سيُكمل أوير مابيل رحلة مثيرة بدأت في مخيم للاجئين إلى أكبر حدث رياضي عالمي عندما يدافع عن ألوان منتخب أستراليا في نهائيات مونديال قطر لاحقا هذا الشهر، متخطياً مأساة شخصية خلال هذه الرحلة.
صعود هذا الجناح من بيئة متواضعة هي بمثابة الحلم لكن ابن السابعة والعشرين الذي يدافع عن ألوان قادش الاسباني لم ينس من أين أتى ويقول في هذا الصدد لشبكة “أس بي أس” الاسترالية “بلا شك كان هذا الامر (بيئته) الأساس بالنسبة إلي. لقد منحتني الكثير من القيم لا زالت معي حتى اليوم”.
وتابع “احدى هذه الميزات هي التواضع – أن ابقى متواضعاً دائماً – هذا ما تعلمته من هذه البيئة عندما كنت طفلا”.
وُلد في كينيا في مخيم للاجئين، بعد ان هرب والداه من الحرب في جنوب السودان وكان يحصل على وجبة طعام واحدة في النهار في الوقت الذي كان يسدّد حافي القدمين كرة مؤلفة من مادة البلاستيك.
ويضيف “وُلدت في كوخ، كوخ صغير، لا شكّ ان غرفتي في الفندق كانت أكبر من الكوخ الذي حصلت عليه عائلتي في مخيم اللاجئين”.
وتابع “اريد توجيه الشكر الى الدولة الأسترالية التي منحتني وأقربائي وجميع عائلتي فرصة للحياة”.
ويقول صاحب الهدف الثاني في مرمى فلسطين والأول في مرمى سوريا بتسديدة رائعة ضمن الجولتين الثانية والثالثة من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم في قطر، لدى شرحه عن مؤسسة “بيرفوت تو بوتس” (من حفاة الأقدام إلى ارتداء أحذية) التي أنشأها لتقديم الأحذية لأطفال المخيمات “انتقلت عائلتي من السودان إلى كينيا بسبب الحرب في 1994. بعد عام وُلدت في المخيم وعشت هناك 10 سنوات قبل الانتقال الى استراليا مع أقربائي في 2006”.
الضيق والطفولة القاسية طبعا حياة الشاب الخجول في كينيا.
روى في حديث لشبكة “بي بي سي” معاناة عائلته اليومية “كل شخص كان يحصل على كيلوغرام من الأرز وبالتالي 4 كيلوغرامات للعائلة و3 كيلوغرامات من الحبوب، لذا كانت القسمة صعبة. كنا نحصل على وجبة طعام واحدة ليلا وفي باقي الأوقات يجب أن تجد حلولا بنفسك”.
بدأ يمارس اللعبة بعمر الخامسة في مخيم كاكوما التابع لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ثم تابع مانشستر يونايتد الإنكليزي مع مدربه الأسطوري السير أليكس فيرغوسون من خلال دفع دولار اميركي واحد لمشاهدته على التلفزيون على بعد ساعتين من كوخه “إذا لم أكن قادرا على الذهاب كان علي التأكد من ذهاب أحدهم لإبلاغي بالنتيجة”.
عاش مأساة وفاة شقيقته في حادث سير خلال مشاركته في كأس اسيا عام 2019 في ابو ظبي، ما جعله تحت الصدمة.
– “هذه فرصتي” –
قسوة الحياة منحت مابيل فرصة أخرى عندما انتقل في 2006 إلى أستراليا ضمن برنامج انساني “قلت لنفسي +هذه هي فرصتي، إذا عملت جاهدا كل شيء يمكن أن يحصل ويمكنني مطاردة أحلامي+”.
بفضل كرة القدم تعلم الانكليزية وبدأ يعبر عن مشاعره، فتعاقد بعمر السادسة عشرة مع نادي أديلايد وأحرز معه لقب الكأس في 2014.
صحيح أنه واجه بسبب لون بشرته عنصرية دائمة وتنمراً في حياته الجديدة، على غرار تهجم أحد جيرانه عليه مطالبا إياه بالعودة الى بلاده، إلا انه فخور بتمثيل أستراليا “بعض الناس عنصريون لكن هذا البلد للجميع”.
بعدها بدأت مرحلة جديدة من حياة مابيل، فودع أستراليا المنضمة الى الاتحاد الآسيوي عام 2006 متجها إلى القارة العجوز. بفضل سرعته ومهارته بالمراوغة، انضم الى نادي ميدتيلاند الدنماركي عام 2015 بعمر العشرين، وأعير في أول موسمين في الدنمارك والبرتغال حيث هبط نادياه إلى الدرجة الثانية.
سقوط لا يقارن بما واجهه اللاعب في طفولته “رحلت بعمر التاسعة عشرة وكنت أتوقع أن ألعب فورا. لكن في الواقع لم أكن جاهزا للكرة الأوروبية. الهبوط مرتين كان صعبا علي من الناحية الذهنية”، متابعا “لن أغير ذلك، لأن ما حصل جعلني أقوى وأقدر الأوقات التي أعيشها الآن”.
يختم “كرة القدم خدمتني كثيرا، أريد رد الدين للاطفال.. الهدف البعيد الأمد هو أن نجعل حياة اللاجئين أكثر سهولة”.