شعاع من مارج (6): هكذا يروننا وهكذا نرى أنفسنا

خلال ندوة صحافية منذ يومين، قال جمال بلماضي مدرب المنتخب الجزائري، إن فريقه إذا ما عبر دور المجموعات فإنه سيجد نفسه في مواجهة نيجيريا، أو مصر أو مالي أو تونس، وأشار انه مهما كان المنافس من بين هؤلاء فإن المباراة ستكون نهائيا قبل الأوان وواصل حديثه مؤكدا أن المنتخبات الأربعة المذكورة مرشحة بقوة للوصول إلى النهائي.
نعم هكذا ينظر المدرب القدير جمال بلماضي إلى منتخبنا التونسي رغم فوز الجزائر علينا وديا ورسميا في العام الذي مضى.
بلماضي الذي كان يتحدث إلى صحافيين جزائريين، لم يكن في لقاء مجاملات، بل كان يحلل الأمور معتمدا على مشاهدات وقراءة لها أسس ولها معطيات لا أعتقد أن الملاحظ العادي يدركها أحسن منه. وعندما يضع هذا المدرب منتخبنا ضمن المنتخبات المراهنة فإنه يعترف بإمكانياته سواء من حيث اللاعبين أو من حيث تاطيرهم واستعمالهم فنيا وتكتيكيا. أكثر من ذلك فإنه لا يعتبر الهزيمة ضده أمرا مفاجئا ولا الفوز عليه أمرا مضمونا.
هكذا ينظر إلينا واحد من قادة أشرس المنتخبات منافسة.. نعم هكذا يقومنا صانع ملحمة الخضر في النسخة الماضية من المنافسة القارية. وهكذا يصنفنا واحد حصل حول شخصه إجماع بأنه الأفضل في الوقت الحالي وأنه أعاد بعث منتخب الجزائر و قدمه في شكل عانق الإبهار.
وعندما نقارن هذا الرأي بما يقوله أهل منتخبنا عن منتخبنا فإننا نصاب بصدمة تفقد الواحد منا وعيه.
منتخبنا في نظرنا نسور منتوفة الريش لا حول لها ولا قوة.
منتخبنا في جلسات مقاهينا لا علاقة له بالكرة ولا أمل له في اي دورة حتى وإن كانت دورة أحياء.
منتخبنا في بلاتوهاتنا هو فقط فضاء بيع وشراء ومصالح وحيف وظلم وحسابات خاصة.
منتخبنا ليس له مدرب في المستوى وأنه لا بد من عزله و جلب مدرب أجنبي كبير مكانه.
و الخطير أنك تسمع مثل هذا الكلام حتى من بعض الوجوه القريبة والمحيطة بالمنتخب لتجد هذه الوجوه بعد ذلك هي الأسبق في الرحلات وفي الظهور و الركوب على الاحداث حين تكون هناك نتيجة إيجابية، و الطامة الكبرى هنا، بل هنا مربط فرس ما يحاك من عمل لا ينفع الا لجر المنتخب الى الوراء و التهديد بتبديد احلامه و تقويض آماله.
وبعيدا عن الجزائر دعونا نلق نظرة على الحوار المطروح على طاولات نقاش إخوتنا في الخليج والشرق في إطار تقويم مجريات البطولة العربية.
انهم يتحدثون عن جدوى الاعتماد على المدرب المحلي للإشراف على المنتخبات عندهم مستشهدين في ذلك بالمستوى الجيد الذي ميز منتخبات تونس والجزائر والمغرب. يعني أنهم يؤمنون أن وجود منذر الكبير في تونس وجمال بلماضي في الجزائر والحسين عموتة في المغرب هو أجدى من وجود فان مارفيك وما أدراك في الإمارات ووجود كيروش وما أدراك في مصر ووجود برانكو وما أدراك في عمان، دون الحديث عن تكلفة هؤلاء المادية مقارنة بأولئك.
هكذا يتحدثون وفي هذا يتناقشون، أما نحن فهنيئا لنا بإتقان فن “تقطيع وترييش” كل كفاءة تونسية تسعى لتقديم شيء لهذا الوطن ليس في الكرة فقط، بل في كل المجالات. هنيئا لنا بقدرتنا على وضع العصي في العجلات لابن الوطن حتى ندفع به إلى كره وجوده في وطنه.
وما المشكل في أن يكره وجوده في وطنه و قوارب الموت في الانتظار ؟؟؟