“مساهمتك وشغفك جعلا هذا الأمر ممكنا”، بهذه العبارة توجّه المدرب الألماني لتشلسي الإنكليزي توماس توخل إلى مالك النادي الروسي رومان أبراموفيتش اثر تتويج النادي اللندني بكأس العالم للأندية في ابوظبي الشهر الماضي، رافعا عدد الألقاب في عهد رجل الأعمال الثري إلى 19 لقبا منذ أن اشتراه عام 2003.
لكن وبعد أسابيع قليلة من هذا التتويج، بات مستقبل أبراموفيتش وتشلسي على المحك بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وقُرب الاخير من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان أبراموفيتش سلّم “إدارة ورعاية” النادي الى مؤسسة أمناء النادي الخيرية، وفق ما جاء في بيان نشره أبطال أوروبا قبل ثلاثة أيام.
وجاء في بيان على الموقع الرسمي للفريق اللندني عن لسان أبراموفيتش “خلال قرابة 20 عامًا من ملكية نادي تشلسي، كنت دائمًا أنظر إلى دوري بصفتي حارسًا للنادي، الذي تتمثل مهمته في ضمان نجاحنا كما نحن اليوم، بالإضافة إلى البناء للمستقبل ولعب دور إيجابي في مجتمعاتنا”.
وتابع “لطالما اتخذتُ القرارات مع مراعاة مصلحة النادي قبل كل شيء. ما زلت ملتزمًا بهذه القيم. لهذا السبب أعطي اليوم لأمناء مؤسسة تشلسي الخيرية إدارة ورعاية نادي تشلسي”.
وختم “أعتقد أنهم حاليًا في أفضل وضع لرعاية مصالح النادي واللاعبين والجهاز والمشجعين”.
وتقدر ثروة أبراموفيتش (55 عاما) بـ13.6 مليار دولار بحسب آخر أرقام مجلة “فوربس” المتخصصة.
وأكد توخل اثر خسارة فريقه نهائي كأس الرابطة الإنكليزية أمام ليفربول بركلات الترجيح الأحد بإن ادارة النادي اليومية لن تتأثر بوجود المديرة مارينا غرانوفسكايا والمدير الفني والمستشار التشيكي بتر تشيك حارس مرمى الفريق سابقاً.
وكشفت صحيفة “ذي تيليغراف” وشبكة “بي بي سي” عن وجود بعض القلق بين أمناء مؤسسة تشلسي بشأن الآثار القانونية والأضرار التي قد تلحق بسمعتهم في حال توليهم هذا الدور.
ولم يكن أبراموفيتش بين اسماء طالتها العقوبات البريطانية لأفراد ومؤسسات روسية مقربين من الرئيس الروسي، لكن النائبة البريطانية من الحزب الليبرالي الديمقراطي ليلى موران استخدمت الامتياز البرلماني الأسبوع الماضي لتسمية أبراموفيتش كواحد من 35 “شخصية داعمة” للرئيس فلاديمير بوتين الذي يجب أن تتم معاقبته شخصياً من قبل بريطانيا.
-مستقبل غير واضح-
وفي حال تمت معاقبة ابراموفيتش، سيصبح مستقبل تشلسي غير واضح. ولفت المحامي الرياضي ستيفن تايلور هيث “في السياق القانوني، لا تعني الوكالة أكثر من وظيفة الإشراف أو العناية بشيء ما، أي بمعنى القيام بوظيفة “القائم بالأعمال”.
وأضاف “إذا أمرت الحكومة بعدم ادارة ورعاية أبراموفيتش للنادي، فسيتعين على الدوري الإنكليزي على الفور تحليل ما إذا كانت ملكية النادي قد تم نقلها بالفعل إلى امناء النادي”.
وأظهرت أحدث الحسابات من شركة فوردستام المحدودة أن القروض الميسرة من أبراموفيتش للنادي قد تجاوزت حاليا 1.5 مليار جنيه استرليني (2 مليار دولار). نتيجة لذلك ، استفاد تشلسي من عقدين من النجاح غير المسبوق.
كان الفريق الذي يطلق عليه لقب “بلوز” توج بطلا للدوري الإنكليزي مرة واحدة (1955) قبل قيام أبراموفيتش بشرائه وبدء موجة الاستثمار الأجنبي الكبير في كرة القدم الإنكليزية وساعد في ارتفاع بدل انتقالات واجور اللاعبين بشكل خيالي.
وخلال موسمين بعد شرائه، توج تشلسي بطلا للدوري الانكليزي قبل أن يرفع عدد القابه الى خمسة حتى الآن في عهده. خلال سنوات المجد الأولى بقيادة المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو، كان رجل الاعمال الروسي يتواجد بشكل دائم في ملعب “ستامفورد بريدج”، لكن البرتغالي دفع ثمن براغماتية أبراموفيتش مرتين من خلال اقالته من منصبه.
ولا يتردد أبراموفيتش في إقالة المدربين وقد استعان ناديه بـ13 مدربا خلال 19 عاما من عهده.
بيد ان أبراموفيتش غاب كليا في السنوات الأخيرة عن متابعة مباريات فريقه وطرحت أسئلة حول ما إذا كان سيتم الحفاظ على اهتمامه بعد التأخير في تجديد تأشيرة العمل في بريطانيا، مما جعله يسحب طلبه في عام 2018.
ما لبث أن تم تجميد خطط إعادة تطوير ملعب “ستامفورد بريدج” بعد ذلك بوقت قصير. لكن في المقابل، تخطى تشلسي تداعيات جائحة فيروس كورونا وتأثيرها على الاحتياطيات النقدية للعديد من الأندية الأخرى في جميع أنحاء أوروبا، من خلال انفاق مبلغ قدره 220 مليون جنيه استرليني في نافذة الانتقالات الصيفية لعام 2020. وقد أتى هذا الاستثمار بثماره بالفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الثانية العام الماضي. حضر أبراموفيتش المباراة النهائية ضد مانشستر سيتي في بورتو واحتفل بالتتويج مع اللاعبين على أرض الملعب.
تكرّر المشهد في 12 فيفري في أبوظبي، عندما فاز تشلسي بكأس العالم للأندية للمرة الأولى ليكمل مجموعة من التتويجات بكل كأس كانت متاحة في عصر أبراموفيتش.
وغرّد النادي على حسابه على تويتر إلى جانب صورة للمالك وهو يحمل الكأس عالياً “صورة مثالية”.
لم يكن أبراموفيتش سيحضر للاحتفال لو نجح تشلسي في احراز كأس الرابطة ضد ليفربول على ملعب ويمبلي الأحد (خسرها بركلات الترجيح) حيث اجتمع اللاعبون والجماهير لإظهار التضامن مع أوكرانيا.
وأثار بيان تشلسي الصادر صباح الأحد بعنوان “الصلاة من أجل السلام” دون ذكر روسيا ولو مرة واحدة انتقادات للنادي. بعد سنوات من استفادته من أموال أبراموفيتش، من المحتمل أن يواجه تشلسي الآن تكلفة محاولة إبعاد نفسه عن الرجل الذي وضعه بين أندية النخبة في أوروبا.