب جماهير وساندويتشات..
قميص 22 وقميص 74 و و..
و 2 أستوديو تحليلي من نفس القناة..
لا أتذكر عاقلا تحدث عن طريقة اللعب.. ولا عن تغير شكل الفريق.. ولا عن نواقص الدفاع والارتداد الهجومي المطلوب.
نفس الوجوه.. نفس الاشخاص.. سوء النقل التلفزيوني.. سوء أرضية الملعب.. التحكيم وولاء كل حكم..
رئيس لجنة التحكيم لم يتم على وجوده سوى أشهر، نسعى لفسخ التعاقد معه ونخشى في نفس الوقت الشرط الجزائي.. تناطح قنوات الفرق بأرخص الصور..
من أجل «جبنة شيدر» حقيقية
نحن نبتعد بعيدا بعيدا بعيدا عن كرة القدم الحقيقية، ليس مقارنة بالكرة الأوروبية -لا سمح الله- نحن نتحدث على مستوى المنطقة المحيطة بنا.
ولا أقول أيضا إننا لا نملك الإمكانيات والمواد الأولية والصبر لتصنيع المنتج المطلوب..
فها هو المنتخب المصري لكرة اليد في نفس اليوم في نفس التوقيت يقدم منظومة متكامل لفريق مرشح للقب كأس العالم ليقدم لنا نموذج لتصنيع «جبنة شيدر» حقيقية..
أتمنى أن تخيب كل ظنوني في كل أضلع ومكونات الكرة المصرية، وتكون قمة تليق باسم ومكانة مصر دولة وقيمة ورياضة..
ولكن تحت شعار «اطبخي يا جارية.. كلّف ياسيدي»..
كل المعطيات تقول إنها ستكون قمة بطعم «الشيدر»..