رياضة, سياسة

إيتو-كان(1): هل الكاميرون جاهزة ؟ السؤال المُعَلَّقْ !

إيتو-كان 1

هل الكاميرون جاهزة ؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تختلف كثيرا عن وصف سماء مدينة دوالا التي نزلت بأرضها بعد ظهر أمس الجمعة بعد ليلة في القاهرة قادما من تونس .. لا تستطيع أن تميّز أشعة شمس العاصمة الاقتصادية للكاميرون بسهولة، تماما مثل صعوبة تمييز خيوط الضوء المنسدلة من قمرها.. ذلك أن توليفة الرطوبة العالية مع سحابة التلوث تجعل النظر إلى سماء دوالا مسألة ضبابية تماما مثل النظر إلى مرآة جاهزية البلد المنظم لكأس إفريقيا للأمم 2021 +1.. ليس بالإمكان التمتع بسحر شمس دوالا ولا بجمال القمر في سمائها فضباب كوكتيل التلوث والرطوبة يشكل عائقا لا يستهان به أمام الراغب في مشهد رومنسي على ضفتي نهر «لاديباممبا» الذي يحيط بدوالا ويشق كبد غابتها..نفس الأمر ينطبق على «الكان» التي تعود إلى الكاميرون بعد غياب نصف قرن بالتمام والكمال(كأس إفريقيا للأمم الوحيدة التي نظمها بلد روجي ميلا كانت سنة 1972).. ولهذا فإن تحديد جاهزية الكاميرونيين لتنظيم المسابقة الأهم في كرة القدم الإفريقية تبقى مسألة «مطاطية» جدّا يكذب جدّا جدّا من يريد أن يقنعك بأنه يملك الإجابة القاطعة فيها فالمسألة أعزائي تقبل القسمة على اثنين بل هي مفتوحة على مصراعيها ويمكن ولوجها من عدة منافذ سأحاول أن أعطيكم لمحة على المنفذين الرئيسيين إليها ..

المنفذ الشمالي: لا.. الكاميرون ليست جاهزة

بالنسبة إلى شمال الكاميرون انطلاقا من بعض بلدان القارة السمراء (أهم بلدان شمال إفريقيا تحديدا)، وصولا إلى بلدان البطولات الكبرى لكرة القدم في أوروبا فإن البلد المنظم لكأس إفريقيا للأمم التي تنطلق غدا في ياوندي غير جاهز بتاتا لتنظيم البطولة. ويملك «فريق» المنفذ الشمالي (برعاية العرّاب جياني إينفانتينو) عدة حجج في شكل قوالب جاهزة لإقناعك بأن الكاميرون ليست جاهزة ، أهمها حجة البنية التحتية، فالملاعب غير مكتملة وأولها ملعب ليمبي الذي سيحتضن مباريات المنتخب التونسي في الدور الأول والذي لن تستطيع لجنة التنظيم المحلية إنهاء السور المحيط بها وسيتم الاعتماد على حائط بشري من رجال الأمن لتعويضه أيام المباريات.. أما عن المطارات والفنادق والمستشفيات والطرق الرابطة بين المدن فحدث ولا حرج، فكلها غير مؤهلة نظريا وتقنيا لاستقبال الثلاثة وعشرين منتخبا التي أتت للمنافسة، إلى جانب منتخب الأسود التي لا تروّض، على التاج القاري.. وطبعا يرمي فريق المتفذ الشمالي برعاية «موصولة» من رئيس الفيفا حجة المسألة الأمنية َمثلما يرمي لاعب «الشكبة» ورقة «السبعة الحية» عندما يرغب في حسم «الطرح».. فالأمن عند الجماعة «في خطر» بسبب الانفصاليين الأنڨلوفون في بوا – ليمبي وما جاورها و«بوكو حرام» في أقصى الشمال وتنظيم الدولة الإسلامية في محيط بحيرة التشاد.. وطبعا لا يخلو الأمر عند حرّاس المنفذ الشمالي من التنبيه لخطورة أوميكرون على كينونة الكان، فالمتحور الجديد لفيروس كوفيد يحمل سمعة سيئة بشدة انتشاره بين لاعبي كرة القدم، مما يشكل تهديدا جديدا لمسار المنتخبات المشاركة في كأس إفريقيا.

