حتى لو فازت الجزائر أمس على سيراليون بذاك الأداء ما كنت سأتردد لحظة في الجزم بأن منتخب الجزائر الذي شاهدناه في كأس العرب بالدوحة كان أفضل بكثير من منتخب أمس المدجج بالمحترفين.
في الدوحة امتعنا منتخب الجزائر أداء وروحا وواجه أصعب المنتخبات العربية وهزم قطرالمنتخب المضيف الذي مازال يحمل على رأسه تاج آسيا برغم أنه اعتمد على لاعبين ينشطون في بطولات عربية. ولو كنت مكان بالماضي مدرب الجزائر لاعتمدت في مباراة سيراليون على التشكيلة التي لعبت في الدوحة. فهذه التشكيلة التي هزمت أقوى المنتخبات العربية لا أعتقد أنها ستعجز أمام السيراليون مع احترامي لطموح هذا المنتخب.
لقد كان أجدى في اعتقادي أن يوظف بلماضي مغانم البطولة العربية وأهمها الانسجام الذي لاح في فريق الدوحة على أن يتم اقحام محترفي أوروبا تدريجيا ومع تقدم فعاليات البطولة الأفريقية إن لزم الامر لكن يبدو أن وضع لاعب مثل رياض محرز وأصحابه خارج التشكيلة هو ضرب من ضروب الخيال الذي لا يعطي الأولوية إلا للظاهر و المظاهر.
لست اشكك في قيمة محترفي الجزائر، لكنني أعتقد أن عدم توفر الوقت لبلماضي وغيره من مدربي المنتخبات العربية الإفريقية لإجراء الاستعدادات الكافية للبطولة الأفريقية يحتم استثمار مجريات البطولة العربية و التعويل على النسق و الانسجام الذي جناه اللاعبون فيها و جعله اولوية يبنى عليها الفريق و هكذا يضمن المدرب ربح الوقت و يضمن أيضا دعما من فيلق المحترفين يتم الاستنجاد به متى دعت الحاجة إلى ذلك.
نفس الحديث أود أن أقوله للمدرب المنذر الكبير ولو أنه حصل ما في الصدور الآن. كان بإمكانه فقط اقحام الخزري بدل الجزيري العائد من إصابة كورونا وإقحام حارس المرمى الجديد مع المحافظة على البقية التي قدمت أداء جيدا في الدوحة لفت نظر المتابعين وأطرب الجمهور التونسي.
لعل التبريرات التي ستقدم للاعتراض على هذا الرأي هي تبريرات الخبرة و الاحتراف التي تميز لاعبي أوروبا. لكن ما فائدة المحترف اذا لم ينل الوقت الكافي للاستعداد والانسجام مع بقية المجموعة؟ السنا نقول دائما إن كرة القدم لعبة جماعية و إن منتخب تونس ليس له نجوم عالميون لكن له مجموعة صلبة يعول عليها؟
أسالكم مثلا: هل رأيتم صلاح في مباراة مصر يوم أمس ضد نيجيريا؟ أنا بحثت عنه فلم أجده. فهل أصبح صلاح بين عشية وضحاها مجرد لاعب عادي و لم يعد ذلك اللاعب الذي تم ترشيحه للفوز بالكرة الذهبية؟
لا أعتقد , لكن في الحقيقة أن الإطار الذي وجد صلاح فيه نفسه يوم أمس هو إطار مختلف تماما عما تعود عليه في فريقه ليفربول لذلك كان طبيعي أن يتراجع الأداء فلا نرى من صلاح سوى الشبح.
أعود إلى الجزائر لأقول إن نتيجة أمس دخلت طي التاريخ و إن “المحاربين” سيكونون في الموعد مع الدور الثاني إن شاء الله لكن على بالماضي المعروف بشجاعته أن يجسد هذه الشجاعة في الاختيارات و أن يضع في تشكيله الأنسب للمجموعة قبل الأفضل فرديا ليضمن بذلك التكامل المطلوب. مع تمنياتي أن لا يحصل لمنتخب تونس ما حصل لمنتخب الجزائر بسبب التوجه نفسه وهو إعطاء الأولوية لمحترفي أوروبا دون ضمان الجاهزية التامة لذلك.