بعضهم قال لي إنني تحاملت كثيرا في مداخلاتي التلفزية على المدرب راضي الجعايدي. أنا لم أتحامل عليه، وعودوا إلى آخر ما كتبت في هذا الركن بالذات لتتذكروا أنني كنت اشكر جهده وأطلب له الإمهال. لم يحصل سابقا أن جلست مع الرجل أو حتى ترشفت معه كأس ماء، لكن حين قدم إلى الترجي لاعبا يافعا، وحين لم يكن أحد يعرفه، وكنت من أكثر المعجبين به، دافعت على حقه كي يلعب أساسيا و فضلته على الهيشري ونعتني البعض بالجنون وقالوا إنني لا أفهم في الكرة شيئا، والمقالات مازالت موجودة والحمد لله أن المكتوب لا يمحي. ثم كان الجعايدي كلاعب يشق طريقه بنجاح و يتحدى، و كنت أنتشي بنجاحه لأتحدى به من نعتني بالجنون، ولم يكن هناك من عشق اللاعب راضي الجعايدي مثلما عشقته، لقد كان عندي نموذجا للنجاح وقهر العوائق. لذلك ، حين عاد للترجي مدربا كنت أتمنى أن يعيد نفس تلك المسيرة الناجحة التي حققها كلاعب. تابعته بانتباه، حاولت فهمه، بحثت له عن المبررات، لكن خاب ظني في الأخير. جمعت عنه من أخبار تعامله مع محيطه ومع لاعبيه ما لا يتصور أنني علمته، وكنت مع كل جديد تتعاظم خيبة ظني. واستمرت حيرتي ليزداد معها استيائي حتى بلغ السيل الزبى وصار من غير المعقول أن أسكت وأنا الذي ما سكت زمنا كان فيه الكلام بالإذن. أصبح السكات ضربا من ضروب قلة الرجولة والمخادعة والكذب و الضحك على الذقون، وأصبح الكلام واجبا، وربما كان كلامي قاسيا لكنه لم يكن أقسى من خيبة الظن التي أصبت بها وأنا أتابع رجلا يرفض أن ينجح رغم ما توفر له من إمكانيات كافية لتحقيق المستوى الأدنى من النجاح. الجعايدي نزل بنفسه وبالترجي إلى ما تحت الأدنى، أفلا يستحق هذه القسوة!!! من يريد له الخير لا بد له أن يقسو عيه حتى يراجع نفسه و يتفادى نقائصه و ينزل من برجه “المزفت” إلى الأرض ليعرف أنه بتجربته الإنجليزية والأمريكية وحتى إن أضاف إليهما تجربة في “النازا” فإنه لن يبلغ الجبال طولا. لا بد له أن يراجع الطريق التي بدأ في انتهاجها لأنها لن توصله إلى شئ. لا بد لراضي الجعايدي أن يعود إلى أحضان راضي الجعايدي، وقتها يمكنه أن يبدأ الإنطلاقة الحقيقية، إلا فهنيئا له بما هو فيه إن كان ذلك هو الذي يرضيه. وإذا كان الجعايدي يظن أن “انقلزة” شخصيته ستفيده ليصنع مسيرة مدرب كبير، فليلتفت إلى جانبيه لينتبه إلى أن الأندية الكبرى في انقلترا نفسها لم تعد تعول على المدرب الإنقليزي، اليوم في أنقلترا، الحدث يصنعه كلوب و غوارديولا و توخيل.