 المنفذ الجنوبي: نعم.. الكاميرون جاهزة

أما بالنسبة للكاميرون نفسها وجيرانها ثم جنوبها جغرافيا وجنوبها «عاطفيا» فإن بلد عيسى حياتو ليس فقط جاهزا لكأس إفريقيا للأمم بل إن المسألة أعمق من هذا، فحرّاس المنفذ الحنوبي يؤمنون بأن كرة القدم الإفريقية عادت إلى مهدها بعد غياب خمسين عاما، فالبلد الفائز بهذه البطولة خمس مرات بقي ينتظر منذ 1972 عودة الكان إلى أرضه، بل إن هذه العودة تأجلت مرتين بعد أن كانت مبرمجة سنة 2019 ثم غيرت طريقها إلى مصر، ثم كانت منتظرة في 2021 ولكن كورنا حكمت بالتأجيل مرة أخرى.. بل إن موعد 2022 نفسه بقي متأرجحا بين و الشك واليقين حتى أيام قليلة قبل جانفي الحالي، بسبب طعنات جياني إينفانتينو في الكواليس خدمة لمصلحة فريق المنفذ الشمالي الذي رغب بشدة في  إرضاء الأندية الأوروبية التي ضغطت من أجل إفشال كان الكاميرون حتى تحافظ على لاعبيها الأفارقة في هذه الفترة الحاسمة من الموسم.. ثم جاء صامويل إيتو فيس.. جاء أسطورة الأسود الكاميرونية فتنفس فريق المنفذ الشمالي الصعداء.. فمنذ انتخاب النجم السابق لبرشلونة الإسباني الشهر الماضي رئيسا جديدا للاتحاد الكاميروني لكرة القدم انقلبت المعطيات كلها رأسا على عقب وعاد أمل الكان للكاميرونيين.. والحقيقة أنني اخترت للتغطية اليومية لموقع «زاجل» اسم «إيتو-كان» عن وعي تام بأنها «كان» صامويل إيتو بلا جدال ولولا إمساكه بمقاليد الحكم في كرة القدم الكاميرونية لم تكن كأس إفريقيا للأمم لترى النور (على الأقل في موعدها)، ولولا وقوفه أمام دسائس إينفانتينو وضغط اللوبي الأوروبي (راجع حواره مع كنال بلوس) لما كانت البطولة لتبدأ غدا في ملعب إوليمبي.. فقد أجبر إيتو رئيس الكاف الجديد باتريس موتسيبي على الانصات إليه ثم دعمه ومساندته بعد أن أقنعه أن الكاميرون جاهزة وقادرة على التنظيم، صحيح أنها لا تملك جاهزية مصر والمغرب وجنوب إفريقيا ولكنها أيضا ليست أقل شأنا من الغابون وغينيا الاستوائية وأنغولا وغانا التي احتضنت البطولة في العقدين الأخيرين.. ثم أن المواضبين على حضور بطولات إفريقيا للأمم يعرفون جيدا أن نكهة «الكان» الحقيقية لا تتم دون طرق وعرة تشق بها الغابات الاستوائية أو الصحراء ودون ملاعب شبه مكتملة تحيط بها أحياء قصديرية ودون مطارات تشبه محطة باب عليوة عندنا ودون مستشفيات يتلقى فيها المرضى علاجهم في العراء أو تحت أسقف من الألمنيوم..

 الحسم بين الفريقين مؤجل

من الطبيعي أن ينتظر القارئ مني حسم الجدل بإبداء رأيي حول جاهزية الكاميرون لتنظيم كأس إفريقيا للأمم ولكن «إيتو-كان» يؤجل الحكم إلى نهاية البطولة بعد ان نعرف ما لها وما عليها وهذا ما ستكتشفونه تباعا في حلقات «إيتو-كان» القادمة.. 

Tagged , , , ,

About طارق الغديري

صحافي تونس مؤسس ورئيس تحرير الموقع الإلكتروني التونسي www.zajel.tn وهو ممثل تونس في التصويت على جوائز "الأفضل" للفيفا FIFA Awards منذ إنشائها سنة 2017
View all posts by طارق الغديري →