عُلّقت مهام رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لوغريت من قبل الهيئة التنفيذية الاستثنائية للاتحاد وسيضمن نائبه فيليب ديالو المهمة الموقتة، بعد تصريحات جدلية واتهامات بسوء سلوك جنسي. وسيتوقف لوغريت عن أداء مهام منصبه كرئيس للاتحاد لحين الانتهاء من التدقيق الذي كلفت به وزارة الرياضية في انتظار أن تقوم اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي بدراسة نتائجه.
وقد أثار خبر تعليق مهام نويل لوغريت في أوساط الراي العام الرياضي في تونس عبر وسائط التواصل الاجتماعي عدة أسئلة ومقارنات أبرزها سؤال «هل يتكرر سيناريو نويل لوغريت مع وديع الجريء؟» الذي سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال.
السيناريو الفرنسي يستحيل أن يتكرر في تونس
يبدو من الواضح دون أي جدل بالنسبة إلينا أن تكرّر سيناريو نويل لوغريت مع وديع الجريء مستحيل لهذه الأسباب:
1- لأن الدولة قائمة في فرنسا بمؤسسات قوية يسودها القانون الذي له العلوية فوق كل المؤسسات والهياكل فما بالك بالأشخاص، بينما تعاني الدولة في تونس من وهن شديد من أبرز سماته الفساد الذي تسبب في ضعف مؤسسة العدالة المريضة بالاختراقات العديدة التي طالتها مما يجعل تطبيق القانون مسألة غير مضمونة لا على المؤسسات فما بالك بالأفراد.
2- لأن وزارة الرياضة في فرنسا عندما أمسكت بملف نويل لوغريت لم تتلكأ وكانت حاسمة وواضحة وقوية ولم تحسب حسابا لبعبع الفيفا لأنها تعرف جيدا أن كل الخطوات التي تقوم بها سليمة تماما قانونيا ولا تتعارض مع قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم، فكل مداخلات وزيرة أميلي أوديا-كاستيرا في ملف لوغريت كانت مختزلة وواضحة تصيب الهدف المباشرة وملتزمة تماما بقوانين فرنسا الداخلية ولا تتعارض مع قوانين الهياكل الرياضية الدولية.
في المقابل كان كل وزراء الرياضة الذين تعاملوا مع وديع الجريء ، إلا وزيرة الصدفة والنيابة طبعا، يتخبطون في التعامل مع ملفه فيتكلمون كثيرا ولا يفعلون شيئا وأغلب كلامهم يتعارض مع قوانين تونس الداخلية وطبعا مع قوانين الهياكل الرياضية الدولية.
3- لأن اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم هي من أرغمت لوغريت على قبول قرار تعليق مهامه وهذه اللجنة مكونة من 10 اعضاء منتخبين إلى جانب رئيسي رابطتي الاحتراف والهواة وبين أعضائها جون ميشال أولاس (رئيس أولمبيك ليون منذ 1987) مما يعني أن «أعضاء المكتب الجامعي» في فرنسا إضافة إلى رؤساء الأندية هم شخصيات مستقلون في الإرادة والقرارعكس أعضاء المكتب الجامعي ورؤساء الأندية في تونس هم بنسبة 99% مجموعة من الدمى يتلاعب بها وديع الجريء كيفما شاء واشتهى.
4- لأن لاعبي كرة القدم في فرنسا (الحالين والسابقين) لم يلوذوا بالصمت عندما تتالت أخطاء نويل لوغريت بل دافعوا بشراسة عن سمعة كرة القدم الفرنسية عموما وعن أسطورتهم زين الدين زيدان خصوصا وفي مقدمتهم كيليان مبابي النجم الأول والأكبر لباريس سان جيرمان والمنتخب الفرنسي والذي لا يتجاوز عمره 24 سنة والذي دافع عن زيدان بشراسة، بعد ساعة فقط من تصريح لوغريت ضده، في منشور على تويتر بلغ صداه على المنصة إلى حد اللحظة 103 مليون متابع
في المقابل من المستحيل أن تسمع صوتا للاعبي تونس الحاليين ينتقدون رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم رغم تعدد خطاياه في حق الكرة التونسية، إلا إذا حرموا من تمثيل المنتخب التونسي في تظاهرة دولية (مثال سعد بقير). ومن المستحيل أيضا أن تسمع صوت لللاعبين السابقين ضد الجريء إلا عندما يتم إخراجهم من المنظومة الحالية (أندية ومنتخبات) ويتأكدون أنه خروج دون عودة فيستجمعون “شجاعتهم” آنذاك.
5- لأن الإعلام الفرنسي بطم طميمه (الرياضي والسياسي) اتحد صفا احدا ضد رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم منذ أن نشرت مجلة So Foot تحقيقها الشهير بخصوص الرسائل الجنسية التي يشتبه أن نويل لوغريت أرسلها إلى بعض الموظفات في الاتحاد الفرنسي، ثم زاد تصريحه ضد زين الدين زيدان هذه الوحدة الإعلامية صلابة، ثم جاءت تصريحات سنية سويد وكيلة أعمال اللاعبين في صحيفة L’Equipe حول السلوك غير اللائق ذي الإيحاء الجنسي لنويل لوغريت تجاهها لتكون العروة الوثقى التي ضمت آخر المترددين إلى وحدة الإعلام الفرنسي ضذ لوغريت.
في المقابل اتخذ الإعلام التونسي «بطم طميمه » معسكرين: أولهما (80%) الخنوع التام مع تيسّر من التطبيل والتمجيد والتهليل والتسبيح بحمد وديع الجريء بينما اختار المعسكر الثاني (19,9%) الصمت والاختباء وراء قلعة اللامبالاة. وطبعا كانت أصوات النقد والتنبيه لخطر الجريء على كرة القدم التونسية أقل عددا وعدة وعتادا (0,1 %) من أن تشكل معسكرا ثالثا.