احتفل المغاربة بفوز منتخبهم التاريخي على إسبانيا اليوم الثلاثاء في نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في قطر، وانضم إليهم مواطنو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين انتشوا بفوز اعتبروه انتصارا للعالم العربي بأسره.
وهلل العرب من بغداد إلى الدار البيضاء حين أصبح المغرب أول بلد يتحدث العربية يصل إلى دور الثمانية في تصفيات المونديال الذي يقام لأول مرة في بلد عربي. وفاز المنتخب المغربي على نظيره الإسباني بضربات الجزاء الترجيحية ثلاثة صفر بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف.
في الرباط، ازدحمت المقاهي بالمشجعين لساعات قبل بدء المباراة حرصا منهم على مشاهدة المباراة الفاصلة، واحتشد الناس في شوارع بوسط المدينة مؤدية إلى ساحة دأب المشجعون على الاحتفال فيها بعد الانتصارات المغربية السابقة. ورفرفت الأعلام على النوافذ ودوى صوت أبواق السيارات.
وقال فهد بلبشير وهو في طريقه إلى وسط المدينة “إنها المرة الأولى التي شعرت فيها بهذا الشعور! نحن فخورون للغاية”.
وغردت الملكة رانيا زوجة عاهل الأردن على تويتر تقول بالعربية “مبروووووك لأسود الأطلس فرحتونا”.
وأثنى زعماء من جميع أنحاء العالم العربي على الفريق المغربي.
ووجه العاهل المغربي في اتصال هاتفي مع بعثة منتخب (أسود الأطلس) التهنئة للاعبين والجهاز الفني على تأهلهم التاريخي.
وقالت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية إن الملك محمد السادس أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع ومدرب المنتخب وليد الركراكي “أعرب (خلاله) جلالته عن أحر التهاني للاعبين والطاقمين التقني والإداري الذين قدموا أفضل ما لديهم وبصموا على مسار رائع خلال هذه المسابقة الرياضية الكبرى”.
وأشاد الملك “بالأداء التاريخي لأعضاء المنتخب الوطني الذين كانوا في مستوى طموحات وتطلعات الجمهور المغربي العريض الذي يشجعهم بالمغرب وفي قطر وفي جميع أنحاء العالم داعيا إياهم إلى الحفاظ على نفس النهج في هذه المسابقة ومواصلة تشريف كرة القدم الوطنية ورفع العلم الوطني عاليا”.
وفي الرباط، قال إبراهيم آيت بلخيت إن فرحة الفوز كانت كبيرة لدرجة أنسته خلافا مع شخص ظل يتحاشاه لسنوات ثم رآه في الشارع. وقال “لقد جعلنا ننسى شجارنا القديم”.
وارتفعت الهتافات أيضا في القاهرة وتونس وبيروت وعمان وبغداد ورام الله ومدن أخرى، حيث ابتهج العرب بالفوز غير المتوقع إلى حد بعيد على إسبانيا.
ورددت صدى الفخر العربي الذي ظهر على السطح خلال بعض المباريات التي لا تنسى للفرق العربية في مونديال قطر، على النقيض من الخلافات السياسية التي تقسم الدول العربية منذ فترة طويلة.
وخارج الملعب في الدوحة فاق المشجعون المغاربة الإسبان عددا إلى حد بعيد على ما يبدو مع حضور أكثر من 44 ألف شخص. وزغردت النساء وقرع الرجال الطبول في حفلة رقص عفوية.
وسافر مئات المشجعين المغاربة إلى قطر لحضور المباراة، وانضموا إلى العدد الكبير من المغاربة المقيمين، ووقعت بعض المشاحنات حين لم يُسمح للأشخاص الذين لا يحوزون تذاكر بدخول الملعب.
وقال المواطن المغربي طه لحروجي (23 عاما) الذي يعيش في الدوحة “نشأت وأنا أشاهد الفرق الإسبانية الكبيرة مثل برشلونة ومدريد. ولذا فالفوز على بلد كبير مثل إسبانيا هو نصر هائل للمغرب”.
وهناك حلاوة خاصة للانتصار على إسبانيا التي حكمت مساحات شاسعة من المغرب في الحقبة الاستعمارية والتي يقيم بها عدد كبير من المغاربة الآن. واحتشد المشجعون في حي رافال في برشلونة وهم يلوحون بالأعلام المغربية، ويهتفون ويشعلون الالعاب النارية (الشماريخ). وولد اللاعب أشرف حكيمي، الذي نجح في تسديد ضربة الترجيح، في العاصمة مدريد.
وقال أحمد إينوبلي وهو تونسي جزائري يعيش في الدوحة ومتزوج من مغربية “لا مستحيل” في كأس العالم. ومضى يقول مشيرا إلى الحشد الهائل والمبتهج “لدينا فريق عربي. انظروا إلى هؤلاء المشجعين. هل تعتقدون بأنهم جميعا مغاربة؟ لا فقط عرب”.
انتصار عربي وأفريقي
شاهد الأمير تميم أمير قطر المباراة من الملعب، وأشار بعلامة الإعجاب بإبهامه وأمسك بالعلم المغربي، وانهالت التهاني على الفريق الفائز من الزعماء العرب.
وهنأ رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة المنتخب المغربي.
وقال حازم آل فايز، وهو أردني كان يطلق بوق سيارته في وسط عمّان مع أصدقائه، “هذا فوز لكل العرب، لا للمغرب وحده والفرح أكبر أيضا بما أنه تحقق على أرض عربية”.
وقال حسن سالم، وهو فلسطيني يشاهد المباراة في مدينة رام الله بالضفة الغربية، “اليوم منح المغرب الفوز لجميع العرب”.
وقال رالف بيضون (31 عاما) في بيروت “أعتقد أنه فوز رائع وكانت الحاجة إليه ماسة من شبان العالم العربي وخصوصا شبان المغرب”.
وفي أحد مقاهي العاصمة التونسية، صفق المشجعون وغنوا بعد انتهاء المباراة. وقال نور الدين ساسي، الذي كان يشاهدها مع أصدقائه، “إنه فوز تاريخي والمغرب يشرف جميع العرب والأفارقة”.
وقال المصري محمد علي (35 عاما) إنه شعر بالتوتر في أثناء مشاهدة المباراة في القاهرة. وأضاف “يساعدهم اللعب في قطر كثيرا، يقف وراءهم جميع المشجعين العرب هناك”.
وفي مدينة عدن اليمنية، تابع الآلاف المباراة بترقب وتفاؤل حذر إلى أن حقق المنتخب المغربي الانتصار.
وقال هاشم المرشدي، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 51 عاما، “أسود الأطلس شرفوا العرب جميعا وأدخلوا البسمة والفرحة لقلوبنا جميعا وأنسونا أوجاع والآلام الحرب في بلدنا اليمن”.
والمغرب أيضا هو آخر فريق أفريقي متبق في المونديال والفريق الرابع الذي يصل إلى الدور ربع النهائي بعد الكاميرون في 1990 والسنغال في 2002 وغانا في 2010.
واحتفى المغرب في العقود الأخيرة بهويته الأفريقية والأمازيغية والعربية أيضا، واحتُفل بالفوز أيضا في كل الأماكن الأخرى في القارة.
وكتب نائب المجلس الحاكم للسودان محمد حمدان دقلو عبر تويتر “شكرا أسود الأطلس”، مضيفا “مبروك للجمهور العربي والأفريقي”.
وقال لحسن دامولاي، وهو معلم، وسط الحشود وهو يحتفل بفوز بلاده في وسط الرباط، “هذا حلم تحقق. فزنا، وفازت أفريقيا معنا”.