كم أنا سعيد بهذا اللقاء الذي يتجدد مع أخي الأصغر وصديق العمر، الذي جمعتنا عشرة أكثر من عقدين، عشنا فيهما معا متعة مراودة هذه الغانية الملعونة التي مازالت تأسرنا في شباك حبها و تنتزع مسكنها انتزاعا في قلوبنا فلا نستطيع إلا الانحناء لأوامرها رغم أنها لم تجد علينا و لو بقبلة ترسلها مع الهواء.. الصحافة يا أخي طارق.. أليست هي التي حددت طريقنا و مازالت تفعل؟ أليست هي التي أحببنا فما جنينا من حبها سوى التمني؟ أليست هي التي بايعنا حاكمة بأمرها.. آمرة ناهية على عرش عمرنا.. فصرنا لا قوة لنا الا بها؟..
ألم نسهر من أجل رضائها إلى الفجر؟ ألم نطلّق كل الفرص و كل الملذات و كل المتع حتى لا نغضبها؟ ألم ننازع من أجل عرضها و شرفها القوي و الجبار و المتسلط و كل من سوّلت له نفسه اغتصابها و افتضاض غشاء بكارتها..؟ تذكّر يا طارق.. تذكّر وأدعُ رفيق دربنا ياسر بالحاج ليتذكر معنا كيف أن هذه الغانية، وبعد كل الذي فعلنا من أجل رضائها تسلط علينا شرذمة أبناء كلب حاولوا عضّ الأيادي التي وهبت بسخاء و عطاء، سينزل عليهم بإذن السميع العليم دمارا يزيدهم فرقة فوق فرقتهم لتتواصل حياتهم كما عهدناها خوفا من دبّة النملة في الصحراء.. تماما كما السراق المذعورين من طيف خيال لهم عكسه نور القمر الذي سيشعّ حتما ليكشف قبح عوراتهم و دناءة أفعالهم و سقوطها إلى قعر بئر الرذالة و الخسة و نكران المعروف..
لا تبتئس يا أخي.. ففي نهاية الأمر مازلنا على عهد الإخاء و الود نعيش بأمل و ابتسامة عريضة غير عابئة بالكون كله، و مازالوا لا يرقدون و لا يهنؤون ولا يتمتعون و لا يحبون ولا يستريحون و لا شرف لهم أو رجولة يتباهون بها حتى مع نسائهم في مخادعهم الموبوءة.. مازلنا نضحك ملء الأعماق.. ومازالوا يتبادلون ضحك النفاق.. مازلنا نتمتع بالود و الاتفاق.. ومازالوا يتذوقون الكره و الشقاق.. مازلنا نأكل و نشرب خيرا و باستحقاق.. ومازالوا يتلذذون موائد السراق.. فهنيئا لنا بنصيبنا الطيب.. وليهنؤوا بنصيبهم علقما يزيد حياتهم البائسة مرارة فوق مرارتها..
وها إنني ألتحق بك يا أخي لنواصل مطاردة غانيتنا التي فعلت بنا الأفاعيل.. سنواصل مطاردتها و مراودتها حتى تدرك أننا الأصدق حبا والأنبل فعلا.. وسنكرر المواصلة مادمنا على قيد الحياة حتى و إن قذفتنا غانيتنا مرة أخرى بين يدي عائلة كلب آخر.. فلن يكون أكثر “كلوبية” مما سبق..